ليس من المحبذ أن ندخل في كل كتابة نكتبها في تفاصيل ما جرى ويجري في سوريا، لذا ندخل سردا مباشراً الى المجريات الحالية فتلك الخلفيات، باتت عناوين مستهلكة وبكثرة، ولان الواقع يفرض علينا أن نروي ما يجري الآن لا ما جرى منذ عشرة سنوات أقل ما فيه أننا نبشر انفسنا خيراً بأننا نعاصر العالم في كتاباتنا، أو أن نواكب الرصاصة الإعلامية العالمية فلا نموت بها.بدايةً الارتزاق مهنة وصنعة القادة السوريين، والانفصاليين مرتزقة!!
يخيل لك في مشاهدة الواقع السوري أن كتلة من الكرد انفصلوا عن سوريا وبنوا لأنفسهم مؤسسة عسكرية وأمنية وإدارية، وأخرجوا تلك المناطق عن الحدود السورية وبدأوا ببناء علاقات دولية، لكثرة ما يروّج له كل من النظام السوري والمعارضة السورية التي هي في الواقع جمعية لصوصية متطرفة، ولا يغفل ذلك على بعض الدول أصحاب النظام الإعلامي العالمي، غير انه من الممكن أن يغفل على السوريين والشرق أوسطيين، لكن ما أن تخوض في البحث عن الحقائق حتى يتبين لك أن كلا الطرفين حولوا سوريا من ثورة الجياع إلى بؤرة للارتزاق والانفصال والتطرف والإرهاب.
https://alshamsnews.com/2022/03/%d8%b3%d9%8a%d9%86%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%88%d8%b7%d8%a9-%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%a3%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b9.html
وليس أكثر برهاناً ما يجري الآن في أوكرانيا وما جرى في قره باغ وليبيا واليمن، وما إن انطلاق شرارة الحرب في قره باغ او ليبيا حتى اطلق الثوار عنان ثورتهم وانطلقوا الى مسلخ الإبادة التركي في البلدين، بينما راح النظام يسخّر شاشته الإعلامية لتعظيم بطولات الحوثيين في اليمن، تاركاً الشعب السوري يتوسد العراء ويبتلع التراب جوعاً.
هذه المجريات والأحداث أثبتت ارتزاق مهنة السلطات السورية وصنعتها سواء كانت المعارضة المتطرفة أو كان النظام السوري، نظام التطوير والتحديث، الذي لم يحدث أو يطور شيء سوى أساليب التعذيب في السجون، وطور طرق القتل بالبراميل والسيخوي والمدفعية، وغيرها من أساليب التعامل الوحشية المطورة والمحدثة مع شعبه السوري.
سوريا مسرح الجريمة وساحات دمشق خير برهان
مع انطلاق الحرب في أوكرانيا كلنا توقعنا سقوط تلك المدينة الصغيرة “كييف” بيد الروس، لكن نظام بشار الأسد الذي يوصف بالتطوير والتحديث ملئ ساحات دمشق بالوريقات المطورة التي أظهرت نخوة بوتين ورقته في التعامل مع الشعب الأوكراني، كما هي معاملة السيخوي والمدفعية السورية مع شعب التطوير والتحديث، لم تسقط كييف وراحت تكلفة تلك اللوحات سُداً، ولا تزال كييف والشعب السوري يعانون المر ذاته بينما يخرج معاون الأسد ليقول أن الشعب السوري متعاطف مع بوتين وأن في كييف انفصاليين وأن سياسة النظام المالي العالمي ستفشل أمام الثورية الرقمية للمرتزقة السوريين، وأرسل أول حفنة من المرتزقة “الدفاع الوطني” إلى أوكرانيا ليكونوا أول من حول مسرح الجريمة السورية من سوريا إلى كييف ولمشاركة إخوانه في جيش الثوار المقاتلين الى جانب أوكرانيا ضد الروس.
https://alshamsnews.com/2022/03/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%b4%d9%8a%d8%b4%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d9%87%d9%84-%d8%aa%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%b1.html
دلالات هذا الشيء في الواقع السوري تشير إلى أن من يريد الحل في سوريا يذهب إلى أنقرة وموسكو وليس دمشق او شيخ الحديد، او حتى إدلب المتطرفة، فكلٌ من هاتين العاصمتين انتقت من بين السوريين أكثرهم خدمة وطاعة وراحت تمده بالسياسة والسلاح على حدٍ سواء وجعلتهم ديوكاً مطيعين لأوامرهم.
والمريع المذهل في الموضوع عندما يخرج هؤلاء القادة الإعلام مخاطبين الرأي العام أنهم الحل الأمثل وانهم القادة الطموحين وأن سيوفهم مسلطة على كل من يمنع موت الشباب السوريين في ليبيا او قره باغ او أوكرانيا والبراهين كثيرة وكثيرة.
أوكرانيا جعلت من الحل السوري مستحيلاً ودمشق انتهت
اذا اختصر صراع الأبطال في سوريا وعلى لقمة عيش الشعب السوري فقط لكان من الممكن أن نخوض الآن في حوار سوري سوري أو في البحث عن حل سوري، لكن الآن هناك مشكلة أكثر استعصاءً وهي من ينقل تلك البضائع التي “اعتفشها”
وكلمة اعتفاش تأتي من التعفيش وهو مصطلح خاص بقيم الثورة السورية والنظام السوري وتأتي بمعنى سرقة أثاث المنازل، خلاصته .
الحرب أصبحت اكثر اتساعاً واكثر صعوبةً ومن يريد الخوض في أي تجربة ترمي الى الحل عليه باسترداد دمشق أولاً وإنفاد المعارضة السورية من سلاحف النينجا “سارقي الدجاج” وعليه أيضاً أن يؤمِّن عودة آمنة للدجاج وبضائع التعفيش من كييف وقره باغ وليبيا، لا سيم أن قادة الفصائل وقادة النظام في هذه البلدان يمتلكون ثروات طائلة من تركت السرقة، وباتت عودة تلك المرتزقة مرهونة بتأمين ممتلكاتهم الشخصية، طبعاً هذا ما يتخيله ذلك القائد المغوار الذي يقود قطيعا من المعفشين او سارقي الدجاج، متوهما انه رقم صعب في الحل بينما هو وقطيعه أصبحوا لقمة سائغة تزود عن الجندي الروسي او الجندي الأوكراني ليموتوا نيابة عنهم.
https://alshamsnews.com/2022/02/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d9%81%d9%89-%d8%a3%d9%88%d9%83%d8%b1%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b3%d8%a7%d8%a8-%d9%81%d9%89-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7.html
وما يجب أن يقال الآن هو أن روسيا أو أنقرة لن تسمحا بحل سياسي ما لم تأخذ كل منها ملخص مصالحها في تلك البلدان التي ذكرت آنفاً، ولن تكون هناك دمشق ما لم تكن كييف، ولن يتوقف الدم السوري عن النزف ما لم تتصالح تلك الدول،أو أن تأخذ حصتها من الكعكة السورية، بينما مصير أولئك المرتزقة الذين ذهبوا الى الحرب دفاعاً عن مصالح دول أخرى فهو الموت المحتوم.
أين “دمشق” من كل هذه الحروب
كلنا ينتظر بفارغ الصبر أن تعود دمشق إلى سابق عهدها وأن تخرج كلٌ من واشنطن وأنقرة وموسكو وطهران من سوريا وأن يجلس السوريين على طاولة واحدة، لكن كيف والسوري لا يمتلك قرار كرعوب عنزته، كيف يمكن لأي طرف أن يحاور الآخر وهو يعلم أن الطرف الذي سيحاوره لا يمتلك قرار الحوار أو قرار المصير إن صح التعبير، وعليه يكون مخطئاً كل من يحاول محاورة دمشق وموسكو موجودة أو أن تحاور أبو عمشة والتركي موجوداً، كأن تحاور الجولاني وتنظيم القاعدة موجودا، فهل يحاور الولد والأب جالساً!!!
يختصر دور دمشق في هذه المرحلة على ترديد الشعارات التي تفرضها طهران وموسكو، وتطبيق كافة سياسات تلك العواصم بدقة متناهية بينما تروج دمشق داخلياً للاكتفاء الذاتي ذلك الاكتفاء الذي أعاد المواطن السوري الى ارتداء الرث وتناول الفضلة من النفايات.
https://alshamsnews.com/2022/02/%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d8%aa%d8%a8-%d8%b4%d9%87%d8%b1%d9%8a-2000-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a7%d8%b1-%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d8%a8%d8%af%d8%a3-%d8%aa%d8%ac%d9%87%d9%8a%d8%b2-%d9%85%d8%b1%d8%aa.html
وعليه فان الوضع في سوريا سيبقى معلقاً حتى يهدأ الوضع في البلدان وتتصالح وتستقر أمورها على حلٍّ سياسي ، حينها فقط يمكن الحديث عن استعادة دمشق من العبودية لروسيا، أما بالنسبة للحديث عن السيادة السورية فاعتقد أنني غير مخطئ إن قلت تحدثوا عن صناعة السجاد السوري او السذاجة السورية، ففي سوريا السيادة استباحت منذ أول دخول لجندي تركي إلى الأراضي السورية، ثم جاء الروسي ومن ثم الأمريكي وليس أخيراً الإيراني فحزب الله وغيرهم .
النظام الإعلامي العالمي بدل من النظام المالي العالمي
لا شك أن الحرب حربٌ إن كان في رأس الدنيا أو قاعها، لكن لماذا فجأة يضج العالم بحربٍ ما وبشكل مريع بينما تدور حروب أخرى ويروح ضحيتها آلاف القتلى وحتى دون يصلى عليهم صلاة الجنازة، لماذا يتوجه العالم كله الى ترقب حرب أوكرانيا مع روسيا مع أن هناك بلدان يموت شعبها من الحروب والجوع يومياً ولا يبالي ما يسمى بمجلس الأمن، لماذا هذه الأسئلة تحتاج كتاباً من الإجابات، لكن سأحاول اختزالها برؤوس أقلام في نهاية مقالتي المقتضبة.
إن ما يسمونه بالنظام المالي العالمي، هو جزء من النظام الإعلامي العالمي وهذا الإعلام هو الذي فرض على روسيا خمسة آلاف عقوبة أي ما يعادل أضعاف العقوبات التي فرضت على كوريا ورئيسها المهووس بالسلطة نتيجة خلق وضخ كمية مغير محصاة من الدعاية الإعلامية المتهجمة على دولة ما، وهي سياسة يمكن تلخيصها بأنها عبارة عن شراء أكبر عدد أو بناء اكبر عدد من الشاشات الإعلامية التي تبث الخبر نفسه وبالتوجه نفسه وفي الوقت نفسه فيكون الخبر قد تصدر كل الشاشات، ودخل كل العقول بالصياغة ذاتها، عندها فقط يستطيع المسيطر إعلاميا على الرأي العام، أن يقول ما يريد وهو متأكد من أن مقولته ستكون محل تصديق.
أوكرانيا قره باغ أو آبار النفط اليونانية، هذه عناوين تصدرت شاشات التلفزة الإعلامية بشكل متوحش، بينما سوريا ليبيا اليمن تصدرت شاشة قنوات معدودة عربية وفي بغضها عرضت شرائط إخبارية وأخرى تجاهلتها، ولا تزال تتجاهلها، وهذه خير برهان أن العالم المالي يلجئ الى توحيد سلطة الإعلام العالمي قبل النظام المالي العالمي، وهذه سياسة تمارس منذ أكثر من عشر سنوات لكننا الآن نسمع بها في إعلامنا لشدة عصرتنه وتطوره.
خلاصته إن النصر سيكون حليف النظام الإعلامي العالمي وليس حليف البارود ولا حليف القوى المسيطرة على الأرض، فبماذا تفيدك السيطرة على أرض الواقع والعالم كله يخشى التعامل معك أو يقاطعك، على خلفية قوة إعلامية عالمية تحاربك ليل نهار، كما هو حال روسيا الآن، وكما سيكون عليه حال النظام البعثي مستقبلا.
لستُ ألقي صفة البراءة على روسيا ولا على قوتها ولكن التوجه الإعلامي يبرهن لي أن العالم يتوحد إعلامياً في عصرنا هذا وأن القوة الإعلامية هي الوحيدة القادرة تغيير الوقائع سواء كانت حقيقة أو كذباً، متمنّيا أن أكون قد أوصلت رسالة في مقال مقتضب.
https://alshamsnews.com/2022/03/%d9%82%d8%b5%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86-%d9%88%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d9%87%d8%af%d8%a7%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d8%a8%d8%b1%d9%8a%d8%b7%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7.html
https://alshamsnews.com/2022/03/%d8%ac%d8%ab%d8%ab-%d9%81%d9%89-%d9%83%d9%84-%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86-%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d8%b3%d9%86%d8%aa%d8%b3%d8%ae-%d8%a3%d8%ad%d8%af%d8%a7%d8%ab-%d8%ad%d9%84%d8%a8-%d8%a7.html