بقلم الإعلامية السودانية/ هادئة الهواريالبعض يتساءل من وجهة نظر عسكرية بحته بعيدا عن قضايا المتحاربين ـ برغم الفجوة الواسعة بين إمكانات الدعم السريع المحدودة مقارنة ً بالجيش من حيث التسليح والقدرات وخطوط الإمداد والدعم اللوجستي ـ
يتسائل عن سبب تفوق الدعم السريع في أغلب المعارك إن لم تكن جميعها ، وتنوع أساليب القتال لديه ،وسلاسة تنفيذ عمليات الكر والفر، وإحكام الكمائن ، والعقيدة القتالية ، والثبات وابتكار أساليب جديدة للقتال لم تدرس حتى في الكلية الحربية السودانية.
وتكمن الإجابة على هذا التساؤل بالعودة إلى قرار نظام البشير التكسب السياسي على حساب إرسال قوات من الغرب (الهامش) ـ غير مؤثرة مجتمعياً ولا تشكل ثقل على كاهل الدولة ولا ضرر حتى من فنائها ـ إرسالهم لدعم عاصفة الحزم ومواجهة اليمنيين ( الحوثيين) ، وذلك اعتقادا أن هذا سينقذ الاقتصاد السوداني حينها من الإنهيار بدعم السعودية السخي وزيادة التبادل التجاري وحجم الاستثمار والمساعدة في تخفيف وطأة الضغوط الأمريكية ….الخ .
إلا أن نتائج هذا السفاح تسببت في أكبر كارثة سيعرفها السودان الحديث والتي من الأرجح أن تغير خارطة السيادة ودائرة صنع القرار فيه للأبد ، فقد اكتسبت هذه القوات خبرات قتالية جديدة تتمثل في أساليب الكر والفر وفهم عدم الجدوى من المواجهات المفتوحة (المعروفة في صدام المجموعات المسلحة في وسط وغرف أفريقيا) وتنفيذ الكمائن بشكل احترافي وهذا أصبح جلياً حيث تختفي القوات وتظهر فجأة عند وصول العدو للنقطة صفر مثل معارك بحري الكدرو واستقبالهم للقوات المستنفرة” وهذا أسلوب قتال الحوثيين مع هجمات قوات تحالف عاصفة الحزم لتحاشي تفوق اسناد الطيران” .
وأيضا عقيدة مقاتلي الدعم السريع ومعنوياتهم العالية وتجاوز فكرة (شبح الموت عند المواجهات) ، متمثلة في عبارة (زايلي ونعيمكي زايل) وهذا شعار يؤثر على معنويات المحارب ويظهر بسالة وثبات منقطع النظير وعدم الحرص على الحياة وتخيل شرف الموت في المعركة وهي مبادئ تعلمها جنود الدعم السريع من ثبات اعدائهم الحوثيين في اليمن، واستفادت قيادتهم من هذه الروح والجاهزية وأصبحت تداعبهم بكلمة (أشاوس) وهي كلمة كثيرة الترداد عند قيادات الحرب اليمنية بكل أطرافها.
ومن الملاحظ بشكل كبير استعانة قواة الدعم السريع بالزوامل اليمنية ( اناشيد حماسية تربط المقاتل بمعاني الجهاد والشرف والثبات ، كل هذه الخبرات التراكمية التي استفادتها هذه القوات خلال السنوات السبع الماضية بالإضافة إلى استعانة الجيش السوداني بهذه القوات لحسم الحركات المسلحة والصراعات القبلية في وسط وغرب السودان اكسبتهم تفوق مطلق في هذه المرحلة ولن تتمكن القوات المسلحة من معادلة الكفة حتى يتمكنوا من فهم أساليب الدعم السريع المكتسبة من خارج الحدود ورفع معنويات الجيش بخطاب روح الوطنية والفداء كما فعلوا ايام حرب الجنوب.
والمتوقع إذا لم تحسم الأمور واستمر الصراع أن يصل الجيش لنقطة التكافئ التنظيمي والخبرات القتالية مع العدوان في بداية ٢٠٢٥ وسيكون الحسم حينها بيد القوى الإقليمية والدولية فقط.
تحدثت تقارير صحفية عن إلغاء زيارة رسمية كان يفترض أن يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلي تركيا نهاية تموز الماضي وهو ما اعتبره البعض دليل على وجود ملفات عالقة تعرقل عودة التطبيع الكامل للعلاقات بين القاهرة وأنقرة…فهل فعلا تعطل قطار التطبيع المصري التركي أم أن الأمر مجرد فقاعات إعلامية ؟
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية الثلاثاء 4 تموز الماضي رفع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا إلى مستوى السفراء، وبعدها بأقل من 24 ساعة نقلت وسائل إعلام مصرية عن تقارير صحفية تركية تحديد موعد زيارة رسمية للسيسي إلي أنقرة.
وكانت صحيفة “إندبندنت التركية” قد أكدت في تقرير لها 5 تموز الماضي إن السيسي سيزور تركيا في 27 يوليو الجاري وسيلتقي نظيره التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة وسيبحثا معا العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية.
احتفاء مصري
ورغم عدم إعلان الرئاسة المصرية أو وزارة الخارجية عن موعد الزيارة ألا إن تناول وسائل الإعلام المصرية للخبر وتداوله بشكل كبير على مستوي الصحف والقنوات الرسمية بشكل كامل أوحي للجميع أن الإعلان التركي جاء بالتنسيق مع الجانب المصري.
كما نقلت وسائل إعلام روسية في 16 تموز الماضي تصريحات حصرية للسفير التركي الجديد بالقاهرة صالح موطلو كشف فيها عن تحديد موعد زيارة السيسي لأنقرة وأن اللقاء تم الاتفاق علي موعده بين حكومتي البلدين دون ان يعلن صراحة الموعد المحدد للزيارة .زيارة أردوغان للقاهرة
تصريحات السفير التركي بالقاهرة، أكدها مصدر دبلوماسي مصري في تصريحات صحفية نشرتها وسائل إعلام مصرية”، كاشفا عن ترتيب زيارة رسمية للرئيس المصري إلى أنقرة تلبية لدعوة نظيره التركي، مضيفاً أن الموعد المحدد للقمة هو في 27 يوليو/تموز الحالي في العاصمة التركية أنقرة.
وأوضح الدبلوماسي المصري، وفق الصحيفة، أنه من المقرر أن يستتبع تلك القمة، زيارة سيقوم بها أردوغان للقاهرة، في الشهر التالي، ستستمر 3 أيام ستتخللها مجموعة من اللقاءات مع مسؤولين عرب.
إلغاء أم تأجيل
ومع مرور اليوم المحدد للزيارة 28 تموز دون سفر الرئيس المصري الذى تواجد في نفس التوقيت بمدينة ستراسبورج الروسية للمشاركة في القمة الروسية الأفريقية بدأ الحديث عن خلافات في وجهات النظر بين القاهرة وأنقرة حول عدد من الملفات ربما كانت السبب في تأجيل أو إلغاء الزيارة المرتقبة.
وبحسب مراقبون فإنه لا يمكن الحديث عن إلغاء زيارة السيسي لتركيا خاصة أنه لم يصدر بيان رسمي من الرئاسة المصرية بتحديد موعدها قبل ذلك، مشيرين في الوقت نفسه إلي وجود بعض الملفات العالقة التي لم يتم حسمها بين البلدين حتي الأن.
خلافات قائمة
ويري هاني الجمال الباحث في العلاقات الدولية أنه على الرغم من تسارع وتيرة التقارب المصري التركي وخاصة بعد إعادة انتخابات الرئاسة التركية واهتمام أردوغان بعودة العلاقات مع مصر بعد عشرة أعوام من الجفاء الدبلوماسي بينهما ومع تنامي هذه العلاقة والتحضير إلى قمة ثنائية وشيكة بين الطرفين إلا أن هناك أمور سياسية وعالمية قد ألقت بظلالها على موعد هذه القمة”.
وقال لوكالتنا ” إن من أهم الأمور التي عطلت زيارة الرئيس المصري لتركيا القمة الروسية الأفريقية والتي شارك فيها السيسي بقوة خاصة لما حملته هذه القمة من صياغة جديدة للتحالفات الدولية هذا بجانب اجتماع الفصائل الفلسطينية والتي اجتمعت في مدينة العلمين الجديدة وسبقتها زيارة خاطفة للرئيس الفلسطيني محمود عباس ابومازن مع إسماعيل هنية إلى تركيا لوضع نقاط محددة من أجل المصالحة الفلسطينية”.
وبحسب الباحث فإن “الملف الليبي هو أحد أهم الملفات الشائكة في العلاقة بين القاهرة وأنقرة، خاصة بشأن خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا ومن بينها الميليشيات الموالية لتركيا وجماعة الاخوان المسلمين في ليبيا وهو ما ترفضه أنقرة دون الحصول على عقود تنمية اقتصادية وضمان وضع جيد لحلفاءها ضمن مستقبل ليبيا”.
وأشار الباحث إلي أن ملف الغاز وانضمام تركيا لمنتدي غاز شرق المتوسط ضمن الملفات التي لم يتم التوافق حولها حتى الأن، خاصة أن المصالحة بين قبرص واليونان وتركيا لم تتم بالشكل الامثل وهو ما يعرقل التواجد التركي في المنتدى، فضلا عن أزمة الغاز الإسرائيلي وعبوره عبر الموانئ التركية على الرغم من الاتفاقيات المسبقة بين مصر وإسرائيل من أجل تسييل الغاز عبر موانئ دمياط.”
ويري الجمال أنه “على الرغم من هذه الأسباب التي قد تؤجل موعد الزيارة إلا أنها مسألة وقت لعقد القمة بين السيسي وأردوغان من أجل إيجاد رؤية مشتركة في حلحلة الأمور في هذه الملفات فضلا عن تفعيل التبادل التجاري عبر موانئ البحر المتوسط وتعزيز التعاون الصناعي والعسكري وخاصة في مجال صناعة المسيرات لما تمتله تركيا من هذه التكنولوجية وما تمتلكه مصر من مصانع حربية لها الخبرة الطويلة في صناعة الأسلحة”.
مباحثات لحل الخلافات
من جانبه، أكد د.أسامة السعيد الباحث في الشؤون التركية أنه “لم يكن هناك موعد رسمي معلن لزيارة السيسي لأنقرة، وبالتالي يصعب القول أن الزيارة تأجلت أو ألغيت لأنه لم يكن لها إطار زمني أو موعد معلن بشكل رسمي من مؤسسات الدولة المصرية”.
وقال لوكالتنا ” إن الحديث عن وجود تباينات أو خلافات حول بعض مسائل أمر طبيعي في أى علاقة دولية، لافتا إلي أن لدى مصر وتركيا الأطر الدبلوماسية لحسم هذه الخلافات أو على الأقل احترام المصالح المتبادلة لكل طرف من الطرفين”.
وأشار إلي أنه “إذا لم تكن الدولتين لديهم رغبة في استئناف العلاقات بشكل كامل لم يكونا لتقطعا هذه الخطوات التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية، خاصة بعد الوصول لرفع مستوي العلاقات الدبلوماسية لتبادل السفراء”
أزمة الميليشيات
ويري الباحث أن ” الميليشيات التركية في ليبيا أحد أهم نقاط الخلاف بين البلدين ، ومصر لديها موقف واضح من هذه المسألة قبل المصالحة وبعدها وسبق وأعلن وزير الخارجية المصري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي خلال زيارة الأخير للقاهرة أن مصر ترفض وجود هذه الميليشات على أرض ليبيا”، في حين أن تركيا تروج أن هذه القوات موجودة بطلب من الحكومة الليبية، لافتا إلي أن هذا الملف من أكثر الملفات التي تحظي بالنقاش بين البلدين ولكنها لم توقف المباحثات”.
وحول انزعاج مصر من الدور الذى تسعي تركيا للعبه في الملف الفلسطيني، ومدى إمكانية تأثير هذا على العلاقات بين مصر وتركيا، أكد الباحث أن “تركيا لديها رغبة قوية للقيام بدور في الملف الفلسطيني واستئناف عملية السلام بين الفلسطينين والإسرائلين رغم علمها بالأولوية التي تمثلها هذه القضية للسياسة الخارجية المصرية والأمن القومي المصري”.
وكشف الباحث أن لديه معلومات أن “أردوغان كان يسعي لترتيب لقاء بين الرئيس الفلسطيني أبو مازن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتيناهو الذى كان يفترض أن يزور أنقرة في نفس توقيت زيارة عباس ولكن منعته ظروفه الصحية، لافتا إلي أن أبو مازن اخبر تركيا أن مصر هي المرجعية الرئيسية للملف الفلسطيني”.
وأشار إلي أن “مصر نفسها منفتحة على أى جهود تقوم بها أى دولة في الملف الفلسطيني ولم تزعم يوما ما أنها تحتكر الملف الفلسطيني وسبق أن رحبت بجهود الجزائر والسعودية وعواصم أخري في هذا الملف”.
وأكد إن “ما يزعج القاهرة هو محاولة استقطاب بعض الفصائل للقيام بأدوار تضر بالقضية الفلسطينية لانه يفسد جهودا كبيرة تقوم بها”.
شهدت النيجر صباح الأربعاء 26 يوليو/تموز، انقلابا جديد على السلطة بعد أن احتجزت عناصر تابعة للحرس الوطني في القصر الرئاسي الرئيس محمد بازوم، ووزير داخليته حمادو أدامو سولي، قبل أن تعلن في مساء اليوم ذاته “عزله من السلطة”.وأعلن عسكريون يطلقون على أنفسهم اسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”، قد أعلنوا الأربعاء 26 يوليو/تموز 2023، الإطاحة بنظام رئيس النيجر بازوم وتعليق العمل بالدستور “بسبب تدهور الأوضاع في البلاد”، وفقاً لبيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الرسمي بالعاصمة نيامي.
كما أعلن الجيش النيجري، الخميس، 27 يوليو/تموز، دعمه لعملية الانقلاب التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم؛ وذلك “تفادياً للاقتتال داخل صفوف القوات المسلحة”، بحسب بيان وقّعه رئيس الأركان.
ويعتبر الرئيس “المعزول” محمد بازوم، أول رئيس عربي ومنتخب، يصل السلطة بشكل ديمقراطي في النيجر حيث تم انتخابه في أبريل/نيسان عام 2021، خلفاً للرئيس محمدو إيسوفو، في أول انتقال للسلطة من رئيس إلى آخر من خلال صناديق الانتخابات.
ردود الأفعال الدولية
ومنذ اللحظات الأولي للانقلاب توالت ردود الأفعال الدولية المناهضة له، فيما صدر رد فعل غريب من قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين، وصفه بـ ” النبأ السار” في دلالة قد تؤشر على دور روسي في الإنقلاب.
وبحسب وسائل إعلام، وصف بريغوجين في رسالة صوتية بثّتها قواته على تليغرام، مساء الخميس، 27 يوليو/تموز 2023. الانقلاب بأنه لحظة تحرير طال انتظارها من المستعمرين الغربيين، معتبرا أن “ما حدث في النيجر لم يكن سوى كفاح شعب النيجر مع مستعمريه، مع المستعمرين الذين يحاولون فرض قواعد حياتهم عليه وعلى ظروفه وإبقائه في الحالة التي كانت عليها إفريقيا منذ مئات السنين”.
وأثار التسجيل الصوتي المنسوب لزعيم فاغنر الشكوك حول دور تلعبه موسكو في الانقلاب على الرئيس المنتخب في النيجر خاصة مع ظهور أعلام روسيا في المظاهرات الداعمة للانقلابيين بشوارع العاصمة نيامي.
الولايات المتحدة من جانبها، أعربت عن ادانتها للانقلاب، ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، السبت 29 يوليو/تموز إلى الإفراج الفوري عن رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم، واستعادة النظام الديمقراطي في البلاد.
ونقلت وسائل إعلام، عن وزارة الخارجية الأمريكية، قولها إن بلينكن أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المخلوع بازوم، وأكد دعم واشنطن استمراره في الحكم”.
وأدان مجلس الأمن الدولي الانقلاب على الرئيس، ودعا إلى الإفراج عنه، واعتبر انقلاب الجيش سبباً في تقويض جهود تعزيز مؤسسات الحكم بالبلاد.
الاتحاد الأوروبي من جانبه، أعلن السبت، 29 يوليو/تموز وقف جميع أشكال التعاون الأمني مع النيجر “بصورة فورية” ، وأكدت دول الاتحاد أنها لن تعترف بالقادة العسكريين الذين نصبوا أنفسهم في النيجر.
كما ندد مجلس السلم والأمن الإفريقي، بـ”الانقلاب في النيجر”، مطالباً القادة العسكريين بالعودة إلى ثكناتهم خلال مدة 15 يوماً.
الموقف الفرنسي
بحسب وسائل إعلام فرنسية فإن باريس تعتبر أكبر الخاسرين من انقلاب النيجر خاصة أنها من أهم حلفاء رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، وبعزله تكون فرنسا قد فقدت آخر حلفائها المقربين في منطقة الساحل الإفريقية، بعد أن فقدت أصدقاءها في مالي، التي هزها انقلابان في عامي 2020 و2021، ثم في بوركينا فاسو، التي شهدت انقلابين في 2022.
ووفقا لصحيفة لموند الفرنسية فإن باريس توقعت هذا السيناريو وحذرت حليفها بازوم منه خاصة في ظل تصاعد حدة المواجهات في البلد مع بعض الجماعات المتطرفة، وهو ما من شأنه أن “يضر بمصالح الغرب ويزعزع استقرار منطقة الساحل”.
وبحسب مراقبون، يمثل الانقلاب ضربة للنفوذ الفرنسي في أفريقيا، حيث كانت النيجر تعتبر آخر معاقل فرنسا بغرب إفريقيا. إذ يعد الرئيس المعزول بازوم، البالغ من العمر 63 عاماً، واحداً من القادة الموالين للغرب في منطقة الساحل، حيث أدت انقلابات متتالية ضد رؤساء منتخبين في مالي وبوركينا فاسو في السنوات الأخيرة إلى تقلص النفوذ الفرنسي بشكل لافت، بينما تمدد النفوذ الروسي عبر مجموعات فاغنر الأمنية الخاصة.
مشهد متكرر
ويري رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية أن ما يحدث في النيجر مشهد متكرر وأصبح شبه معتاد في القارة الأفريقية، مشيرا إلي أن النيجر نفسها منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 شهدت 4 انقلابات اضافة لعشرات المحاولات لتي لا يمكن حصرها، فضلا أن النيجر تقع بجوار مالي وبوركينا فاسو وهم من أكثر الدول الأفريقية التي شهدت انقلابات عسكرية لدرجة أن بوركينا فاسو شهدت مؤخرا إنقلاب على الإنقلاب في سابقة لم تحدث من قبل .
وقال لوكالتنا “بلاد كثير في إفريقيا لا يوجد بها دعائم للديمقراطية أو استيعاب للرأي الأخر ولا مجال للعمل العام وبالتالي عند حدوث أى خلاف أو صراع على السلطة يكون العمل المسلح والانقلاب على النظام هو الطريق الأسهل في معظم الدول الأفريقية،لافتا إلي أن فكرة التخلص من الحاكم على أنه مصدر للأزمة هى المسيطرة، ويعتقد البعض أنه لا مجال للتخلص من الرئيس سوي بالانقلاب عليه أو قتله”.
وأوضح أن “رئيس النيجر محمد بازوم انتخب بطريقة ديمقراطية عام 2021 ألا أنه منذ انتخابه يُصنف على أنه الأوثق علاقة بفرنسا وهو ما استخدمه المعارضون له رغم أن النيجر دولة فرنسية الهوي، فالاستثمارات بها فرنسية، والتأسيس فرنسي والاحتلال كان فرنسيا”.
وأشار إلي أن “أخر انقلاب شهدته النيجر كان في فبراير 2010 وتمت الاطاحة بالرتيس مامادو تينجا وبالتالي هي دولة معتادة على الانقلابات”.
الأزمة الداخلية
ويعتقد الباحث أن “الأزمة الحالية جزء منها داخلي نتيجة الأوضاع الاقتصادية، لافتا إلي أنه كانت هناك محاولات لوقف التصعيد في ظل وجود رفض لبعض قرارات رئيس الدولة ووجود شكاوي متعددة في ظل تردي الأوضاع الانسانية بالبلاد ولكن المعارضة كانت تري أن التخلص من الرئيس هو الملجأ الوحيد”.
واعتبر زهدي “أنه من السطحية النظر لمشكلات وأزمات النيجر على أنها مرتبطة بوجود الرئيس أو رحيله فهي أعمق من ذلك بكثير”، مؤكدا أن”النيجر أحد أفقر دول العالم رغم وجود ثروات كبيرة”.
ويعتقد الخبير بالشؤون الأفريقية “أنه من الوارد جدا، وجود تورط روسي في الانقلاب بالنيجر، معتبرا أن إشادة رئيس فاغنر بما حدث يؤكد تلك الشبهات ويجعل موسكو في موقف حرج”.
وقال إن اصدار بيان من قبل رئيس فاغنر أمر غير موفق بالمرة ، فالمفترض أن فاغنر شركة أمنية وليست جهة سياسية، وليس من المقبول تعليقها على ما حدث بالنيجر أو بأى دولة”.
وأشار إلي أن “عرض رئيس فاغنر المشاركة في تسيير الأمور وحفظ الأمن قد يؤشر على تورطها في الانقلاب”.
ضربة للنفوذ الفرنسي
وتري فريدة البنداري نائب رئيس المركز العراقي للدراسات الأفريقية أن هذا الانقلاب يعد ضربة قاسية اخري لفرنسا في مستعمراتها الافريقية، لافتة إلي أن احد السيناريوهات المتوقعة ان هناك تدخل خارجي خاصة أن لروسيا بعض الاصابع الداخلية ، فضلا أن هناك اعلام لروسيا كانت مرفوعة بالتظاهرات.
وقالت لوكالتنا ” اذ تتبعنا دور الكرملين، على مدى السنوات الثلاث الماضية، نجده وبدافع من الرغبة يسعي الى زعزعة الاستقرار في فرنسا والأطراف الغربية الفاعلة الأخرى في دول القارة الافريقية، وهو ما ظهر في سياق تعاطفه الضمني مع العسكريين الذين استولوا على السلطة في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، الذين ينظر إليهم قادة الدول المجاورة بوصفهم تهديدا للاستقرار الإقليمي”.
وتوقعت الباحثة أن يكون “هناك رد فعل فرنسي على الانقلاب مؤكدة أن فرنسا ترتكز في استراتيجيتها الجديدة تجاه أفريقيا على النيجر في تنفيذ أهدافها الجيوسياسية، كما تعتمد عليها أيضًا في الحصول على 35% من احتياجات فرنسا من اليورانيوم لمساعدة محطاتها النووية في توليد 70% من الكهرباء”.
تحدثت الكثير من التقارير الصحفية عن بوادر خلافات قوية تلوح في الأفق بين موسكو وأنقرة علي خلفية المواقف التركية الأخيرة التي تراها روسيا أقرب لمواقف الغرب العدائية تجاه روسيا.
وبحسب وسائل إعلام فقد اعتبر مسؤول كبير بمجلس الدوما الروسي أن تركيا تتحول إلي دولة غير صديقة لروسيا.
ووصف فيكتور بونداريف- رئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس الاتحادي الروسي (مجلس الشيوخ) ممارسات وسياست تركيا الأخيرة تجاه روسيا بأنها طعنة في الظهر، معتبرا أن تركيا مستمرة بشكل تدريجي وثابت في التحول من دولة محايدة الى دولة غير صديقة لروسيا”.
تصريحات بونداريف حول الخلافات الروسية مع تركيا، أكدها المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، كاشفا عن وجود خلافات في وجهات النظر بين بلاده وتركيا دون ذكر أسباب هذه الخلافات، مؤكدا في الوقت نفسه “إن موسكو عازمة على تطوير الحوار مع تركيا”.
توتر مكتوم
وتشهد العلاقات بين أنقرة وموسكو توترا مكتوما على خلفية أكثر من قرار تركي أثار قلق وغضب روسيا، خاصة بعد موافقة تركيا على تسليم قادة فوج أزوف الأوكران إلى الرئيس زيلينسكي خلال زيارته لأنقرة، رغم وجود إتفاقية بين روسيا وتركيا وأوكرانيا بأن يبقى هؤلاء القوميين في إسطنبول ولا يعودوا إلى أوكرانيا حتي نهاية الحرب.
وكذلك موافقة تركيا على انضمام السويد الى حلف الناتو، فضلا عن إعلان أردوغان خلال استقباله زيلينسكي تأييده انضمام أوكرانيا مستقبلا إلى حلف الناتو.
ورغم الغضب والقلق الروسي من التحركات التركية تجاه الغرب، فإن الخطاب الروسي الرسمي كان حذرا في التعامل مع تركيا، وسعي لتحذير تركيا من الغرب حيث أعلن المتحدث باسم الكرملين أنه يتعين على أنقرة عدم وضع نظارات وردية، فلا أحد في أوروبا يريد انضمامها للاتحاد الأوروبي”.
وتابع بيسكوف: “يمكن لتركيا أن تتجه نحو الغرب، فنحن نعلم بأنه في تاريخها كانت هناك فترات من التوجه المكثف نحو الغرب وكانت هناك فترات أقل كثافة، ولكننا نعلم أيضًا أن الأوروبيين لا يريدون رؤية تركيا في أوروبا”.
وبحسب خبراء فإن المواقف التركية العدائية تجاه روسيا ليست جديدة بل أن أنقرة طالما أخذت الموقف المناهض للسياسة الروسية في معظم الملفات الدولية، مؤكدين في الوقت نفسه أنه من غير المرجح أن يحدث انفكاك في العلاقات الروسية التركية لأنها استراتيجية وعميقة وتصب في مصلحة البلدين.
ويري الخبراء أن علاقات البلدين في سوريا أكبر من أن تتأثر بهذه الخلافات خاصة أن موسكو وأنقرة ينخرطان في الأزمة السورية منذ سنوات ويستطيعان تجاوز أى خلافات خارجها”.
رأي غير رسمي
واعتبر د.عمرو الديب الأستاذ في معهد العلاقات الدولية بجامعة لوباتشيفسكي الروسية أن تصريحات رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما ضد تركيا لا يمكن التعويل عليها أو التعامل معها بجدية مؤكدا أنها لا تمثل وجهة النظر الرسمية في سوريا خاصة أن من أطلقها ليس شخصية تنفيذية ولا يشارك في عمليات صنع القرار الروسي.
وقال لوكالتنا ” يمكن اعتبار هذا التصريح أنه نوع من الرأي الشخصي حول العلاقات الروسية التركية لا أكثر ولا أقل”.
وأكد الديب وهو مدير النسخة العربية بمركز خبراء مركز رياليست الروسي إن “تركيا دولة مهمة في السياسة الخارجية الروسية ولا يمكن اعتبارها دولة غير صديقة لروسيا لأن هناك العديد والعديد من الملفات الساخنة والمهمة جدا التي تشترك فيها البلدين”.
ويعتقد الخبير في الشؤون الروسية أن “ما حدث في الفترة الأخيرة من أمور يمكن اعتبارها سلبية في العلاقة بين أنقرة وموسكو مثل الإفراج عن قادة كتيبة أزوف الأوكرانية الذين كانوا محتجزين في تركيا أو دعم أنقرة الغير محدود لكييف أو الموافقة التركية على انضمام السويد لحلف الناتو مشيرا إلي أنه يمكن في نهاية التوصل لحل وسط وتقريب وجهات النظر حول هذه القضايا لان روسيا وتركيا يعتمدان بشكل كبير على بعضهما البعض”.
وحول تأثير تلك الخلافات على التنسيق بين البلدين في سوريا، أكد الخبير في الشؤون الروسية أنه “على مدار سنوات الأزمة السورية أثبتت كلا من أنقرة وموسكو قدرتهما على تنسيق المواقف وتجاوز أى خلاف خارج حدود سوريا وذلك لرغبة الطرفين في الحفاظ على مصالحهما المشتركة وقدرتهما على التعاطي مع أى خلافات”.
خلافات ولكن
بدوره، يعتقد د.نور ندا الخبير المصري في الشؤون الروسية أن “تصريحات رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الدوما تؤكد أن مؤسسات الدولة الروسية لم تنسى دور تركيا ورئيسها أردوغان فى دعم الأضطرابات الشعبية فى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، ودعمها العسكري لجمهورية أذريبجان فى صراعها مع أرمينيا، فضلا عن دعم أنقرة لجماعات متطرفة مرتبطة بنظام كييف بشبه جزيرة القرم بالسلاح والتدريب، بجانب دور تركيا فى إمداد أوكرانيا بالطائرات بدون طيار في حربها ضد روسيا”.
وقال ندا لوكالتنا إن “المواقف التركية الأخيرة متناقضة ومعادية للمصالح الروسية مما يعتبر بمثابة استفزاز مباشر للإدارة والشعب الروسى، لافتا في الوقت نفسه إلي ما تفرضه ظروف الصراع الدولي من مواقف وعلاقات على جميع الأطراف تبدو للوهلة الآولى غير مفهومة”.
ويعتقد خبير الشؤون الروسية أن “دور تركيا معادى للمصالح الروسية، ولكن فى ظل عالم غير مستقر تسوده الصراعات والحروب معظم مناطقه الجغرافية يمكن تجاوز الخلافات ولو مؤقتا من أجل الحفاظ على المصالح المشتركة والمكاسب الاستراتيجية هو ما ينطبق على الأوضاع بسوريا حيث ترتبط روسيا وتركيا بالكثير من الملفات والاتفاقات”.
ربما لم يكن أكثر المتشائمين بالسودان يتوقع أن تشهد بلادهم حربا بين قوات الجيش وحليفتها قوات الدعم السريع، وحتي من توقع الحرب لم يكن يتخيل أن تستمر المواجهات العسكرية قرابة 100 يوم.
أيام معدودة تفصل الصراع في السودان عن بلوغ الـ100 يوم لم تتوقف فيها المواجهات سوي ساعات قليلة خلال هدن بوساطات دولية سرعان ما انتهكها أطراف الصراع.
حرب وحشية
وكان وزير الصحة السوداني محمد إبراهيم، قال الشهر الماضي، إن الصراع أسفر عن مقتل ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، محذراً من أن الحصيلة الحقيقية يرجح لها أن تكون أعلى من ذلك بكثير، علاوة على ذلك، نزح أكثر من مليون وتسع مئة ألف شخص من منازلهم.
ووصف مسؤولون دوليون الوضع بالسودان بأنه مأساوي بدرجة كبيرة، واعتبر مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن السودان يخوض حرباً أهلية من أكثر الحروب ضراوة ووحشية نظرا لكونها غير قاصرة على مكان واحد، إنها تنتشر، مثل الفيروس وتهدد الدولة نفسها بحسب وصفه”.
كما وصف المسؤول الأممي السودان بأنه أصعب مكان في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني من حيث الوصول، محذراً من أن الأزمة ستتفاقم مع اتساع رقعة القتال ليشمل مناطق جديدة.
ويشهد السودان منذ منتصف إبريل الماضي عمليات عسكرية وصراع مسلح بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق في مجلس السياد محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد قوات الدعم السريع.
ومنذ إندلاع الصراع، تم الإتفاق على ما لا يقل عن عشرة اتفاقات لوقف إطلاق نار مؤقت برعاية السعودية والولاات المتحدة، لكنها جميعاً باءت بالفشل واتهمت الرياض وواشنطن الجانبين بعدم احترام الاتفاقات.
وبحسب مراقبون فإن الصراع في السودان دخل مرحلة المعركة الصفرية حيث لا مجال لتوقف الحرب دون انتصار طرف على طرف مهما كانت الخسائر وحجم الضحايا وهو ما يتضح من تصريحات الجانبين.
مستقبل ضبابي
ويري الباحث السياسي السوداني سليمان السباعي أنه “في ظل إقتراب الحرب من 100 يوم أصبح الوضع في البلاد ضبابي خاصة مع استمرار الصراع في العاصمة الخرطوم وولاية جنوب كردفان مدينة الأبيض بالتحديد، كما تتواصل المعارك في منطقة دارفور حيث تشهد مدينة الفاشر عمليات عسكرية واسعة بين الكر والفر بين طرفي الصراع، لافتا إلي أن كل هذه الأحداث تعطي مؤشرات إلى طول أمد الحرب وهو ما يجعل مستقبل السودان أكثر ضبابية”.
وقال الباحث لوكالتنا “إن أحد أسباب طول الصراع يتمثل في رؤية الجيش السوداني أن الحل الوحيد للأزمة هو مواصلة العمليات العسكرية حتى القضاء على آخر متمرد في البلاد، وهذا ما يؤيده معظم السودانيين نتيجة ما قامت به مليشيات الدعم السريع من سلب ونهب وتهجير وانتهاك لحرمات المنازل”.
ويشير الباحث إلي أن “ميليشيات الدعم السريع تقول أنها تريد جلب الديمقراطية للشعب السوداني وأن تخلص السودان من فلول النظام السابق”.
دور المجتمع الدولي
ويعتقد السباعي أن أزمة السودان تمثل فشل جديد للمجتمع الدولي الذى لم ينجح حتي الأن في إقناع طرفي الصراع بوقف الحرب وتحكيم صوت المنطق بديل لصوت السلاح، لافتا إلي أن المجتمع الدولي ربما لا يملك الرغبة والجدية الكافية لحل الأزمة وربما تكون الدول الكبري مستفيدة من استمرار الصراع”.
ويشير إلي أن “المجتمع الدولي ربما يدير الأزمات بالمنطقة ولا يسعي لحلها كما نري في سوريا وليبيا واليمن، معتبرا أن الفشل الدولي في وقف الصراع المسلح يؤكد أن نهاية الحرب في السودان لن تكون بغير نهاية أحد طرفي الصراع”
وحول دعوة البرهان الشعب لحمل السلاح، يري السباعي أن “دعوة البرهان للشباب للإلتحاق بالجيش من أجل تدريبهم على كيفية استخدام السلاح من أجل الدفاع عن النفس وحماية الممتلكات”.
سيناريوهات الصراع
من جانبه، يري هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية أن الحرب في السودان أظهرت عدة عوامل سلبية في البنية المجتمعية أهمها اتساع دائرة الحرب وعدم حسم اي طرف من طرفي الصراع لهذه الحرب وهو ما كشف أن القوة العسكرية الرسمية المتمثلة في الجيش السوداني بقيادة برهان وقوات الدعم بقيادة حميدتي في حالة توازي لحد بعيد وذلك طبقا للبيانات الصادرة من كل طرف فضلا عن هذه الحرب هي الاولي التي تدور داخل العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث مما يؤدي الي تطور الصراع ليأخذ الشكل القبلي.
وقال لوكالتنا “باتت هذه الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات وبخاصة في ظل ما يكتنف الموقف العسكري على الأرض من غموض، لافتا إلي أنه “وبغض النظر عن الأسباب المباشرة للحرب إلا أن هذه الحرب لا يمكن فهمها بمعزل عن جملة الإشكاليات الكبرى التي عانى منها السودان في مرحلة ما بعد الاستقلال ومنها تعثر عملية بناء الدولة الوطنية الحديثة حيث أخفقت نخب ما بعد الاستقلال في بناء دولة وطنية تستند إلى أسس ومبادئ المواطنة وتكون قادرة على استيعاب التعددية المجتمعية والعرقية والقبلية وتحويلها إلى مصدر قوة وهو ما قد يؤدي لإطالة أمد الحرب لعدة سنوات وذلك لأن الحروب الداخلية عادة ما تستدعي التدخلات الخارجية سواء من قبل دول أو فاعلين مسلحين وهو ما قد يخلق حلفاء لكل طرف ضد الآخر”.
وتمني الباحث أن تنجح الجهود المصرية في تحقيق أى تقدم نحو إنهاء الصراع خاصة أن ” حملت علي عاتقها استقبال اللاجئين السودانين ومحاولة تهدئة الأمور من خلال التدخل لدي كل طرف أو من خلال المبادرة المصرية القطرية كطوق نجاة لهذه الازمة التي تحولت الي كرة الثلج”.
ويعتقد الجمل أن “هناك عدة سيناريوهات لمستقبل الحرب في السودان وهي حسم الحرب لصالح أحد الطرفين أو قبول الطرفين بوقف دائم لإطلاق النار والانخراط في مفاوضات مباشرة عبر الوسطاء أو استمرار الحرب بشكل متقطع حسب التدخلات الاقليمية والدولية أو للآسف الانزلاق إلى حرب أهلية تساهم في تقسيم السودان وبالتالي تكون مصدر خطر علي العمق الاستراتيجي لدول الجوار”.
انهى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي جولته الإفريقية التي استغرقت ثلاثة أيام، حيث زار خلالها كل من كينيا وأوغندا وزيمبابوي، وهذه هي أول زيارة لرئيس إيراني إلى القارة الأفريقية منذ عام 2013.ووفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية، تم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية خلال الجولة الأفريقية. وصرحت وزارة الخارجية الإيرانية أن حجم التجارة مع أفريقيا سيرتفع إلى أكثر من ملياري دولار هذا العام، دون ذكر الرقم المقدم للعام 2022 للمقارنة.
تأتي جولة رئيس إيراني في القارة الأفريقية، وهي الأولى منذ عام 2013، بعد قيامه بزيارة في يونيو (حزيران) التي شملت ثلاث دول في أميركا اللاتينية تعاني أيضًا من العقوبات الأميركية.
مخاوف أمريكية
وتأتي زيارة الرئيس وسط مخاوف أمريكية من انتشار إيران في أفريقيا. حذرت صحيفة “ناشونال انترست” الأمريكية من التوسع الإيراني في القارة السمراء، مشددة على أن إدارة الرئيس جو بايدن تركز حاليًا على الدبلوماسية النووية المتجددة مع إيران. هذا يشكل خطرًا على فقدان الإشارات الواضحة بشأن نشاط النظام الإيراني في إفريقيا، وهذا المسرح الاستراتيجي المهم.
حذرت الصحيفة في مقال بعنوان “تحذير من توسعات إيران في إفريقيا” من أن النظام الإيراني يهدف إلى تأسيس وجود إقليمي مستدام في إفريقيا من خلال إنشاء مراكز ثقافية وتطبيع علاقات غير رسمية في جميع أنحاء القارة السمراء، مما يشكل تهديداً للولايات المتحدة.
حسب خبراء، تسعى إيران للاستفادة من ثروات أفريقيا واستغلالها للتخفيف من تأثير العقوبات الدولية. وتسعى أيضًا لتكرار نجاح الصين في التوسع في القارة الأفريقية.
النموذج الصيني
يرى مصطفى النعيمي، الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، بأن النظام الإيراني يسعى لاعتماد سياسة النموذج الصيني في التنمية والاقتصاد. وبالتالي، يؤدي ذلك إلى وجود سياسات ومصالح مشتركة بشكل مشابه للعلاقات الصينية مع الدول المستفيدة التي تبني علاقات اقتصادية معها. وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات في الأسس، إلا أن إيران تحاول دائما استثمار المتغيرات الداخلية للدول الأخرى.
قال النعيمي في مقابلته مع وكالتنا “إن الإيرانيين يحاولون الوصول إلى الأفريقيين عبر بناء علاقات مع القارة الأفريقية، من خلال استثمار مجموعة من الاستراتيجيات، ومن أهم هذه الاستراتيجيات وجود الأقليات الشيعية المتواجدة في تلك المناطق ونفوذها السياسي والاقتصادي”.
ووفقًا للباحث، تسعى إيران من خلال علاقاتها بالدول الأفريقية إلى إقامة ما يعرف بالمليشيات والخلايا والتنظيمات والشبكات المسلحة في العديد من هذه الدول. وأشار إلى أن إيران قوَّيَت وجودها في الدول الأفريقية، حيث قامت بتضاعف عدد سفاراتها من 8 إلى 16 سفارة في القارة السمراء خلال الفترة الأخيرة.
تمدد مذهبي
يشير النعيمي إلى أن إيران تتطلع منذ وقت طويل إلى تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية واستغلال حاجة تلك الدول المحتاجة وفقيرة إلى التنمية. ويركز على أن طهران نجحت في التوغل في الدول الأفريقية من خلال المنظمات الخيرية، ونجحت في إقناع ما يزيد عن 40 إلى 45 مليون شخص بأن يكونوا أساسًا لمشروعها الخارجي، الذي ستستخدمه كمصد ذو طابع ديني لحماية مصالحها وتحقيق أهدافها.
يعتقد الباحث أن إيران تسعى لإعادة بناء إمبراطوريتها خارج ترابها الجغرافي، وتعمل جاهدة على توسيع نفوذها في القارة الأفريقية، نظرًا للثروات الاقتصادية المتواجدة في تلك المنطقة والتي ستساهم في تعزيز الاقتصاد الإيراني عن طريق استغلالها كآليات تمتص دماء شعوب أفريقيا.
ويقول النعيمي: “ربما يُمثّل اقتصاد أفريقي مستدام مشروع إيران بمعنى الاعتماد الطويل الأجل ، ولكنه يعني له الكثير فيما يتعلق بحجم الهيمنة والوصول والقدرة على اختراق المجتمعات والعمل على تحويل المعتقدات الدينية. وهو يشير بقوة إلى تأثير وتداعيات هذه الهيئات الجديدة في أفريقيا على مسار إيران وقدرتها على استغلالها لإرباك خصومها حول العالم”.
اختتم الباحث في شؤون إيران تصريحاته بتأكيده على أن إيران لديها عدد كبير من الأوراق الخارجية ولديها القدرة على تحقيق مصالحها والحصول على أكبر قدر من الفوائد الخارجية بإستخدام أدواتها دون أن تتأثر جغرافية إيران الحالية بأي تغيرات في العقوبات.
ما هي القضية الكردية في سوريا؟
القضية الكردية في سوريا هي قضية سياسية واجتماعية تتعلق بحقوق الأكراد في سوريا. الأكراد هم أقلية عرقية تعيش في مناطق مختلفة من سوريا ويمثلون حوالي 10-15٪ من السكان الإجمالي.على مر السنين، واجه الأكراد في سوريا تمييزا وقمعا من قبل الحكومة السورية السابقة، حيث تم حرمانهم من الحقوق الأساسية مثل اللغة والتعليم والمشاركة السياسية. وتعتبر القضية الكردية في سوريا جزءًا من الصراعات الإثنية والقومية التي تشهدها المنطقة.
تاريخ القضية الكردية في سوريا
يعود تاريخ القضية الكردية في سوريا إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، عندما تم تقسيم الأراضي العثمانية بموجب اتفاقية سايكس بيكو. تم تقسيم مناطق الأكراد بشكل غير متساوي بين تركيا وسوريا والعراق وإيران، دون إعطاء الأكراد دولة تتمتع بالحكم الذاتي. ومنذ ذلك الحين، خاض الأكراد في سوريا معارك طويلة ومستمرة من أجل الاعتراف بحقوقهم والحصول على الحكم الذاتي في المناطق التي يعيشون فيها.
II. حقوق الأكراد في سوريا
تشهد القضية الكردية في سوريا العديد من التحديات والصعوبات. لكن في الدستور السوري الحالي، يتم تمثيل الأقلية الكردية وتحقيق بعض حقوقها. فيما يلي بعض التفاصيل حول حقوق الأقلية الكردية في الدستور السوري:
التمثيل السياسي: ينص الدستور السوري على ضرورة تمثيل الأقليات العرقية والثقافية في المؤسسات السياسية والحكومية.
اللغة الكردية: يتم الاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية وتعليمية، مما يمكن أفراد الأقلية الكردية من التعلم والتواصل بلغتهم الأم.
حقوق الثقافة والتراث: يحمي الدستور السوري حقوق الأقلية الكردية في ممارسة ثقافتها والحفاظ على تراثها الثقافي الغني.
ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات تواجه الأكراد في سوريا، بما في ذلك تهميشهم في بعض المجتمعات وقيود على حرية التعبير والتجمع. قد يتطلب حل هذه التحديات جهودًا مشتركة من الحكومة السورية والأقلية الكردية لتحقيق المزيد من المساواة والعدل.
III. الحكومة السورية والقضية الكردية
موقف الحكومة السورية تجاه الأكراد في سوريا
منذ بداية النزاع في سوريا، كان هناك صراعات وتوترات مستمرة بين الحكومة السورية والأكراد. تعتبر الحكومة السورية الأكراد بمثابة تهديد لوحدة وسيادة الدولة السورية، ومن ثم فإن الموقف الرسمي للحكومة كان معاديًا لطموحات الأكراد في الحصول على حقوق وتمثيل سياسي في سوريا. ومن جانبهم، يسعون الأكراد إلى الحفاظ على ثقافتهم وهويتهم القومية، والسعي للحصول على حقوق أكبر في الحكم الذاتي والتمثيل السياسي.
المفاوضات والجهود الدولية لحل القضية الكردية
على مر السنوات، تمت محاولات عديدة للتوصل إلى حل سياسي للقضية الكردية في سوريا. حيث تمت المفاوضات بين الحكومة السورية وممثلين عن الأكراد في إطار بعض الاتفاقيات والمعاهدات التي تهدف إلى تقديم بعض الحقوق والضمانات للأكراد. وقد شاركت العديد من الدول الدولية في هذه المحاولات ووجهت دعوات لدعم التفاوض وتحقيق حل سلمي للقضية الكردية في سوريا. ومع ذلك، ما زالت القضية الكردية تشكل تحديًا كبيرًا وتستدعي جهودًا دولية مستمرة لتحقيق الاستقرار والسلام في سوريا.
IV. التطورات الأخيرة في القضية الكردية
تأثير الحرب الأهلية السورية على القضية الكردية
أحد التطورات الأخيرة في القضية الكردية في سوريا هو تأثير الحرب الأهلية على المنطقة. بدأت القوى الكردية في الشمال السوري بتحقيق تقدم كبير في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خلال السنوات الأخيرة. وبفضل مساندة التحالف الدولي واستخدام الغطاء الجوي، استعادت القوات الكردية العديد من المدن والقرى التي كانت تحت سيطرة التنظيم. هذا التقدم المهم للقوات الكردية في محاربة داعش أعطى القضية الكردية في سوريا أكبر ثقل سياسي واعتراف دولي.
دور القوات الكردية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية
قامت القوات الكردية في سوريا، بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ)، بدور هام في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وصد هجماته. تعتبر هذه القوات من أكثر القوات فعالية في الساحة السورية وحققت تقدمًا كبيرًا في صد تقدم التنظيم وتحرير المناطق التي كانت تحت سيطرته. قادت القوات الكردية معركةً حاسمةً ضد داعش في مدينة الرقة وأسفرت عن تحرير المدينة في أكتوبر 2017. هذا الدور الفعال الذي قامت به القوات الكردية في محاربة التنظيم أدى إلى تعزيز مكانتها ودورها في القضية الكردية في سوريا.
V. الآفاق المستقبلية للقضية الكردية في سوريا
المطالب والمساعي الحالية للأكراد في سوريا
بعد سنوات من النضال والصراع، ما زالت القضية الكردية في سوريا تستمر في التطور والتغير. هناك عدة مطالب ومساعي حالية للأكراد في سوريا، ومن ضمنها:
الاعتراف بحقوق الأكراد كأقلية عرقية معترف بها دستوريًا في سوريا.
إقامة نظام فدرالي يمنح الأكراد حق التقرير الذاتي والإدارة الذاتية.
حق الأكراد في الحفاظ على لغتهم وثقافتهم وهويتهم الكردية.
المشاركة الفاعلة للأكراد في صياغة السياسات العامة واتخاذ القرارات في سوريا.
تأثير الأزمة السورية الحالية على المستقبل السياسي للأكراد
تشكل الأزمة السورية الحالية تحديًا كبيرًا للأكراد في سوريا ومستقبلهم السياسي. بسبب تورط العديد من القوى الإقليمية والدولية في النزاع السوري، يواجه الأكراد تحديات متعددة في سعيهم لتحقيق حقوقهم وتطوير ذاتهم السياسية.
من المهم أن يتم توجيه الجهود الدبلوماسية والسياسية نحو العمل على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية يضمن حقوق الأكراد ويعزز وحدة سوريا كدولة. يجب أن تكون التسوية السياسية شاملة وتحقق تطلعات جميع الأطراف المشاركة في النزاع، بما في ذلك الأكراد.
هناك العديد من التحديات والصعوبات التي تواجه الأكراد في سوريا في تحقيق آمالهم وطموحاتهم السياسية. ومع ذلك، فإن القضية الكردية تظل قضية مهمة ومستمرة في سوريا، ومن المهم أن يتم تعزيز الحوار والتعاون بين جميع الأطراف المعنية لتحقيق تسوية سياسية شاملة وعادلة.
أعطى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موافقته على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، محيلا الأمر إلى برلمان بلاده.وبتلك الخطوة أنهى أردوغان شهورا من المماطلة في إفساح الطريق لانضمام السويد إلى “الناتو”، الذي يتطلب موافقة جميع أعضاء الحلف.
واختار الرئيس التركي توقيت الموافقة التي عطلها لشهور طويلة، بعناية؛ وذلك قبل ساعات من عقد قمة مفصلية في تاريخ الناتو، من المقرر أن تلتئم اليوم الثلاثاء في العاصمة الليتوانية فيلنيوس.
طريق السويد الطويل
في مايو/ أيار من العام الماضي، تخلت السويد وفنلندا عن حيادهما العسكري الطويل، وطلبتا رسميا الانضمام إلى حلف الأطلسي، على إثر تداعيات الحرب في أوكرانيا، والشعور بعدم الأمام في شمال أوروبا.
كان طريق فنلندا مفتوحا؛ فقد حصلت على الضوء الأخضر لقبول الانضمام في أبريل/ نيسان العام الجاري، فيما رفعت تركيا والمجر “فيتو” ضد انضمام السويد.
وفيما رضخت المجر لضغوط باقي أعضاء الحلف، ودول الاتحاد الأوروبي، كانت تركيا عقبة قوية أمام طموح السويد، وهو ما تطلب جولات طويلة من التفاوض والضغط الأمريكي والأوروبي على أنقرة.
كانت مطالب أردوغان المعلنة واضحة من السويد، وهي رفع حظر تصدير الأسلحة لأنقرة، والنأي بنفسها عن دعم المنظمات الإرهابية، خاصة حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “جماعة إرهابية”.
مرت الأشهر الماضية من العام الجاري بين شد وجذب وجولات ماراثونية في المفاوضات بين ستوكهولم وأنقرة، وكانت الدولتان في كل مرة تصلان إلى طريق مسدود.
وقدمت تركيا للسويد قائمة بـ120 شخصا يحمل أغلبهم الجنسية السويدية طالبت بتسليمهم كبادرة حسن نية على التعاون الأمني، قبل اتخاذ أي خطوة بشأن الانضمام إلى الناتو.
بعد تلك الجولات بين ستوكهولم وأنقرة، اضطرت السويد إلى انتظار الانتخابات التركية، في يونيو/ حزيران، والتي فاز فيها أردوغان بولاية رئاسية جديدة، ثم استأنفت ستوكهولم طلبها بعد قالت إنها أوفت بشروط تركيا، بما في ذلك سنّ تشريعات ضد “الإرهاب”.
وبدا أن موافقة أنقرة قريبة، لولا حادثة حرق عراقي يحمل الجنسية السويدية للمصحف في تحدّ للمسلمين، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس أردوغان، وأصبح عقبة جديدة أمام ستوكهولم.
لكن إدانة الحكومة السويدية لحرق المصحف، خفف من حدة رفض أردوغان لطب الانضمام، غير أن أنقرة، أصبحت ترفع شروطا جديدة، وربطت بين الموافقة ودعم مساعيها للالتحاق بالاتحاد الأوروبي.
قمة فيلنيوس
وعلى أبواب قمة “الناتو” في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، زاد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضغوطه على أنقرة، فيما لوّح أردوغان بفتح طريق تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي مقابل تمهيد الطريق لعضوية السويد في الحلف الأطلسي.
وأشار أردوغان إلى أن جميع الدول الأعضاء في الناتو تقريبًا أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مناشدا الدول التي أبقت تركيا تنتظر على أبواب التكتل لأكثر من 50 عامًا لتغيير رأيها.
وقال أردوغان في مؤتمر صحفي في إسطنبول قبل التوجه إلى عاصمة ليتوانيا لحضور قمة الناتو: “أولاً ، دعونا نمهد الطريق لتركيا في الاتحاد الأوروبي ، وبعد ذلك سنمهد الطريق للسويد مثلما فعلنا مع فنلندا”.
وبالفعل لم ينتظر أردوغان الوصول إلى فيلنيوس لحضور قمة “الناتو” المقرر انطلاقها اليوم الثلاثاء، بل أعلن أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ عقب اجتماع ثلاثي ضم رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون موافقة تركيا على إحالة انضمام السويد للناتو إلى البرلمان التركي للمصادقة عليه.
ورغم ذلك فقد جدد الرئيس التركي التأكيد على أن عضوية السويد في “الناتو” مرهونة بتنفيذ القضايا المحددة في الاتفاقية الثلاثية التي تم توقيعها العام الماضي في العاصمة الإسبانية مدريد/ خلال قمة الناتو.
وخلال قمة الناتو التي تستمر يومين في فيلنيوس، سيكون طلب السويد للانضمام إلى الحلف الأطلسي على جدول الأعمال، فضلا عن الأزمة الأوكرانية، والتحديات التي تواجه الحلف، وخطوات تعزيز دفاعه العسكري وقدرته على الردع.
مكاسب أنقرة
لا شك أن مصادقة البرلمان التركي على انضمام السويد خطوة شكلية، بعد ما وافق الرئيس أردوغان، لكن الأخير يمسك العصا من الوسط أيضا، بعد أن بات هذا الملف محور السياسة التركية في تحقيق مكاسب من الغرب.
ورغم أن أردوغان يقول إن طلب أنقرة طائرات مقاتلة من طراز F-16 من الولايات المتحدة، غير مرتبط بالتفاوض بشأن انضمام السويد، إلا أن التصريحات القادمة من واشنطن أصبحت إيجابية بعد إحالة طلب السويد إلى البرلمان.
وفي هذا السياق قال أردوغان إنه سيجري مزيدا من المحادثات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش قمة فيلنيوس قائلا: “بهذا اللقاء أتمنى أن نتغلب على هذه المشكلة. كما يحزننا أن هذا مرتبط بالسويد وهذا شيء مختلف. سنكرر لهم هذا “.
وأضاف أن “القيود والعوائق التي فرضها بعض حلفائنا بشكل غير عادل على بلادنا تقيدنا. بلدنا، الذي شهد ما يقرب من 2٪ في الإنفاق الدفاعي لعام 2019 ، انخفض الآن إلى 1.30٪”.
وبالفعل سارعت واشنطن لمد يد التعاون لأنقرة، فور إطلاق تركيا الضوء الأخضر للسماح بضم السويد للحلف، وأجرى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن اتصالا هاتفيا مع نظيره التركي أكد فيه دعم واشنطن لمساعي أنقرة للتحديث العسكري.
وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أن الوزير لويد أوستن بحث مع نظيره التركي يشار غولر دعم مساعي تركيا للتحديث العسكري.
وقال البنتاغون، عن الاتصال الهاتفي بين أوستن وغولر إن “الجانبين ناقشا المحادثات الإيجابية بين تركيا والسويد والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ينس) ستولتنبرغ، فضلا عن دعم وزارة الدفاع لجهود تركيا للتحديث العسكري”.
والأحد، قالت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، إن الرئيس رجب طيب أردوغان أجرى اتصالا هاتفيا بنظيره الأمريكي جو بايدن بحثا خلاله سعي السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي الناتو”.
وقال أردوغان لبايدن إن “ستوكهولم اتخذت خطوات في الاتجاه الصحيح حتى تصدق أنقرة على طلبها الانضمام للحلف”، في إشارة إلى قانون لمكافحة الإرهاب.
وستنظر أنقرة في قابل الأيام ما إذا كانت موافقتها على انضمام السويد إلى “الناتو” ستجلب لها المزيد من المكاسب، خاصة بعد إحالة الموضوع إلى البرلمان، دون موعد محدّد، وهو ما يجعل تركيا في حلّ من المزيد من الضغوط، وفي نفس الوقت تنتظر تحقيق مطالبها من الطرف الآخر.
وسيكون تركيز تركيا بالأساس إضافة إلى وقف دعم السويد للمنظمات الكردية، دعم مساعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي، وصفقات السلاح مع الولايات المتحدة، وبالمقابل لن تقف في نهاية المطاف أمام طموح ستوكهولم، العضو الـ32 المتوقع في قائمة دول “الناتو”.
بقلم د. سامي عمارفي مشهد درامي للاشتباكات المسلحة بالسودان وأوكرانيا ووسط زحام الأخبار عن التحذيرات العالمية من الذكاء الاصطناعي، بات تغير المناخ ذات حديث باهت وموسمي خاصة مع حلول فصل الصيف وتجلي الصورة المفجعة لانخفاض مناسيب الأنهار في أوروبا.
لم يعد صعباً حقاً رسم خريطة للعالم بعد قرن، البشر يستعمرون المريخ، الصين هي القوة العظمي، دولاً جديدة ولدت وأخرى ربما تفككت، قد تبدو كلها تكهنات مبنية على معطيات اليوم لكن الأكثر احتمالاً أن تصبح المياه عملة صعبة تباع في الأسواق العالمية مثل البترول والغاز.
هل تتحول أطراف أوروبا الى صحراء في المستقبل القريب؟
لم يعد مستبعد تحول الكثير من الأماكن الخضراء في العالم إلى صحاري، فالغطاء النباتي يعد نتيجة لظروف مناخية معينة من درجة رطوبة وأمطار وحرارة تقرر مدى كثافة ونوعية هذا الغطاء، ومع تسجيل دول أوروبية عدة درجات حرارة قياسية، باتت أوروبا في مرمى نيران التغير المناخي وأكثر ترشحاً للتصحر خاصة بالمناطق الجنوبية المتاخمة للصحراء الأفريقية مثل جنوب إسبانيا وإيطاليا، وتعتبر الأنهار الفرعية بأوروبا مهددة بالتلاشي وقد تتعثر الكثير من الأنهار الرئيسية في ممارسة نشاط النقل التجاري بين الدول مثل الدانوب والراين وهو ما حدث بالفعل الصيف الماضي حيث تعطلت حركة الملاحة بهم بسبب انخفاض منسوب المياه.
كما اضطرت حكومة اسبانيا لإصدار قرار بتحديد كمية محدودة من لترات المياه لكل فرد في المنتجعات السياحية على شواطئها التي تعج بالسياح مع تزايد الجفاف والعوز المائي، ووضع الاتحاد الأوروبي سياسات وتدابير أقسى للحفاظ على الموارد المائية بالاتحاد.
مزيداً من الحروب الطاحنة بسبب المياه وموجات نزوح بشرية عملاقة باتت تلوح في الأفق، ولا أحد ينسي مشاهد الحرب المدمرة في إقليم دارفور سنة 2008 والتي تتكرر اليوم، وكان تغير المناخ الذي ضرب منطقة الصحراء الكبرى السبب الرئيس لأنه تسبب في جفاف ممتد وتراجع المراعي وصعوبة الوصول للمياه ومن ثم الاقتتال على الأبار من أجل البقاء، والغريب في الأمر أن الأمم المتحدة لم تلتفت إلى هذا العامل المسبب للحرب بعد الإطاحة بعمر البشير حيث لم يهتم أحد بحل مشكلة المياه في إقليم دارفور الذي تطرق الحرب أبوابه بين الحين والأخر لتفادي تكرارها.
وفي حالة مشابهة لدارفور، شهدت نيجيريا صدامات عدة بين المزارعين والرعاة من قبائل عدة في شمال شرق البلاد عام 2019 مما أتاح الفرصة لجماعة بوكو حرام لاختراق تلك المناطق وقتل نحو 60 شخصاً ونهب عدة قرى، وكان شح المياه في حوض بحيرة تشاد وقود هذا الاقتتال القبلي! حيث شكلت تلك البحيرة المهددة بالجفاف بسبب تغير المناخ محور تجاري استراتيجي دولي بين الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا لسنوات طويلة، وتعد أحد ضحايا الاحترار العالمي.
ذلك الأمر الذي يخلق رابطاً قوياً بين التغير المناخي وتهديدات عالمية أوسع مثل الإرهاب الدولي، فهل يفسح مجالاً للجماعات المتطرفة في أفريقيا وخارجها للازدهار في مناطق يسهل استقطاب وتحريض القبائل على النزاع؟
وإلى الشمال، حيث تزداد المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية المحتلة وتعتبر المياه سبب رئيس حيث يسهل تزويد المستوطنات بالمياه من حوض نهر الأردن والمياه الجوفية المترسبة تحته بالضفة مما يجعل انشاء مستوطنات مماثله في جنوب إسرائيل أمراً لا يقارن اقتصادياً حيثما يوجد الشح المائي بصحراء النقب، وعلى غرار دارفور، لا يلتفت الكثيرين إلى ذلك العامل الهام في تسوية النزاع مع الفلسطينيين مما يجعل الفشل مصير كل محاولة مهما تغير الوسطاء!
وإلى الشرق قليلاً، حيث تقبع هضبة التبت العملاقة في قلب آسيا لينحدر منها ستة أنهار دولية ثرية بالخلافات مثل الجانج والإندوس (السند)، ففي إقليم كشمير، تعتبر المياه سبباً لتعقد النزاع الهندي الباكستاني حيث ترفض إسلام أباد أي تنازلات لأن نهر السند ينبع من جبال كشمير وهو المغذي الرئيسي للباكستانيين وسيطرة الهند على تلك الجبال يعد سيطرة على حياة الملايين هناك، ومع التغير المناخي تتعرض تلك المنطقة لمشكلة شح مائي أكثر ضغطاً على باكستان مما سيعقد حتماً أزمة كشمير بين الدولتين المتسابقتين بالفعل في التسلح النووي علاوة على تاريخهما الحافل بالخلافات الدينية والحدودية.
وفي قلب أسيا، يتأجج الخلاف القرغيزي – الطاجيك بسبب بناء طاجيكستان سدود على النهر بين الحين والأخر حيث تستغل طاجيكستان تقاربها مع أوزبكستان وموقعها الاستراتيجي أعلى النهر لتأمين احتياجاتها من المياه، ولا تخلو التدخلات التركية العسكرية في شمال العراق وسوريا من الأطماع المائية طالما سعت أنقرة للسيطرة على نهر الفرات ذلك الأمر الذي تسبب في انخفاض منسوبه ومعاناة ملايين الصيادين والمزارعين العراقيين، ومن ثم اضطرار بغداد لإنفاق أموال طائلة للبحث عن حلول!
ونظراً للارتباط الأبدي بين المياه ووجود الدولة وأمنها القومي الاستراتيجي، سيدفع الشح المائي الحكومات لبناء مزيداً من السدود على منابع الأنهار من أجل تخزين المياه، ومن ثم تعطيش شعوب دول المصب أو العابر بأراضيها التي ستضطر بدورها لدفع أموال أكبر لتدبير احتياجاتها المائية إما بتحليه مياه البحر أو شراء المياه من جيرانهم.
تسعير المياه
وإذا حدث ذلك، ستصبح المياه حتماً عملة صعبة مثل الدولار واليورو بسبب تسارع تغير المناخ نحو حرارة أعلى وجفاف أشد علاوة على تزايد سكان العالم وعدم جدية أغلب حكومات الدول الصناعية للتحول الطاقي لبدائل الوقود الأحفوري، وهو الأمر الذي سيخلق ضغوطاً مائية أكثر على الدول الأفقر مائياً.
لذا أعتقد أن سيناريو “تسعير المياه” و”تصديرها” بين الدول سيصبح أكثر واقعية وتداولاً وستضطر دولاً كثيرة لشرائها كسلعة بالمستقبل القريب.
والملفت للانتباه خلال زيارتي لأثيوبيا في مايو الماضي للمشاركة في اجتماع اللجنة الرابعة الفنية للثقافة والشباب والرياضة بمقر الاتحاد الأفريقي، تدفق عدداً من المستثمرين الأجانب لقطاع الزراعة الاثيوبي والذي يعتبره الكثيرين قطاعاً واعداً نظراً لخصوبة الأراضي والمياه التي خزنها سد النهضة خلفه مما يجعل تكاليف الاستثمار بخسة جداً مقارنة بجودة المحاصيل المرتفعة.
المناطق المرشحة للنزاع المائي!
ويمكنني تنبؤ أماكن النزاع المحتملة بسبب المياه، حيث تعتبر جميع الدول الصحراوية والمتاخمة للصحراء مرشحة للنزاع المائي وما يسرع حدوثه عوامل أخرى تتعلق بالاضطرابات والضغوط الداخلية أو بالدول المجاورة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، بوليفيا والأرجنتين بأمريكا الجنوبية، والذي يزيد الوضع سوءاً سياسات الدول الداخلية التي تقوم بخصخصة المياه لشركات خاصة مما دفع الكثيرين من المواطنين للتظاهر ضد سياسات الدولة في لاباز وبوينس آيريس بين الحين والأخر لوقف الخصخصة وجعل المياه حق من حقوق الانسان تكفله وتتيحه الدولة لمواطنيها، علاوة على حل الخلافات المائية مع الجيران.
قيرغيزستان وطاجيكستان اللتان تتنازعان بدورهما لترسيم حدود تصل ألف كيلومتر منذ تفكك الاتحاد السوفيتي.
والصين وجيرانها في جنوب شرق أسيا خاصة لاوس وكمبوديا اللتان تواجهان تحدياً مائياً هائلاً مع جارتهم العملاقة، فمع توافر إمكانيات مالية وتقنية مهولة لدي بكين، تقوم الصين ببناء سدود عملاقة لتوليد الكهرباء وضخ المياه للشمال والغرب من نهر الجانج، بل وتسعي للعب دور المسيطر الأوحد على النهر نظراً لأنه ينبع من هضبة التبت التي توجد أغلباها بالداخل الصيني.
الهند وجيرانها، حيث يعتبر نهري تيستا والجانج بؤرة نزاع مرشحة بين الهند وبنجلاديش، والهند وباكستان في إقليم كشمير كما تم التوضيح مسبقاً بسبب نهر السند.
وبعض الدول قد تواجه الخطران معاً نزاع داخلي وأخر عابر للحدود، وتعتبر السودان مثالاً لذلك حيث تشتعل أزمة دارفور بين الحين والأخر بسبب الأبار علاوة على الخلاف مع اثيوبيا بسبب سد النهضة على حدودها الشرقية، والذي لا يزال قيد التفاوض مع مصر.
ورغم الجهود الحثيثة من القاهرة للتوصل لاتفاق عادل مع أديس أبابا، بادرت الأولى بوضع تدابير ومشاريع صارمة لإدارة الموارد المائية مثل تبطين الترع والانتقال من منظومة الري بالغمر إلى التنقيط، وهو ما يزيد فاتورة تكيف الدول مع التغير المناخي والشح المائي المترتب عليه!
مزيداً من الشح المائي وفرص الصراع، والعلاقة المشبوهة بين التغير المناخي وتنامي الإرهاب بالدول الفقيرة وزعزعة الأمن العابر للحدود مثل حوض بحيرة تشاد،
فقد يبدو بيع المياه بين الدول أمراً يثير الاستهجان والتحفظ وربما الاستنكار اليوم، لكن واقع الغد قد يفرضه ويجعل المياه عملةً صعبة المنال!
لم يكن السبت الماضي 24 يونيو يوما عاديا، أو ربما أصبح هكذا بعد أن توقع البعض أن يشهد أحداثا تاريخية، فقد حبس العالم أنفاسه مع إعلان قائد مجموعة مقاتلي فاغنر يفغيني بريغوجين نية قواته التوجه إلي العاصمة الروسية موسكو للسيطرة على مقاليد الأمور هناك، وزاد الأمور إثارة رده على اتهامات بوتين لـ فاغنر بالخيانة بأن روسيا سيكون لها رئيس جديد قريبا.
ومع تسارع الأحداث واعتقاد الجميع أن روسيا مقبلة على أحداث جسام تهدد مستقبلها السياسي وزعيمها بوتين، تراجع بريغوجين فجأة وأصدر بيانا أعلن فيه أنه لم يسع إلى الإطاحة ببوتين، بل فقط للمطالبة بالعدالة، ومن خلال وساطة رئيس بيلاروس اليكسندر لوكاشينكو، تم التوصل إلى اتفاق يقضي بأن يغادر بريغوجين البلاد ليعيش بالمنفى في بيلاروس، على أن تعود قواته إلى مواقعها في المناطق المحتلة من أوكرانيا وبذلك تم نزع فتيل الأزمة “مؤقتا” فهل انتهي التمرد أم أنها مجرد هدوء تكتيكي وما تأثير ذلك على الوجود الروسي في إفريقيا وسوريا ؟
وبحسب مراقبون فإن ما أقدمت عليه فاغنر ليس وليد الصدفة بل ربما يعبر عن حجم الخلافات داخل النظام الحاكم في روسيا ووجود صراع بين أجهزة ومؤسسات على خلافة الزعيم الروسي فلاديمير بوتين.
وتباينت توقعات الخبراء حول مدى تأثير ما أقدمت عليه فاغنر على النفوذ الروسي سواء في إفريقيا أو مناطق النزاع الأخري التي يتنشر بها المرتزقة الروس الذين يمثلون اليد الطولي لروسيا في بسط نفوذها حول العالم.
صراع الأوليغارشية
ويري خبير الشؤون الروسية د.نور ندا الأستاذ بجامعة موسكو “أن ما قامت به مجموعة فاغنر ورئيسها يفجيني بريجوجن فى روسيا وتهديدها بالزحف إلى موسكو ليست إلا عملية تمرد مسلح محدود تمت السيطرة عليه”.
وقال ندا: “إن بعض التحليلات القادمة من موسكو تشير إلى أن ما قامت به قوات فاغنر من تمرد يمثل نتيجة منطقية وأنعكاس لصراع النخبة الأوليغارشية الروسية الحاكمة، لافتا إلي أن هذا الصراع غير مهم بالنسبة لسكان روسيا نظرا لأن أطراف المواجهة لا يمثلون مصالح الأغلبية من جموع الشعب “.
وأشار إلي أنه “من الملاحظ أن الشعب الروسى لم يظهر أهتماما أو دعمًا نشطًا وفعالا لأي من الطرفين، لافتا إلي أنه من الأهمية بمكان ملاحظة صمت وترقب القوى السياسية الروسية من الشيوعيين والوطنيين اليساريين و المعارضة الليبرالية في حين تركز الأهتمام بالموضوع فقط من جانب الدائرة المقربة للرئيس الروسي”.
تحول الخطاب الرسمي
وتطرق خبير الشؤون الروسية إلي ما وصفه بتحول وتغير الخطاب الرسمي تجاه تمرد فاغنر، لافتا إلي أن الذين تم وصفهم بالخونة في الصباح واتهامهم بـ “طعن روسيا في الظهر” ، ورُفعت عليهم قضايا جنائية، بحلول المساء أصبحوا شركاء ووطنيون ومن خلال المفاوضات حصلوا على الصفح وتم إغلاق القضايا الجنائية ضدهم !
و يعتقد ندا “أن هذا التغيير الحاد في موقف الرئيس فلاديمير بوتين كان يمليه التهديد بفقدان السيطرة على جزء من الترسانات النووية الروسية ، الأمر الذي يهدد بتدمير هيبة وسمعة رئيس الدولة الروسية بشكل كامل في نظر قادة العالم ويمكن أن يؤدي لعواقب خطيرة غير متوقعة”.
سقوط هيبة الدولة
ويري خبير الشؤون الروسية”أن التمرد رغم محدوديته ألا أنه وجه ضربة قوية مما لهيبة السلطة العليا للدولة الروسية، حيث ظهر النظام السياسي الروسى ضعيفا، واهتزت صورة الاستقرار والتماسك التى روجت لها الدولة الروسية طويلا”.
وأعتبر أن “تصرفات شركة عسكرية خاصة مثل فاغنر ورئيسها يفجينى بريجوزين تؤكد أن نظام الدولة في روسيا الرأسمالية شديد التأثر بإحتمال حدوث الانتفاضة المسلحة، لافتا إلي أن الأحداث قد تزيد احتمالات حدوث تغييرات كبيرة في التكوينات والمؤسسات الحاكمة الروسية”.
وشدد على أن”أحداث فاغنر تؤكد ضرورة قيام السلطة الروسية بمواجهة داخلية قوية وقطع رؤوس البيروقراطية الروسية الحديدية المسيطرة ومواجهة الأثرياء الروس الجدد الذين نمو وتمددوا بفضل البيروقراطية والفساد والدعم الغربى لهم”.
أمريكا توقعت التمرد
من جانبه، يري مهدي عفيفي عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي أن ما شهدته روسيا كان متوقعا ، لافتا إلي أنه”على مدار شهور مضت أكدت كثير من المعلومات الاستخباراتية الأمريكية ومراكز الأبحاث وجود صراع بين الرئيس بوتين ومؤسسة فاغنر وقيادات الجيش الروسي”.
وكشف عفيفي أن “هناك صراع داخلي حول من يخلف بوتين في ظل تراجع أسهمه ووجود شقاق وصراع داخل المؤسسة العسكرية الروسية فضلا عن ما يمكن وصفه بوجود جيشين داخل روسيا ممثلين في القوات المسلحة الرسمية وقوات فاغنر”.
وأشار إلي أن “بعض المؤسسات الاستخباراتية الروسية حاولت تصوير ما حدث على أنه لعبة من بوتين ولكن ما تؤكده المعلومات أن فاغنر توحشت بشكل كبير وأصبحت قوة تضاهي الجيش الروسي وأصبح هناك صراعات كبيرة قد تؤدي لحدوث هزة كبيرة داخل روسيا”.
تراجع النفوذ الروسي
وبحسب عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي فإ”ن ما حدث سيكون له تداعيات كبيرة على الحرب الروسية بأوكرانيا وقد يؤدي لخسارة روسيا الكثير من المناطق التي سيطرت عليها وتقدم كبير للجيش الأوكراني خاصة مع زيادة الدعم الأمريكي والأوروبي لكييف”.
ويعتقد عفيفي أن “النفوذ الروسي في إفريقيا سيتأثر بشكل كبير عقب الأحداث الأخيرة في سوريا، لافتا إلي أن كثير من لقيادات الأفريقية التي كانت تعتمد على دعم موسكو بدأت تعيد حساباته وتتشكك في قدرة بوتين على الإيفاء بوعوده خاصة في ظل اعتماد كثير من الديكتاتوريات الأفريقية على مقاتلي فاغنر في حماية كراسيهم وتأمين سلطتهم”.
ويشير إلي أن “تراجع فاغنر سيؤدي إلي تراجع النفوذ الروسي في إفريقيا وكثير من مناطق النزاع مثل سوريا وليبيا، لافتا إلي أنه يجب الانتظار لمعرفة نتائج ومالآت الصراع بين فاغنر والجيش الروسي والقيادة الروسية بشكل عام خاصة فى ظل توقعات بأن يؤدي ذلك الخلاف لحدوث تغييرات كبيرة في مراكز القيادة بروسيا”.
وحول احتمالية تخلص بوتين من قائد فاغنر، يعتقد عفيفي أن طباخ بوتين السابق بريجوجن أصبح يدير دولة داخل الدولة وجيش خارج الجيش، كما يسيطر على قوات مقاتلة تنتشر في مختلف أنحاء العالم وهو ما يجعل من الصعب على بوتين التحرك ضده ، لافتا إلي أنه ليس من المستبعد أن يحظي قائد فاغنر بدعم من بعض القيادات العسكرية داخل روسيا متوقعا ان تشهد الأيام القادمة تطورات جديدة في الصراع”.
الوضع لن يتغير
من جانبه، يري هاني الجمل الباحث في العلاقات الدولية أن الحرب في أوكرانيا لن تتأثر بما قامت به مجموعة فاغنر من محاولة للتمرد على القيادة الروسية”.
واستبعد الجمل ” أن تؤثر أحداث فاغنر على التواجد الروسي في سوريا، مؤكدا أن الوضع لن يتغير لن قيد انملة بما حدث بدليل الهجمات الروسية على بعض المناطق السورية بعض الأحداث التي تبرهن على الأهمية الاستراتيجية لسوريا بالنسبة للجانب الروسي، وتمثل رسالة إنذار شديدة اللهجة الجماعات المتطرفة في هذه المنطقة الرخوة أمنيا والتي قد تستغلها بعض أجهزة الاستخبارات الدولية في مهاجمة القوات الروسية”.
بالنسبة لتواجد فاغنر في أفريقيا، يعتقد الباحث أن روسيا نجحت من خلال مقاتلي فاغنر في تقويض النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل الأفريقي وغيرها من المناطق في القارة السمراء، لافتا أن فاغنر أصبحت تمتلك من النفوذ ما أوصلها لمرحلة تأمين بعض الزعماء والرؤساء الأفارقة بشكل مباشر، فضلا عن قيامها بحماية مناجم الذهب والماس ببعض الدول مقابل نسبة من العوائد، معتبرا أن هذه المهام تمنح فاغنر المزيد من القوة لتعزيز وجودها بإفريقيا، مستبعدا في الوقت نفسه حدوث أى تغيير في إستراتيجية موسكو تجاه القارة السمراء عقب الأحداث الأخيرة .