أكد الكاتب الصحفي المتخصص في الملف الليبي، علاء فاروق أن “دولة مصر تقوم بدور قوي الآن في الملف الليبي سياسيا وعسكريا، وأنها تقوم وترعى مفاوضات من أجل الدفع نحو إجراء انتخابات في ليبيا وتشكيل حكومة موحدة”.وقال في تصريحات لـ”الشمس نيوز..” إن “احتضان القاهرة لاجتماعات عسكرية مغلقة بين قادة عسكريين وأمنيين من شرق وغرب البلاد وكذلك زيارة وفد رفيع المستوى يضم مسؤولين في جهاز المخابرات المصرية للعاصمة الليبية طرابلس يؤكد هذا الدور وأنه مصر تسلمت جزء كبير من الملف بضوء أخضر دولي”.
وأشار الصحفي المصري إلى أن “اختيار الحكومة المصرية إعادة التواصل مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة الآن هو اختيار جيد من حيث التوقيت كونه جاء بعد إيقاف رئيس حكومة البرلمان “باشاغا” تمهيدا لإنهاء حكومته قريبا لفتح طريق لمفاوضات جديدة ربما ينتج عنها حكومة موحدة بعيدا عن الدبيبة وباشاغا”.
وأضاف: “أيضا انشغال الفاعل الإقليمي القوي “تركيا” في شؤونها المحلية والانتخابات أعطى القاهرة متنفس للتحرك في الملف الليبي، ورغم أن مصر كانت لها قراءات خاطئة عدة في التعاطي مع الملف الليبي لكن الإيجابي فيها أنها تحاول تدارك هذه القراءات قبل أن يُسحب البساط من تحت أقدامها”، وفق تعبيره.
وقال فاروق إن “القاهرة شعرت بالارتياح من قرار مجلس النواب الأخير بإيقاف رئيس الحكومة المكلفة منه، فتحي باشاغا كون هذه الخطوة ربما توحي بالتمهيد لإنهاء حكومة باشاغا تماما وهو أمر يرفع عن مصر والبرلمان عبء هذه الحكومة الذي تسبب تشكيلها إرباكا للمشهد”.
وأشار إلى أن “إيقاف باشاغا تمهيدا لإنهاء حكومته سيعطي الدولة المصرية مساحة أوسع للتحرك في الدفع نحو سلطة تنفيذية جديدة ذات مهام محددة ربما تبقى على الدبيبة على رأسها أو إزاحته مثل باشاغا لتتولى وجوه جديدة الحكومة وتنتهي بانتهاء الانتخابات”.
وختم حديثه بالقول: القاهرة قادرة وبقوة على تحقيق التهدئة والاستقرار في ليبيا في حين تعاملت مع الملف الليبي كأمن قومي لمصر، وفي حالة وقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف والتخلي عن دعم مشروعات شخصية أو مناطقية كون مصلحة مصر مع كامل البر الليبي وليس شرقها وفقط”.
مع تأجيل حسم الانتخابات الرئاسية فى تركيا إلي جولة الإعادة بعد عجز كلا المرشحين عن حصد نسبة 50% من أصوات الناخبين.
كشفت تقارير صحفية عن قراءة استباقية للسيناريوهات المنتظرة للوضع فى تركيا والمنطقة عقب الانتخابات سواء فى حالة بقاء أردوغان فى السلطة أو فوز مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو.وبحسب المراقبين فإن الانتخابات التركية سيكون لها تأثير كبير وتداعيات جمة على الأوضاع بالمنطقة وتحديدا بسوريا والعراق فى ظل الوجود العسكري التركي بالبلدين ونفوذ أنقرة المتفشي فيهما.
معركة شرسة
وأكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إبراهيم شعبان، أن الانتخابات التركية الراهنة، سيكون لها أبلغ الأثر على تركيا وجيرانها لنحو عقد كامل من الزمان.
وقال : ” الانتخابات التركية معركة شرسة بمختلف المقاييس، وأصعب امتحانات الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية على الاطلاق، منذ نحو عقدين من الزمان، بعدما تصدرا السلطة كل هذه السنوات.
وأشار إلي”أن أردوغان لديه الكثير من المشاكل خلال هذه الانتخابات بعدما فقد فعليا الصوت الكردي في الانتخابات، وذلك بعد سياسات دموية بغيضة تجاه الكرد خلال السنوات الماضية، دفعت القوي الكردية لاعلان دعمهم لمرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار أوغلو.
وتابع “كما فقد أردوغان أصوات معاقله التقليدية التي كانت تصوت لحزبه العدالة والتنمية بشكل تلقائي طوال الدورات الماضية، ولكن بعد الفشل الذريع في معالجة آثار الزلزال المدمر في فبراير الماضي الأمر تغير بشكل كبير.
ولفت شعبان إلي “إن الانتخابات التركية حدث سياسي كبير بالفعل وانتظار تصويت 60 مليون تركي، لحسم منصب رئيس تركيا المقبل و600 مقعد برلماني تركي أمر في غاية الأهمية السياسية لتركيا وجيرانها”.
ماذا لو فوز أردوغان ؟
ويري شعبان إنه فى حالة فوز أردوغان فعلى الأتراك أن يتوقعوا مزيدا من التضخم وتراجع قيمة الليرة التركية، والبقاء بعيدا عن أسوار الاتحاد الأوروبي، وبقاء جبهتي سوريا والعراق مشتعلتان، فضلا عن مزيد من تأزم القضية الكردية داخل تركيا ما يقود البلاد لأوضاعا قلقة وساخنة طوال السنوات المقبلة.
ماذا لو فاز كليجدار ؟
ويعتقد الباحث المصري: “أنه في حال فاز مرشح المعارضة الرئيسي كليجدار، فإنه سيكون سدد طعنة مروعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم وحقبة أردوغان، وستكون هذه نهاية فادحة لسياسات كان أغلبها خطأ، واتخذت في بعض الأحيان شكلا إجراميا.
وأشار شعبان” ان إعلان كليجدار – مرشح المعارضة الرئيسي- ان الأتراك يتطلعون للديمقراطية، وتركيا اشتاقت للديمقراطية، يكشف السجن الرهيب الذي يعيش فيه الأتراك تحت حكم أردوغان.
ويعتقد الباحث المصري أن فوز كليجدار في الانتخابات الرئاسية التركية سيكون صفحة جديدة حقيقية للأتراك وستطوى حقبة أردوغان، وتبدأ تركيا عهدا جديدا في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة.
هل يسلم أردوغان السلطة ؟
وتوقع ابراهيم شعبان، “ألا يسلم أردوغان السلطة بسهولة حال خسر الانتخابات هو وحزبه العدالة والتنمية. وهناك سابقة في انتخابات بلدية اسطنبول عندما خسرها حزبه وحدثت فوضى واحتجاجات استمرت لأسابيع رفضا للهزيمة.
وقال شعبان، “إن مرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار، توقع هذا بالفعل، مشيرا إلي أنه “من العسير على أردوغان ان يسلم السلطة طواعية، حال خسر الانتخابات المقبلة وأتوقع حدوث مشاكل وفوضى”.
سوريا والعراق
وحول تأثير خسارة أردوغان حال حدوثها على الأوضاع بسوريا والعراق أوضح الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، إبراهيم شعبان، أنه يتوقع انفراجة حقيقية في العلاقات التركية السورية والعراقية معا. مشيرا: المشكلة في أردوغان وسياساته العدائية.
وتابع شعبان، “إنه لو نجح مرشح المعارضة الرئيسي كمال أوغلوا فقد تتم عودة 2 مليون سوري من اللاجئين في تركيا إلى سوريا فضلا عن الانسحاب التركي من الأراضي السورية، وهو وعد بذلك بالفعل في برنامجه. وهذا لن يتأتي الا بتغيير رأس السلطة في أنقرة.
ويري أن ” كمال أوغلو يمكنه حال فوزه ان ينسج علاقات طبيعية مع النظام السوري ومع أكراد سوريا، ويجد مكانا وبيئة مواتية للتسوية والهدوء، وينسحب من مشاريع التوسع والتمدد التركية في أراضي الغير”.
وأضاف”كذلك في العراق، فهناك مشاكل مع الأكراد وسياسات دموية لم يستطع أردوغان أن يغيرها، لكن لو تغير النظام التركي وهزم أردوغان فالفرصة ستكون متاحة لكمال أوغلو لبناء علاقات جديدة مع بغداد والتوقف عن الهمجية التركية وقصف الأراضي العراقية وتضييق الخناق على العراقيين في مسألة المياه”.
وختم شعبان تصريحاته بالتأكيد على أن “هزيمة أردوغان في الانتخابات ستمثل انقلابا في السياسات الخارجية التركية وقد تفتح صفحة حقيقية جديدة مع العرب وشعوب المنطقة”.
مرحلة جديدة من الاستبداد
من جانبه يري الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المصري شريف سمير أن فوز أردوغان بفترة رئاسية جديدة سيدخل تركيا مرحلة جديدة من الاستبداد.
وقال: ” إن فوز أردوغان بالسلطة سيجعله أكثر استبدادا وديكتاتورية بصورة قد تدفعه لاعتقال رموز المعارضة من أجل إحكام قبضته على السلطة بشكل كامل، كما سيسعي لتعزيز النظام الرئاسي بشكل كبير وقد يلجأ لتعديل دستوري يسمح له بالترشح لفترات رئاسية جديدة، فضلا عن تعزيز سلطتة وإحكام قبضته على المؤسسات التركية سواء الجيش أو الشرطة أو القضاء.
على الصعيد الخارجي، يعتقد الخبير المصري أن أردوغان حال فوزه بالرئاسة سيواصل عملياته العسكرية بسوريا والعراق لمنع حصول الأكراد على أى إمتيازات فى البلدين.
ميراث أردوغان
وبحسب سمير فإنه “فى حالة فوز مرشح المعارضة فقد يسود نوع من التخبط فى السياسة التركية لفترة نظرا لطول الفترة التي حكم فيها أردوغان التي تجاوزت عقدين من الزمن”.
وتابع : المعارضة ستسعي لتصفية ميراث أردوغان بشكل كامل وسيتم العودة للنظام البرلماني وقطع الطريق على فكرة احتكار السلطة بشكل كامل.
فوضي متوقعة
وأشار الكاتب المصري إلي أن “أردوغان لن يقبل بخسارة الانتخابات بسهولة ولن يعترف بالهزيمة حال حدوثها وقد تشهد تركيا احتجاجات كبيرة رفضا لنتائج الانتخابات ما يهدد بحدوث فوضي كبيرة قد تؤثر على مستقبل البلاد.
ويعتقد أن “خروج أردوغان من المشهد السياسي فى تركيا لن يمر بسهولة فحزب العدالة والتنمية سيعمل بشكل كبير على إحداث حالة من الفوضي وقد يعمل على تعطيل عملية تسليم السلطة فضلا عن تعطيل تشكيل الحكومة خاصة حال فوزه بنسبة كبيرة من مقاعد البرلمان وهو أمر قد يكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد التركي”.
وحول تأثير هزيمة أردوغان على أوضاع سوريا والعراق، يري الكاتب المصري أن حال فوز كليجدار أوغلو بالانتخابات سيتقلص الوجود العسكري التركي فى سوريا والعراق بشكل كبير، وتتوقف بشكل كامل التدخلات العسكرية فى البلدين وستنكفء تركيا على داخلها وتتوقف أطماعها فى دول الجوار بعد سقوط فكرة الإمبراطورية العثمانية التي كان يتبناها أردوغان”.
بعد قرابة شهر من الصراع المسلح الذى تشهده السودان، أعلنت وزارة الخارجية السعودية، أن ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بدأوا محادثات تمهيدية في مدينة جدة.
وبحسب البيان السعودي فقد حثت الرياض وواشنطن الطرفين على الانخراط بجدية في المحادثات من أجل تحقيق وقف فعال لإطلاق النار. والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة، فضلا عن استعادة الخدمات الأساسية ووضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للوصول لوقف دائم للأعمال العدائية.أول محاولة لوقف الحرب
وتعتبر المبادرة السعودية الأميركية في جدة هي أول محاولة جادة لإنهاء القتال الدائر منذ 15 أبريل، الذي حوّل أجزاء من الخرطوم إلى مناطق حرب وعرض الانتقال السياسي الهش في البلاد للخطر بعد اضطرابات وانتفاضات استمرت لسنوات.
وأعربت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة عن ترحيبيها بالتزام الطرفين بتوجه بناء قائم على الاحترام المتبادل، وحثت كلاهما على احترام وقف إطلاق النار القائم حاليا، والامتناع عن أي أفعال استفزازية على الأرض للحفاظ على مناخ ايجابي للمحادثات التمهيدية.
ورحبت الآلية الثلاثية بالمبادرة السعودية الأميركية الرامية إلى إنهاء الصراع الذي يعصف بالسودان منذ أسابيع.
وقالت الآلية الثلاثية (تضم الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية والأمم المتحدة)، إنها تأمل أن تسفر المحادثات التقنية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة عن تفاهمات تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار، مما يتيح تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمدنيين الذين يجب أن تظل حمايتهم مسألة ذات أهمية قصوى.
كما رحب مراقبون بالجهود السعودية الأمريكية لوقف الصراع فى السودان، مؤكدين فى الوقت نفسه عدم كفايتها فى إنهاء المعارك خاصة فى ظل عدم اقتناع الطرفين بوجوب حل الأزمة ووقف القتال.
معوقات الاتفاق
ويري الباحث والمحلل السياسي السوداني عباس صالح أنه “رغم إن توسط المملكة العربية وبدعم قوي من المجتمع الدولي في جمع طرفي الصراع يعتبر خطوة مهمة على صعيد تحركات الدبلوماسية المبذولة منذ اندلاع الصراع، فمع ذلك ستواجه معضلات حقيقية على رأسها توصيف طبيعة الصراع حيث تتعارض رؤيتي طرفيه بشكل جذري”.
وقال صالح ” هناك أيضا الفصل بين الطبيعتين العسكري والسياسية المعقدة لهذا الصراع في هذه المرحلة المبكرة من المباحثات والتي ربما ستؤسس للمراحل التالية للحل الدائم والنهائي وفق رؤيتي الطرفين.
ويعتقد صالح “إن فرص نجاح المباحثات في جدة ضئيلة جدا في تحقيق إختراق على صعيد التوصل إلى تهدئة دائمة وخاضعة للمراقبة من طرف ثالث.
وأشار إلي “إن تجارب فشل وعدم صمود الهدن الست السابقة أظهرت أن استراتيجية الحسم العسكري بالنسبة للطرفين لا تساعد في تثبيت أي هدنة مستقبلا حيث تتناقض الهدنة بشكل واضح مع هذه الاستراتيجية.
ونوه إلي أن “الاستجابة للجلوس لمباحثات يمكن تفسيرها بأنها جزء من استراتيجية كل طرف؛ فالقوات المسلحة وضعت سقفا واضحا بينما تهدف قوات الدعم السريع للمحافظة على المناطق التي سيطرت عليها منذ اليوم الأول كسقف يمكن البناء عليه لتعزيز مواقفها في اي تفاوض رسمي ومباشر قد يجري مستقبلا”.
محاولة ولكن
بدوره، يري رامي زهدي خبير الشؤون الأفريقية أن مباحثات جدة محاولة للحل لافتا فى الوقت نفسه إلي أنه لا يتوقع أن تنجح فى حل الخلاف بشكل كامل.
وأوضح لوكالتنا “إن المباحثات قائمة على فكرة عدم الاجتماع المباشر بين الطرفين، لافتا إلي أن الجيش السوداني حافظ على رسمية الوفد بمشاركة ضباط عسكريين ودبلوماسيين في حين استخدم الدعم السريع أحد أشقاء حميدتي وأحد مستشاريه من العسكريين المتقاعدين. وسيجلس كل طرف على حدة مع ممثلين عن السعودية وأمريكا رعاة المباحثات.
ويعتقد الخبير المصري “أنه من المبكر الحديث عن نجاح جهود الوساطة لوقف الصراع السوداني فى الوقت الحالي مؤكدا أن اختلاف بهذا الحجم لا يمكن أن ينتهي بجهود وساطة من جولة واحدة بل ربما يحتاج جولات كثيرة وتدخلات دولية عديدة ، كما أن الأمر يتوقف على مدى رغبة الأطراف السودانية وقبولهم للتهدئة وجديتهم فى الوصول لاتفاق سلام.
ولفت إلي “أن القوات المسلحة السودانية طبقا لعقيدتها وبمراجعة مواقفها السابقة ترفض أن تتفاوض مع متمردين وميليشيات كما وصفتهم فى كل بياناتها، وبالتالي من غير المنطقي بالنسبة لها أن تستخدم أدوات تفاوض مع هذه الميليشيات من وجهة نظرها.
وتابع : كما إن الدعم السريع يعتقد على أن طول المعركة يعني انتصار له ويعطيه موقف تفاوضي أفضل، خاصة أنه يعتمد على خفة الحركة ومستوي تدريبي متقدم وسرعة التحرك مقارنة بالقوات المسلحة التي تتحرك بثقل وتقليدية وهو ما يمنحه أفضله تطيل معها أمد المعركة التي فى النهاية قد تبدو محسومة للجيش فى النهاية بحسب الباحث.
كارثة منتظرة
وحذر زهدي من أن “طول أمد الصراع يزيد من تكلفة الحرب حيث تتجاوز نصف مليار دولار يوميا فى حين إجمالي الناتج المحلي السوداني لا يتجاوز 34 مليار دولار وهو ما يشير إلي كارثة ستتضح معالمها حتى لو حصلت التهدئة والتوافق لأن العملية السياسية معقدة بعد ذلك”.
وأشار إلي أن “كلا الطرفين يقبل بالهدنات ولا يقبل بالتسويات لأن الهدن تمنحهم فرصة التقاط الأنفاس والتزود بالسلاح واللوجيستيات وعلاج الجرحي والمصابين وإعادة الانتشار، فالهدنة بالنسبة لكل طرف إعداد لمزيد من الحرب وليس فرصة لبحث السلام.
وختم قوله بالتأكيد على أن “اقتناع كلا الطرفين بقدرته على حسم المعركة سيجعل من الصعوبة اقناعهما بالإنهاء الحاسم للصراع فى الوقت الحالي”.
اعتبرت مجلة “ناشيونال انترست” الأمريكية، أن الانتخابات التركية في 14 آيار/مايو الحالي، أحد أهم الانتخابات في العام 2023، متناولة سيناريوهات محتملة بما في ذلك احتمال خسارة الرئيس رجب طيب أردوغان والتي قالت المجلة إن “اياما مضطربة” ستكون عندها بانتظار الأتراك، بعد 20 عاما من حكمه.
وبعدما وصفت المجلة الامريكية الانتخابات بانها تجري في دولة شديدة الأهمية، وأن المتنافسين فيها يطرحون حلولا ومقاربات مميزة للتعامل مع التحديات المقبلة، قالت إن من بين احتمالات النتائج، خسارة أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.أيام مضطربة
وأضافت المجلة في تقرير لها أن “الأيام المضطربة تنتظر تركيا في حال هزم أردوغان بعد 20 عاما من حكمه، لأن النظام السياسي التركي منقسم ومستقطب بحدة وبحاجة إلى خارطة طريق محددة جيدا من أجل الانتقال السياسي”.
وبالإضافة الى ذلك، لفت تقرير المجلة إلى أن التغييرات السياسية الهيكلية التي تعهد بها ائتلاف المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري ورئيسه كمال كيليتشدار اوغلو، تعكس تحولا كاملا في النظام.
وبحسب التقرير الأمريكي فإن عملية انتقال محتملة كهذه، ستكون صعبة اذ ان الحكومة الجديدة ستواجه ثلاث مشاكل فورية: الاقتصاد، ووضع مؤسسات الدولة، والحكم في ظل الفوضى على جميع مستويات المجتمع والسياسة، مضيفا أن الأكثر إلحاحا يتعلق بالوضع الاقتصادي السيء الذي تفاقم بسبب زلزال 6 فبراير/شباط المدمر، وأنه يتحتم على الحكومة أن تطرح سريعا حزمة مالية لمعالجة معدل التضخم المرتفع وانخفاض قيمة الليرة، وتعالج خسارة الثقة بالاقتصاد التركي، مشيرا إلى أن تكلفة الزلزال تقدر بما بين 8 و 12 % من الناتج المحلي الإجمالي.
لكن التقرير اشار الى ان “الخبر السار” هو أن قاعدة التصنيع التركية قوية، لكنها بحاجة الى مضاعفة جهودها لزيادة وتنويع صادراتها، على الصعيد الجغرافي اولا، وثانيا جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، للاستفادة من الموقع المميز لتركيا واستمالة بعض أنواع الاستثمارات “الداعمة من الأصدقاء”، لكن اموال اعادة الهيكلة وهي حاجة كبيرة لتركيا، ربما تأتي بشكل أساسي من الولايات المتحدة وأوروبا.
انتقال السلطة
أما التحدي الثاني في حال فاز المعارضون بالانتخابات، فقد قال التقرير إنه يتعلق بتحقيق انتقال لا مثيل له في تاريخ تركيا الحديث، وذلك لأنه خلال فترة حكمه، فإن أردوغان، السياسي الشعبوي الاستبدادي الماهر، أخضع كل مؤسسة تابعة للدولة ومجتمعية لسيطرته، من النظام القضائي إلى البنك المركزي والجامعات الحكومية ومعظم الصحافة والبرلمان والجيش والبيروقراطية.
إلا أن التقرير أكد انه لا يمكن المضي قدما بأي موضوع من دون إعادة ترسيخ سيادة القانون لأنه ليس بالإمكان جذب الاستثمارات في بيئة يتم فيها انتهاك القواعد القانونية بشكل مستمر، مضيفا أنه يجب وضع خطة عمل لإعادة بناء الثقة في المؤسسات.
أما المهمة الثالثة فتتعلق باقامة هيكل حكم متماسك يضم مجموعة متباينة بالكامل من الحلفاء في التحالف والشركاء الخارجيين من أجل معالجة القضايا المثيرة للانقسام التي تفرق بينهم، مضيفا أنه من المتوقع أن يكون التركيز على تطبيق تعهدات المعارضة بالعودة الى النظام البرلماني وإلغاء النظام الرئاسي، وهي مهمة وصفها التقرير بأنها ضخمة وتتطلب تخطيطا ونقاشا دقيقا وبضع سنوات لكي تنجز.
الرئيس الانتقالي
ووصف التقرير زعيم المعارضة كليجدار أوغلو بانه حسن النية لكنه لا يتمتع بالخيال وخلفيته بيروقراطية، وبرغم ذلك فقد تخطى كل التوقعات من خلال إدارة حملة ذكية تعتمد الهدوء وتجنب المواجهة، وهو ما يشكل تناقضا كبيرا مع خطاب أردوغان، فيما قدم كليجدار أوغلو نفسه على أنه بمثابة الزعيم الانتقالي المثالي.
وتساءل التقرير عما إذا كان أردوغان، في حال خسر، سيعمد إلى محاولة نزع الشرعية عن الانتخابات، مذكرا بأن أردوغان سبق له القيام بذلك عندما خسر حزبه رئاسة بلدية إسطنبول في العام 2019 حيث وجد ذريعة من اجل إعادة الانتخابات المحلية، لكن ذلك تسبب بنتائج عكسية عليه حيث صوت سكان اسطنبول بأعداد أكبر بكثير لمعارضته.
حصانة أردوغان
واضاف التقرير انه من اجل ضمان تحقيق انتقال سلمي، فإن الحكومة القادمة قد ترغب بالتفكير في إبرام تفاهم مع أردوغان وعائلته يمنحهم الحصانة وتعهد بأنه لن يتم التعرض لهم، شريطة ألا يتدخل في جهود الحكومة القادمة لتشكيل ادارة جديدة للبلاد.
الى ذلك، توقع التقرير أن يركز الحكم الجديد على تطوير العلاقات مع الغرب، بالنظر الى القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المحلية الضخمة، إذ تحتاج تركيا بشدة الى دعم الغرب لتمويل جهود إعادة الإعمار الضخمة بعد الزلزال وتحقيق استقرار اقتصادي.
وفي هذا الإطار، ذكر التقرير أنه على رأس جدول الأعمال طلب السويد الى حلف الناتو الذي منعته حكومة أردوغان لان ستوكهولم رفضت تسليم ما يسمى بـ “الإرهابيين”. وتابع أن المسألة لا تتعلق فقط بأن المعارضة لديها وجهة نظر مختلفة إزاء هذه القضية، إلا أن يسار الوسط التركي كان تقليديا لديه وجهة نظر إيجابية إزاء السويد.
السياسة الخارجية
وتوقع التقرير حدوث تغيير كبير في السياسة الخارجية، لكنه ذكر بأن يسار الوسط التركي لديه مواقفه القومية، وان كليجدار أوغلو بمجرد توليه السلطة سيواصل التمسك بالقضايا التقليدية التي كانت السمة المميزة للسياسة الخارجية التركية، مثل قبرص وبحر إيجة، لكن أسلوب أردوغان المشتبك، لن يكون موجودا.
ولفت التقرير إلى أنه منذ وقوع الزلزال، قام سلاح الجو التركي بإيقاف مهمات التحليق فوق الجزر اليونانية حتى لا يثير استعداء المانحين الغربيين.
وبالاضافة الى ذلك، فان كليجدار أوغلو سيدفع باتجاه اعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد ، خاصة اذا كان ذلك سيؤدي الى عودة بعض اللاجئين السوريين.
وأشار التقرير إلى انه من المحتمل أن يؤدي “التقارب” الأخير بين السعودية وإيران والجهود الواضحة لإعادة دمج الأسد من قبل دول الخليج، الى محاولة إنهاء المأزق السوري. مع بقاء الأسد في السلطة، وأن الرياض وطهران قد تتفقان على تكريس الوضع الحالي شريطة أن يقدم النظام بعض التنازلات.
وتابع التقرير ان تركيا، بالنظر الى دعمها للمعارضة السورية ووجودها العسكري في شمال سوريا، فإن انخراطها في هذا الوضع يساعد في ضمان نجاح هذا الاتفاق، مضيفا انه من المرجح أن تتوصل واشنطن وأنقرة الى اتفاق حول وجود القوات الأمريكية المتمركزة في شمال سوريا التي تشارك الكرد المحليين في القتال ضد داعش، وهي قضية كانت تثير التوتر بين واشنطن وأنقرة.
أجرى قائد الجيش الليبي في شرق البلاد المشير خليفة حفتر محادثات استمرت ساعتين مع رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني في قصر كيجي الإيطالي (مقر الحكومة)، الخميس، وكان أجرى محادثات أيضاً مع وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الأربعاء.جدير بالذكر أن ميلوني زارت العاصمة الليبية طرابلس في 28 يناير الماضي برفقة تاياني ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو بينتيدوسي، لكن في أول اتصال لها بالسلطات الليبية لم تكن تواصلت مع حفتر، فيما تصدرت قضية الهجرة المشهد من جديد، وهي مسألة تهتم بيها ميلوني.
وكانت إيطاليا لسنوات المنبع الرئيسي للهجرات من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث يصل المهاجرين إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط.
وبحسب بيانات صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية مؤخراً، تعد ليبيا ثاني بلد للمغادرة بعد تونس، فيما يتعلق الأمر بقدوم المهاجرين عن طريق البحر إلى إيطاليا. ووصل عدد المهاجرين منذ بداية العام الحالي إلى 16637 شخصًا، بزيادة قدرها 166٪ مقارنة بـ 6237 في نفس الفترة من عام 2022. وأكثر من نصف الوافدين الجدد أي نحو 10،000 غادروا من برقة.
كان وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو لفت الانتباه في مارس الماضي إلى الوضع، متهمًا مجموعة “فاجنر” الروسية بإشعال حرب مختلطة ضد إيطاليا.
وقال كروسيتو حينها: يبدو لي أنه يمكننا التأكيد أن الزيادة الهائلة في ظاهرة الهجرة التي تنطلق من السواحل الأفريقية هي أيضًا جزءًا من استراتيجية واضحة للحرب الهجينة التي قامت بها فاجنر الروسية مع استخدم ثقلها الكبير في بعض الدول الأفريقية.
وليبيا غارقة في عدم الاستقرار الداخلي في ظل وجود سياق سياسي وعسكري منقسم بالكامل بين الشرق والغرب.
من جهته، قال جوزيبي دينتشي، مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز الدراسات الدولية بروما، إن سياق الاجتماع بين حفتر و ميلوني في روما محفوف بالمخاطر، لأنه قد يفتح الباب أمام تسليط الضوء على دور حفتر وهو شخصية موضع نقاش.
وأضاف دينتشي، في تصريحات لموقع “ديكود 39” الإيطالي: علينا تذكر أنه في المرة الوحيدة التي تم فيها استضافته في قصر كيجي، كان حوله نقاش وكانت إيطاليا تحضر لمؤتمر برلين لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
واستدرك دينتشي قائلاً: نحن حالياً في ظروف مختلفة للغاية حيث تمر عملية الأمم المتحدة بمرحلة إعادة نظر. لا يبدو أن الاجتماع هو محاولة لتسوية القضية الليبية، لكن وسيلة لإشراك أحد الأطراف ومعالجة إحدى القضايا غير المباشرة للصراع، كما يتضح من خلال إيلاء اهتمام كبير لمسألة الهجرة.
بدوره، قال كريم ميزران، مدير مبادرة شمال إفريقيا والزميل الأول المقيم في مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي: لا شك في أننا بحاجة إلى التعامل مع حفتر لقد عرفناه منذ بعض الوقت.
واعتبر أنه كونه ممثلاً ليبيًا فمن الضروري التعامل معه أيضًا، لكنه حذر من أن منحه كل هذا الاهتمام يضر بملف إيطاليا.
وأشار إلى أن روما أسست لنفسها دورًا كمدافع عن المؤسسات الشرعية وعملية إضفاء الطابع المؤسسي التعددي في ليبيا.
من جانبه، أعرب مدير مكتب المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في روما أرتورو فارفيلي، عن القلق بشأن نمو تدفقات الهجرة من برقة وهي منطقة خاضعة لسيطرة حفتر ، ولكنه قال: في حال الترحيب به كممثل سياسي فإن ما سيطلبه في المقابل سيكون سياسيا.
واعتبر فارفيلي أن هذا يساهم على المدى الطويل في إلغاء تعويض عمل وساطة الأمم المتحدة والخط السياسي الذي تتمسك به إيطاليا حتى الآن.
فيما قالت مصادر إيطالية إنه كان من المتوقع وصول خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي إلى روما، مرجحة أن يكون المشري أجل الزيارة بعد أن علم بوصول حفتر.
منذ اندلاعها فى منتصف نيسان الماضي، حظيت التطورات العسكرية فى السودان باهتمام كبير من العواصم والمنظمات الدولية فضلا عن معظم وسائل الإعلام العالمية فى ظل تخوفات من أن تتحول إلي أزمة إقليمية تتجاوز حدودها أرض السودان وصراع حميدتي والبرهان..فكيف تؤثر أزمة السودان على استقرار المنطقة؟حذرت تقارير دولية عديدة من مستقبل الأوضاع بالسودان فى ظل المواجهات العسكرية المسلحة التي تشهدها البلاد منذ منتصف نيسان الماضي بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق فى مجلس السيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي.
وتحدثت تقارير صحفية من احتمالية تمدد الصراع بين حميدتي والبرهان لدول جوار السودان خاصة أن معظم هذه الدول تعاني أزمات إقتصادية وصراعات عسكرية وسياسية.
تمدد الصراع
وفى تقرير لها، أشارت وكالة “بلومبرغ” إلى مخاوف من تأثير القتال الدائر في السودان على الدول الأفريقية المجاورة التي تعاني إصلا من الصراع المستمر وانعدام الأمن الغذائي والتمرد المسلح والاضطرابات المدنية.
وبحسب الوكالة الأمريكية فإن الأزمة في السودان قد تسبب تداعيات وخيمة على سبع دول أفريقية، وهي جمهورية إفريقيا الوسطى ومصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو تشاد وستة آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وسط توقعات بفرار ما يقارب 270 ألفا نحو تشاد وجنوب السودان خلال الأسابيع المقبلة.
كما استقبلت القاهرة حوالي 16 ألف سوداني حتى الأن فيما لا تزال حركة النزوح من السودان لمدينة أسوان المصرية مستمرة عبر المعابر الحدودية بين البلدين وسط توقعات بتزايد أعداد النازحين من الصراع خاصة بعد إعلان منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيث، أن الوضع الإنساني في السودان على وشك الانهيار.
ونقلت وكالة أنباء الأمم المتحدة عن غريفيث قوله: أن “الوضع الانساني يقترب من نقطة اللاعودة”.
يأت هذا فيما حذر مراقبون من تداعيات الأوضاع فى السودان على استقرار دول المنطقة بشكل عام خاصة مع معاناة معظمها من أزمات سياسية وإقتصادية.
منعطف خطير
ويري د.إياد المجالي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية أن العمليات العسكرية التي انطلقت على مسرح الاحداث في السودان شكلت منعطفا خطيرا يهدد الأمن والسلم في السودان ودول الجوار الإقليمي.
وقال لوكالتنا ” إن هذه المواجهة باتت مثار جدل حول أهدافها وأطرافها، بل باتت بمثابة صندوق بريد ترسل من خلاله القوى الإقليمية رسائلها في ملعب تصفية الحسابات الإقليمية والدولية، الأمر الذي ينذر بإتساع مشاهد الفوضى وما يتبع ذلك من تاثيرات على مجمل الأوراق والملفات الإقليمية”.
وبحسب الخبير الأردني فإن “ما تشهده السودان من مواجهات عسكرية بين قوات التدخل السريع من جهة و الجيش السوداني من جهة أخرى يمثل تطور مرعب للأحداث لاسيما أن هناك مسوغات و أسباب متعددة تغري مصالح القوى الداعمة لأطراف الصراع بالتقدم نحو تعميق حده التوتر والقضاء على الأخر عبر حرب أهلية تفتك بالسودان أو المتبقي من مقدرات البلاد.
حرب بالإنابة
وأشار المجالي إلي أن “ثمة هواجس جمة لدى المجتمع الدولي جراء تداعيات هذه الأزمة التي قد تسفر عن اصطفافات إقليمية تعمق من حدة الإنقسام والصراع، والخشية من تنامي التحالفات الإستراتيجية التي ظهرت وتشكلت بعمق هذا الصراع، من خلال الدعم المباشر لأطراف الصراع بما يسمى حرب الإنابة.
وشدد على أن ما يحدث بالسودان بلا أدنى شك يلامس أوضاع الإقليم بشظايا تهدد الأمن والسلم، وتهدد كافة الأطراف الإقليمية التي تعمد إلى إيجاد أو تسجيل حضورها في الأحداث والوقائع بين الطرفين المتصارعين.
وحذر الأكاديمي الأردني من أن “الحرب الاهلية القائمة بالسودان قد تنتقل إلى دول الجوار مثل ليبيا ومصر، وقد تحولها الى كييف ثانية، لافتا فى الوقت نفسه إلي أن بواعث القلق العربي من هذه الأزمة وتعدد الأطراف المشاركة فيها قد تهدد أمن المنطقة برمتها نظرا لتباين المواقف العربية من طرفي النزاع فى الخرطوم وهو ما يمهد لحرب طويلة قد تتناثر شرارتها خارج حدود السودان.
تطورات متسارعة تشهدها الساحة السودانية منذ اندلاع الصراع المسلح بين قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بزعامة الشهير بـ حميدتي.
وفى الوقت الذى تتواصل فيه الاشتباكات المسلحة فى أنحاء العاصمة الخرطوم، بدأت معظم الدول فى إجلاء بعثاتها الدبلوماسية التي لم تحظي بأى حصانة حيث أعلنت الخارجية المصرية وفاة مساعد الملحق الإداري فضلا عن تعرض أحد أفراد طاقم سفارتها فى الخرطوم لإطلاق نار، كما تعرض موكب السفارة الفرنسية لهجوم خلال إجلاء دبلوماسيها.
وتشير الأحداث على الأرض إلي أزمة ربما لن تنتهي قريبا فى ظل التقارب فى الإمكانيات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فضلا عن وجود داعمين دوليين وإقليميين لكلا الطرفين.
ميدانيا..انتشرت عمليات السلب والنهب فى المدن السودانية، حيث تعرضت الكثير من مخازن الشركات الكبري والمنازل للسطو فى ظل حالة الانفلات الأمني بالبلاد.
وحذرت الأمم المتحدة بالسودان، من قرب نفاد الغذاء والوقود وغير ذلك من الإمدادات الحيوية لدى سكان السودان، مؤكدة أن نظام الرعاية الصحية أيضا معرض لخطر الانهيار.
ويحذر خبراء ومراقبون من تحول السودان لمنطقة صراع جديدة بين القوي الإقليمية والدولية بما يؤدي لاطالة أمد الحرب الأهلية فى البلاد التي قد تتسبب فى وقوع أزمة غذائية كبيرة نظرا لضعف مؤسسات الدولة السودانية.صراع دولي وإقليمي
ويري رامي زهدي الخبير فى الشؤون الأفريقية “إن السودان من أول الدول الأفريقية التي ظهر فيها بداية الصراع بين الروس والأمريكان على منطقة بورسودان المطلة على البحر الأحمر أحد أهم المناطق الاستراتيجية الأمنية فى العالم ثم دخلت باريس على الخط وأقامت مؤتمر دولي لأصدقاء السودان المانحين لدعم العملية السياسية فى السودانية وذلك بالتنسيق مع الدولة المصرية”.
وأكد “إن السودان مع بداية الأزمات السياسية والانشقاقات ظهرت أطراف كثيرة تحاول التدخل فى الشأن السوداني سواء بالسلب أو الإيجاب وهو ما جعل من عملية التفاوض بين الفرقاء السودانيين محل تداخل من قوي إقليمية ودولية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، كما ظهرت قوي إقليمية مثل السعودية وتركيا إضافة للدور المصري نظرا لما يمثله الوضع السوداني من تأثير على القاهرة”.
وبحسب خبير الشؤون الإفريقية فإن الصراع فى السودان ما كان ليشتعل بين الدعم السريع والجيش السوداني دون أن يكون لكلا الطرفين داعمين خارجيين دوليين أو إقليميين سواء دعم مباشر أو غير مباشر، مشيرا إلي أن الدعم الخارجي لكلا الطرفين ربما يصل لمرحلة الامداد بالسلاح والمشاركة فى العمليات على الأرض بشكل كامل.
وأشار إلي أنه ” لا يخفي على أحد أن كلا الطرفين له علاقات متشعبة بدول إقليمية ودولية متعددة، حميدتي على سبيل المثال يلتقي برؤساء دول منها روسيا وهو أمر غير منطقي نظرا لكونه أحد القيادات العسكرية ولا يحق له القيام بأدوار سياسية، كما إن البرهان كان فى زيارة شبه دائمة للقاهرة رغم أنه فى هذا التوقيت كان ضمن مجلس سيادي سوداني يقود العملية السياسية ولم يكن رئيس دولة” .
وتابع ” واضح أن كل الأطراف عنده ما يدفعه للإرتكان لقوي دولية وإقليمية، مثل الولايات المتحدة وروسيا ، إضافة للدول الخليجية التي تعتبر أحد أكبر المستثمرين فى السودان”.
سيناريوهات الأزمة السودانية
ويعتقد خبير الشؤون الأفريقية أن هناك سيناريوهات متعددة ربما أسوءها استمرار الصراع دون حل أو حسم من أحد الطرفين بحيث تستمر المعارك لفترات دولية دون أن يستطيع أى طرف حسمها لصالحه وهو ما سيؤدي لاستنزاف طاقة ومقدرات الدولة السودانية الضعيفة بالأساس وهي دولة لا تستطيع مواجهة ذلك لأنها ضعيفة الأركان اقتصاديا ومجتمعيا وحياتيا وقد نصل لأوضاع انسانية أصعب مما حدث فى دول مثل ليبيا التي لم تشهد على طول أزماتها أى نقص فى السلع أو الغذاء فى حين أن السودان قد تكون أقرب للأزمة اليمنية التي وصلت فى بعض مراحلها للمجاعة.
أما السيناريو الثاني بحسب زهدي فهو “تحقيق أحد الطرفين انتصار حاسم يقضي به أحدهما على الأخر وهو أمر لا يمكن الجزم به او تحديد من يستطيع ذلك نظرا لوجود تقارب فى العدة والعتاد لكلا لطرفين، ولكن ربما يمكن القول أن القوات السودانية تعتبر الأقرب للحسم نظرا لانها تمتلك زيادة نوعية فى العدد والسلاح كما أنها تمتلك شرعية وربما تحصل على دعم العشائر والقبائل السودانية” .
ونوه إلي أن “السيناريو الثالث هو ظهور قوة ثالثة موازية للقوتين المتحاربتين مثل حدوث اتحاد للقبائل أو تجمع لمجتمع مدني أو حراك شعبي يرفض ما يحدث من صراع ثم يميل لأحد الجبهتين دون الأخري وفى هذه الحالة سيكون الأقرب هو دعم الجيش والقوات السودانية نظرا لما تمثله من شرعية وفق الذهنية الشعبية على عكس الدعم السريع التي قد يعتبرها البعض حركة متمردة منشقة لا يجوز لها الخروج بهذه الطريقة”.
أما أخر السيناريوهات بحسب الخبير المصري فهو “التفاوض ودخول قوى إقليمية ودولية لجمع الأطراف على مائدة تفاوض والبحث عن حلول للأزمة لافتا إلي أن هذا الأمر ربما يكون احتمال ضعيف نظرا لكون العملية السياسية فى السودان مستمرة فى المفاوضات بين الأطراف المختلفة على مدار أكثر من عامين دون الوصول لحلول جذرية ووصل الأمر فى النهاية للصراع المسلح بين الأطراف وبالتالي لا يمكن التعويل على هذا الأمر نظرا لأن كلا الطرفين لن يقبل بوجود الطرف الأخر على الاطلاق”.
مثّل التدخل الإيراني في سوريا، عبر قواتها النظامية ممثلة بالحرس الثوري وذراعه فيلق القدس، ومستشارييها وأموالها ومليشياتها الولائية العراقية واللبنانية العابرة للحدود، واحدًا من أسباب بقاء نظام الأسد في حكم سوريا ونجاته من ثورة شعبية عارمة، وسببًا رئيسيًا في استمرار مآسي الشعب السوري لأكثر من عشر سنوات.
هذا التدخل الذي أضحى تحكمًا كاملًا بسياسات نظام بشار الأسد وبأجزاء كبيرة من سوريا، فهو معتمد تمامًا على المساعدات الإيرانية لضمان استمراريته في ظل الانهيار الكامل لاقتصاد سوريا، وبدلًا من الجلوس على طاولة المفاوضات مع الدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري، وحلحلة الأزمات المتراكمة والمنصبّة على كاهل المواطن السوري، يستمر الأسد في دعمه لما يسمى بـ”محور المقاومة والممانعة”، على حساب الشعب السوري.
هذا التدخل تعدى الحدود الأخلاقية كافة، خصوصًا بعد أن انتشرت تقارير لاستغلال فظ لكارثة الزلزال من قبل طهران والذي ضرب سوريا في 6 فبراير وراح ضحيته المئات من المدنيين والأطفال وشرّد مئات غيرهم.
وبحسب تقرير لوكالة “رويترز”، إيران تقوم باستخدام الرحلات الجوية المخصّصة لإغاثة منكوبي الزلزال لإرسال أسلحة ومعدات عسكرية إلى سوريا، بهدف دعم مواقعها في مواجهة إسرائيل على الأراضي السورية.
وتفيد المصادر للوكالة، أن مئات الرحلات الجوية من إيران، بدأت في الهبوط في مطارات حلب ودمشق واللاذقية، بعد زلزال 6 شباط/ فبراير في شمالي سوريا وتركيا، واستمر ذلك لمدة سبعة أسابيع.
وتضمنت معدات اتصالات متقدمة وبطاريات رادار وقطع غيار مطلوبة، لتحديث مزمع لنظام الدفاع الجوي السوري المقدم من إيران.
الأمر الذي حوّل سوريا لساحة صراع إيراني – إسرائيلي، دفع بالأخيرة لاتخاذ تدابير عسكرية لمواجهة المد الإيراني، ترجمت على شكل ضربات جوية وغارات ممنهجة وعنيفة على مناطق سكنية وعسكرية ومطارات مدنية في سوريا.
وختم تقرير “رويترز” نقلاً عن مصدر استخباراتي غربي، في إشارة إلى الرحلات الجوية الإيرانية منذ زلزال 6 فبراير قوله “نعتقد أن الميليشيات الإيرانية نقلت كميات هائلة من الذخيرة، أعادت تخزين الكميات المفقودة في ضربات الطائرات الإسرائيلية بدون طيار السابقة”.
وهذا ما علق عليه العديد من المحللين السياسيين والعسكريين الذين بدأوا يستشعرون خطر اندلاع نزاع إقليمي على الأراضي السورية وكأن الحرب الأهلية وبطش نظام الأسد والحصار الإقتصادي الخانق التي عانى ومازال يعاني منها الشعب السوري ليسوا كافيين.
والجدير بالذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قال في تصريح صحفي مطلع الشهر الجاري، إن تل أبيب ستعمل على إخراج إيران و”حزب الله” من سوريا.
وأضاف “غالانت”: “نحن في توتر على جميع الجبهات، الإيرانيون يرسلون أذرعهم إلى يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وإلى حدود لبنان وأيضاً إلى سوريا وإلى غزة نحن نرى ذلك”.
وأشار إلى أن إيران تحاول أن تتمركز في سوريا لتنفذ عمليات ضد إسرائيل، مضيفاً: “لن نسمح للإيرانيين ولعملائهم في حزب الله أن يضروا بنا. لم نسمح بذلك في الماضي، ولا نسمح به في الحاضر، ولن نسمح به في المستقبل، وعند اللزوم سنضربهم وسنخرجهم من سوريا إلى المكان الذي يجب عليهم أن يكونوا فيه، وهو إيران وليس هنا”.
اعتبرت تقارير صحفية أن رأس النظام السوري بشار الأسد هو أكثر المستفيدين من كارثة الزلزال المدمر الذى ضرب بلاده الأسبوع الماضي.وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فقد وضع الزلزال القوي رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في دائرة الضوء العالمية وخلق له فرصة للعودة إلى الساحة الدولية من خلال “دبلوماسية الكوارث”.
ومع ارتفاع عدد القتلى جراء الزلزال الأكثر دموية في المنطقة منذ قرن، تلقى الأسد المنبوذ منذ فترة طويلة لقصفه وتعذيب شعبه خلال الحرب الأهلية في سوريا، التعاطف والمساعدة والاهتمام من البلدان الأخرى.
واتصل بالأسد، القادة العرب الذين تجنبوه لأكثر من 10 سنوات بعد الحرب الأهلية، فيما احتشد كبار مسؤولي الأمم المتحدة في مكتبه والتقطوا الصور معه.
وهبطت طائرات محملة بالمساعدات من أكثر من 12 دولة بينهم حلفاء لسوريا مثل إيران والصين وروسيا، بالإضافة إلى دول أخرى مثل السعودية التي كانت ترسل في السابق أسلحة إلى المتمردين الذين كانوا يسعون للإطاحة بنظام الأسد.
نعمة المأساة
ويري إميل حكيم محلل شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أنه لا شك أن هذه لحظة جيدة للأسد”.
وأضاف أن “مأساة السوريين نعمة للأسد؛ لأنه لا أحد يريد إدارة هذه الفوضى”.
خلال جولة في المدن التي ضربها الزلزال في سوريا خلال الأسبوع الماضي، يمكن للأسد لمرة واحدة أن يلقي باللوم على الدمار في بلاده على الطبيعة بدلا من الحرب، بينما يهاجم الأعداء الغربيين الذين اتهمهم بـ “تسييس” الأزمة.
وعززت الكارثة جهودا بطيئة من قبل حفنة من الدول العربية لإعادة الأسد إلى المسرح الدولي.
دعم عربي
وأرسلت الإمارات التي تقود الحملة، الاثنين، وزير خارجيتها إلى العاصمة السورية دمشق للقاء الأسد للمرة الثانية هذا العام.
والأربعاء، زادت الإمارات تبرعها بواقع 100 مليون دولار – ربع إجمالي نداء الأمم المتحدة الطارئ لسوريا.
ردا على هذا التواصل، قدم الأسد “تنازلا نادرا” يسمح لقوافل مساعدات الأمم المتحدة باستخدام معبرين حدوديين إضافيين من تركيا للمساعدات بالمرور مباشرة إلى الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة لأول مرة.
وتسيطر مجموعة متنوعة من المعارضة على مساحات شاسعة من شمال وشرق سوريا، بمن فيهم المتمردون الإسلاميون والمقاتلون الأكراد وقوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا.
ولا يزال حوالي 900 جندي أميركي متواجد في البلاد، يطاردون فلول تنظيم داعش، بعد أن قُتل زعيمه في غارة عسكرية أميركية في فبراير من العام الماضي.
بالنسبة لدولة الإمارات، فإن التحركات تجاه الأسد هي جزء من سياسة خارجية متناقضة في بعض الأحيان في المنطقة تضمنت أيضا تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ومن المؤيدين البارزين الآخرين للأسد الجزائر، التي دفعت لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
لكن ربما كان المشهد الأكثر لفتا للنظر هذا الأسبوع هو أول طائرة إسعافات من السعودية هبطت في مدينة حلب الشمالية، وهي الأولى منذ أكثر من عقد من الحرب.
وقال حكيم إن دبلوماسية الزلزال تجعل من “الأسهل والأقل تكلفة وأكثر تبريرا لعدد من الدول التحدث إليه”.
وتثير مثل هذه التحركات استياء السوريين الذين يريدون أن يواجه الأسد العدالة على الجرائم المزعومة التي ارتكبها.
شروط البقاء
وقال الخبير في الشؤون السورية بمؤسسة القرن، آرون لوند، “لم يعد هناك من يحاول بجدية الإطاحة بالأسد”. وتابع: “إنهم يبحثون فقط عن شروط اندماجه وبقائه”.
ومع ذلك، لا توجد مؤشرات تذكر على قيام الولايات المتحدة أو أوروبا بتخفيف العقوبات التي تستهدف الأسد ودائرته الداخلية، على الرغم من أن واشنطن قد خففت مؤقتا بعض القيود بهدف السماح بتدفق الأموال المخصصة للإغاثة من الزلزال بسهولة أكبر.
وقالت الخبيرة في الشؤون السورية بمجموعة الأزمات الدولية، دارين خليفة، “إن وضع سوريا كدولة منبوذة لن يتغير بشكل كبير”.
أعلنت حكومة النظام السوري 4 محافظات سورية “منكوبة”، بعد 4 أيام من الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا وتسجيل آلاف القتلى والمصابين.
ومنذ الساعات الأولى للزلزال، يوم الاثنين الفائت، طالب النظام السوري برفع العقوبات المفروضة عليه بذريعة الحد من تداعيات هذه الكارثة الطبيعية، وإتاحة إدخال المعدات الثقيلة، للإسهام في رفع الأنقاض وإنقاذ العالقين تحت الركام، فيما ادعى أن “العقوبات الأميركية هي من تحوّل دون الاستجابة للكارثة”، الأمر الذي نفته الأخيرة، بسلسلة توضيحات ردّت من خلالها على المزاعم.
وجاء ذلك على لسان وزير خارجيته، فيصل المقداد والمستشارة الخاصة في الرئاسة السورية، بثينة شعبان، فيما اتجه الأول لاشتراط دخول المساعدات الأممية من مناطق سيطرة النظام باتجاه شمال غرب سوريا المنكوب، وأن “لا تصل للإرهابيين”، حسب تعبيره.
وجاء في بيان لـ”مجلس الوزراء السوري” في أعقاب جلسته صباح الجمعة: “تعد المناطق المتضررة في محافظات حلب واللاذقية وحماة وإدلب نتيجة الزلزال الذي أصابها مناطق منكوبة، وبما يترتب على ذلك من آثار”.
وفي وقت لم تذكر حكومة النظام السوري الإجراءات المترتبة على هذا الإعلان، وعن أسباب تأخير هذه الخطوة، يوضح محامون أن الموضوع “متعلق بتسويات معينة”.
ويري مراقبون أن الخطوة “متأخرة”، وأنها ترتبط بـ”تسويات”، وبالسلوك الذي اتبعه الأخير خلال الأيام الماضية، “مستغلا الكارثة لتحقيق مآرب سياسية”.
ويحسب موقع الحرة، يعتقد المحامي السوري المقيم في دمشق، عارف الشعال أن التسويات قد ترتبط بـ”موافقة الحكومة السورية على تسهيل وصول المنظمات الإغاثية للمناطق غير الخاضعة لسيطرتها مقابل الحصول على مساعدات دولية، وتعليق مؤقت للعقوبات وفق الآلية الدولية للمناطق المنكوبة”. نتائج القرار
وبخصوص ما سيترتب على هذا الإعلان يضيف المحامي: “ستتدفق المساعدات الدولية بتسهيل كبير من الحكومة، وهو ما لمسناه باحتساب البنك المركزي السعر الموازي للعملات القريب جدا من سعر السوق السوداء لتحويلات المنظمات الدولية للقطع الأجنبي”.
وقبل ساعات من صباح الجمعة أقر البنك المركزي السوري “سعر صرف عادل للأمم المتحدة مطابق لسعر الصرف التي تحصل عليه بقية الجهات التي تحمل على تحويل مبالغ من خلال القنوات الرسمية”.
وجاء في قرار للمصرف: “تعتبر الحوالات الخارجية الواردة إلى المنظمات الأممية والإنسانية والهيئات التابعة لها ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري والمحولة لأغراف الاستجابة الطارئة للزلزال في سوريا مستثناة من أحكام القرار 145 تاريخ الأول من فبراير 2023، لجهة سعر الصرف المطبق، بحيث يتم تطبيق سعر الصرف الوارد في نشرة الحوالات والصرافة بتاريخ ورود الحوالة”.
ماذا يعني “منكوبة”؟
ويقول محللون إن رأس النظام السوري، بشار الأسد يسعى لتحقيق مكاسب سياسية من الزلزال الذي دمر أجزاء كبيرة من سوريا وتركيا، ويضغط من أجل إرسال مساعدات خارجية عبر الأراضي السورية للتحرر تدريجيا من العزلة الدولية المفروضة عليه.
وحتى الآن لم تكشف الأمم المتحدة عن خططها المتعلقة بالاستجابة للمناطق السورية المنكوبة، سواء تلك الخاضعة لسيطرة النظام السوري أو في شمال غرب سوريا، حيث تسيطر فصائل المعارضة، والتي لم تدخلها حتى الآن إلا قوافل “روتينية ومجدولة بشكل مسبق”، حسب ما قال عمال إغاثة لموقع “الحرة” في وقت سابق.
وتُنقل المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غرب سوريا عادة من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن حول المساعدات العابرة للحدود، لكن الطرق المؤدية الى المعبر تضررت جراء الزلزال، ما أثر موقتا على قدرة الأمم المتحدة على استخدامه، حسب ما أعلنت الأخيرة، قبل يومين.
وكانت وسائل إعلام النظام السوري قد تحدثت، مساء الخميس، أن الأخير “أبلغ الجانب الأممي بأنه في حال تأخرت المنظمات الدولية في أداء واجباتها وتسلم المساعدات، فإن سوريا لن تتردد في إدخال هذه المساعدات وحدها لمساعدة الأهالي المنكوبين”.
ونقلت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية عن مصادر لم تسمها أن “المفاوضات وصلت إلى نقطة التفاهم، والمساعدات الإنسانية ستدخل عبر معبر سراقب يوم السبت على أبعد تقدير”.
الاستثمار فى الكارثة
ويرى المحامي السوري، غزوان قرنفل أن أسباب تأخر النظام السوري في إعلان المحافظات السورية الأربعة منكوبة ترتبط بمحاولته “الاستثمار السياسي للوضع، والسعي لاستقدام المعونات من قنواته خلال الأيام الماضية”، وبالتالي ستكون له سلطة على عملية التوزيع.
ويقول قرنفل بحسب موقع “الحرة”: “في حالة المناطق المنكوبة سيكون للمنظمات الأممية الإنسانية دور في إدخال المساعدات وتوزيعها، وبالتالي الاستقلالية”.
في المقابل فإن عدم الإعلان عن أنها “منكوبة” كان سيتيح للنظام السوري استلام الدعم الإنساني، والإشراف على عملية التوزيع، و”هو ما سعى إليه”.
“هدف التأخير كان محاولة خلق نوع من تعامل الأمر الواقع مع حكومة النظام باستجلاب المساعدات وإدخالها دون الإعلان كمناطق منكوبة، وبذلك انفتاحا لكسر العزلة”، حسب تعبير المحامي السوري.
والإعلان عن “منطقة منكوبة” مصطلح سياسي يتعلق بآلية طلب مساعدات الإغاثة الدولية، وهو يخضع لمعايير دولية تحدّ من صلاحيات السلطات الوطنية في كيفية التصرف بهذه المساعدات.
وبذلك يقول المحامي عارف الشعال: “يندرج تحت باب التجاذبات والحسابات السياسية، وهذا ما يفسر تصريح رئيس الوزراء ومن بعده وزير الصحة ((احتمال)) الإعلان عن مناطق معينة بأنها منكوبة دون الإعلان رسميا عن ذلك بالرغم من أنها منكوبة فعلا”.
ويبدو أن “التجاذبات السياسية أثمرت وبدأنا نلحظ نتائجها كإرسال قافلة حكومية لإدلب، وتعليق مؤقت للعقوبات وغيرها”، وفق الشعال.