تجمع الانقلابيين..هل يعزز تحالف دول الساحل فرص حدوث انقلابات جديدة بإفريقيا ؟

تغيرات دراماتيكية تشهدها منطقة الساحل الأفريقي منذ انقلاب النيجر أواخر يوليو/ تموز الماضي الذى قوبل باهتمام دولي غير مسبوق مع التهديد بالتدخل العسكري لإعادة النظام السابق.
ومع تمسك قادة الانقلاب بالنيجر برفض الضغوط الدولية والأفريقية التي تقودها فرنسا لاعادة نظام بازوم الموالي لباريس، وإعلانهم طرد السفير الفرنسي من نيامي، فضلا عن وقف أشكال التعاون الاقتصادي والعسكري مع فرنسا تلقوا دعم ومساندة سياسية وعسكرية من بوركينا فاسو ومالي حيث رفضت الدولتان تهديدات ايكواس “المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ” للنيجر وأعلنتا وقوفهما بجانب حكام نيامي الجدد.
وأحدث انقلاب النيجر شرخا في علاقة الدول الثلاث بإيكواس، إذ تعهدت مالي وبوركينا فاسو بتقديم المساعدة للنيجر إذا تعرضت لأي هجوم خارجي، وذلك ردا على التهديد باستخدام القوة لاستعادة الحكم الدستوري في البلاد.
وجاء انقلاب الجابون أواخر أغسطس ليعزز من موقف قادة الانقلاب في النيجر، ويوجه صفعة جديدة لدعاة التدخل العسكري، وحلفاء فرنسا في إفريقيا خاصة مع تصاعد موجة العداء لباريس داخل إفريقيا وبالتحديد منطقة الساحل التي شهدت 5 انقلابات عسكرية ضد أنظمة موالية لباريس.

تحالف دول الساحل
وجاء الإعلان عن توقيع اتفاق التعاون العسكري بين دول الساحل الذى تم توقيعه السبت 16 أيلول بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو والذى ينص على مساعدة الدول الثلاث بعضها بعضا إذا تعرض أي منها لتمرد داخلي أو عدوان خارجي ليعزز من قوة ونفوذ ما يمكن وصفه تحالف مناهضي فرنسا بإفريقيا خاصة أنه يجمع 3 دول انقلبت جيوشها ضد أنظمة كانت توصف بالولاء لباريس.
وبحسب وسائل إعلام، فقد جاء في ميثاق الاتفاق الذي وقعته الدول الثلاث وأطلقت عليه اسم “تحالف دول الساحل” أن الاتفاق يرمي إلى إنشاء هيكل للدفاع المشترك والدعم المتبادل بين الأطراف الموقعة عليه، كما ينص على أن “أي اعتداء على سيادة ووحدة أراضي طرف متعاقد أو أكثر يعتبر عدوانا على الأطراف الأخرى يستوجب تقديم المساعدة، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لاستعادة الأمن وضمانه”.
ويعتقد مراقبون أن التحالف الجديد قد يغير من خارطة التحالفات بالغرب الأفريقي ويفتح الباب لتشكيل تكتلات جديدة تتوافق مع التغيرات التي تشهدها المنطقة خصوصا وإفريقيا بشكل عام.

دور روسي
ويري محفوظ ولد السالك الباحث الموريتاني في الشؤون الأفريقية أن “الدول الثلاث المؤسسة للتحالف تشترك في أنها محكومة من طرف أنظمة عسكرية وصلت السلطة عن طريق انقلابات، كما أنها مناهضة لفرنسا، ولا تريد بقاءها على أراضيها، فضلا عن أنها تواجه ذات التحديات الأمنية ممثلة في الهجمات المستمرة للجماعات المسلحة، بل والتهديد الذي تشكله تلك الجماعات لبقاء الأنظمة الحاكمة”.
وقال لوكالتنا “من هذا المنطلق آثرت هذه البلدان تشكيل إطار يوحدها، تسعى من خلاله لتعزيز التعاون على الصعيدين الاقتصادي والأمني”.
وبحسب الباحث فإن “أثار وقوف روسيا خلف هذا التحالف تبدو واضحة، حيث إن نائب وزير خارجيتها زار بوركينا فاسو ومالي، قبل إعلان ميلاد التحالف، والتقى وزير دفاع النيجر في باماكو، لافتا إلي أنه من المعروف أن الدول الثلاث قريبة من روسيا، فمالي توجد بها عناصر من مجموعة فاغنر، وبوركينا فاسو وقعت اتفاقيات عسكرية مع موسكو، والنيجر طلبت نشر عناصر من فاغنر على أراضيها”.
وأشار ولد السالك إلي أن “التحالف الجديد موجه بالأساس لتحالف مجموعة الخمس في الساحل التي انسحبت منها مالي قبل أزيد من سنة، ذلك أن مجموعة الخمس ينظر إليها على أنها مدعومة من فرنسا، كما أنه تحالف في وجه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” التي تفرض عقوبات اقتصادية على النيجر، ومن قبل فرضتها على مالي وبوركينا فاسو بسب الانقلابات العسكرية، والآن تلوح بالتدخل العسكري في نيامي”.
وحول مدي إمكانية أن يساهم التحالف الجديد في دعم وتشجيع الانقلابات بالمنطقة، أكد الباحث أن “هناك تساهل كبير إقليميا ودوليا مع الانقلابات، بدأ ذلك في مالي حين أطاح الجيش بالرئيس المدني المنتخب الراحل إبراهيم بوبكر كيتا، والتساهل مع هذا الانقلاب هو الذي جعل انقلابا آخر يحصل في بضعة أشهر بنفس البلاد، ثم توالت الانقلابات في بوركينا فاسو بمعدل انقلابين وفي غينيا كوناكري، ثم النيجر، والجابون، ولا يستبعد أن تضم القائمة دولا أخرى جديدة، ما دامت الإجراءات المتخذة لا ترقى لمستوى الجرم المتمثل في الاستيلاء على السلطة بالقوة”.

واقع جديد
ويري محمد تورشين الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية أن “التحالف الجديد يأتي في سياق تأطير التعاون الذى سبق وأعلنته المجالس العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتحويل تحالفهم إلي واقع”.
وقال لوكالتنا ” التحالف الجديد يقضي بالتدخل عسكريا لحماية أى دولة من الثلاث في حالة مهاجمتها سواء من الايكواس أو أى دولة أخري”.
وتوقع تورشين أن “يجذب التحالف الجديد عدد كبير من القوي السياسية والمدنية بالدول الثلاث، كما قد تنخرط فيه دول جديدة تتشابه أوضاعها مع أوضاع الدول الموقعة عليه”.
وبحسب الباحث فإن “تأسيس هذا التحالف يجعل من احتمالية التدخل العسكري في النيجر سواء من قبل الايكواس أو فرنسا احتمالية ضعيفة ومستبعدة نظرا لأن إقدام أى جهة على خطوة التدخل العسكري سواء في النيجر أو غيرها من دول التحالف الجديد يضع المنطقة في حالة حرب مفتوحة تترك أثارها على الجميع ولن يتحملها أحد”.
وحول انعكاسات إعلان هذا التحالف على غرب إفريقيا، أكد الباحث إن “الوضع الأن تغير، وهذا التحالف سيدفع جميع القوي المتفاعلة في المنطقة سواء الايكواس أو فرنسا أو أمريكا وحتى القوي الاقليمية الأخري لمراجعة قرارتهم وتصوراتهم وسياساتهم تجاه المنطقة بشكل كبير”.
ولفت إلي “احتمالية أن يتم توسيع التحالف خلال الفترة المقبلة ليشمل دول وسط إفريقيا خاصة أن الخطوة تنال رضا الكثير من المجموعات العسكرية في إفريقيا، مشددا على أن هذه الخطوة ستقود منطقة الساحل وعموم إفريقيا لواقع جديد وترسم تصورات سياسية جديدة”.

انقلابات أفريقيا..تمدد روسي أم عقاب أمريكي لـ فرنسا ؟

مع تنامي ظاهرة الانقلابات العسكرية التي شهدتها العديد من دول القارة الأفريقية خلال الفترة الماضية، بدأت أصابع الاتهام تشير لدور روسي وراء الظاهرة التي تمددت كالنارفي الهشيم بخمسة دول إفريقية هى مالي وبوركينا فاسو وغينينا والنيجر والجابون خاصة مع وجود قوات فاغنر الروسية في معظم الدول التي شهدت إنقلابات، فهل حقا تقف موسكو المشغولة بالحرب في أوكرانيا وراء كل هذه الانقلابات أم إن هناك طرف أخر يهمه إضعاف باريس ووراثة مكانتها ؟
خلال العشر سنوات الأخيرة، شهدت القارة الإفريقية عشرات الانقلابات فضلا عن محاولات الانقلاب، وتحتل منطقة غرب القارة الصدارة التاريخية في هذه الأحداث، بنسبة 44.4% من إجمالي انقلابات العسكرية، وهو ما دفع إلى تسميتها بـ”حزام الانقلابات حيث شهدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما يقدر بـ7 انقلابات على الأقلّ.
وشهدت الجابون في 28 أغسطس انقلاب عسكري أطاح بالرئيس علي بونجو الذى تحكم أسرته البلاد منذ أكثر من 50 سنة ويعتبر أحد حلفاء باريس بالساحل الأفريقي، وسبق الجابون بشهر واحد انقلاب بالنيجر في 28 يوليو/تموز الماضي، كما شهدت مالي انقلابين عسكريين، الأول في أغسطس/آب 2020 والثاني في مايو/أيار 2021. وفي بوركينا فاسو حدث انقلابان أيضاً عام 2022، وفي غينيا حدث انقلاب عسكري في سبتمبر/أيلول 2021. وفي العام نفسه قُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي على يد متمردين.
اللافت للنظر فى إنقلابات إفريقيا أن الدول الخمس التي شهدت انقلابات كانت خاضعة يوما ما للاحتلال الفرنسي، وأنظمتها السياسية كانت حتى وقت قريب موالية لباريس بشكل كامل، وهو ما جعل فرنسا أكبر الخاسرين من تلك التطورات خاصة مع اعتمادها بشكل شبه كامل على الموارد الأفريقية في دعم الاقتصاد الفرنسي.
فرنسا وإفريقيا
ويكفي لمعرفة حجم الضرر الفرنسي من الانقلابات بإفريقيا أن نستشهد بمقولة للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قال فيها“ فرنسا دون إفريقيا ستنزلق إلى مرتبة دول العالم الثالث“، وهو تصريح يتفق بشكل كبير مع تصريح زعيم فرنسي سابق هو فرانسوا ميتران عام 1957، قبل أن يتقلد منصب الرئاسة قال فيه: “دون إفريقيا، فرنسا لن تملك أي تاريخ في القرن الواحد والعشرين”.
تصريحات شيراك ومن قبله ميتران تكشف ما تمثله إفريقيا من أهمية إستراتيجية لفرنسا، خاصة أن النيجر التي تعتبر أحد أفقر دول العالم توصف بأنها “البلد الذي يضيء شوارع باريس بينما يعيش أغلب سكانه في الظلام وبحسب تقارير فإن استغلال اليورانيوم في النيجر، ينير مصباحا من أصل كل 3 مصابيح في فرنسا، بينما في النيجر 80 بالمائة من السكان، لا يتحصلون على الإنارة الكهربائية”، فضلا عن كونها منتج رئيسي للذهب واليورانيوم، وهو ما يبرر الموقف الفرنسي من الانقلاب في نيامي ودعم باريس للرئيس المعزول محمد بازوم والضغط لإعادته للسلطة حفاظا على مصالحها التي يهددها الانقلاب خاصة بعد إعلان القادة الجدد طرد السفير الفرنسي وتعليق التعاون مع باريس وهو الموقف الذى تكرر فى أكثر من دولة شهدت إنقلاب عسكري ما يكشف حجم الغضب ضد السياسات الفرنسية في إفريقيا.
ففي مارس الماضي، أعلنت السلطات فى بوركينا فاسو وقف العمل بـ”اتفاق المساعدة العسكرية” الموقع عام 1961 مع فرنسا، بعد أسابيع من قرارها طرد القوات الفرنسية من البلاد، وفي 15 أغسطس/آب 2022، أعلنت فرنسا انسحاب آخر جنودها من مالي وسط احتفالات شعبية كبيرة.
التراجع الفرنسي الواضح في إفريقيا يقابله بالتوازي توسع روسي حيث تقدم موسكو نفسها كشريك في العلاقات مع الدول الأفريقية، ما ساعد على وجود تيار عريض من الشباب الأفارقة ينادون بالتخلص من الهيمنة الفرنسية لصالح العلاقات مع الدولة الشرقية، ويتبنى هؤلاء الشباب خطابات شديدة اللهجة ضد باريس، وينشرون شعارات مناهضة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبيل: “أفريقيا بدون فرنسا أفضل” و”أفريقيا للأفارقة”.
براجماتية أمريكية
بعيدا عن التراجع الروسي والتمدد الروسي، يبقي الموقف الأمريكي مما تشهده القارة الإفريقية أكثر براجماتية وواقعية بصورة جعلته في مرمي الاتهامات الفرنسية، فرغم رفض واشنطن لما حدث في النيجر إلا أن التحرك العملي والتصريحات الأمريكية تؤكد أن هناك تباينا واضحا في الموقفين الأمريكي والفرنسي، ففي وقت تتصاعد فيه اللهجة الفرنسية ضد الانقلاب، نجد أن الأمريكيين أكثر هدوءا دون تهديد أو تلويح، لدرجة عدم تسمية ما حدث بـ “الانقلاب” حتى اللحظة، علاوة على تفضيل عدم التدخل العسكري، وضرورة العودة للحوار السياسي والدبلوماسي.
التمايز الأمريكي عن فرنسا كان واضحا في أزمة النيجر تحديداـ ففي الوقت الذى كانت باريس تحشد للتدخل العسكري وفرض حصار على القادة الجدد في نيامي كانت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، تجتمع قادة المجلس العسكري بالنيجر، ثم جاءت خطوة وصول السفيرة الأمريكية الجديدة لنيامي كاثلين فيتزغيبونس لتعمق الخلاف بين واشنطن وباريس.
وبحسب تقارير فإن موقف واشنطن نابع من رغبتها في الحفاظ على مصالحها في إفريقيا والإبتعاد عن باريس التي أصبح وجودها غير مرغوب فيه بالقارة بشكل كبير، وبالتالي لا تريد أمريكا أن تترك الساحة مفتوحة أمام روسيا لتحتل الفراغ الكبيرالذى ستتركه فرنسا خاصة أن تماهي واشنطن مع التوجه الفرنسي تجاه النيجر كان سيكلفها خسارة قواعدها العسكرية حيث تمتلك قاعدتين عسكريتين للطائرات من دون طيار في النيجر، واحدة منها تقع في منطقة أغاديز شمال البلاد، تقوم من خلالها بعمليات استطلاع شاملة للمنطقة، وتعتبر مركزاً مهماً للمعلومات، إضافة إلى وجود 1100 جندي أمريكي هناك.
كما سعت واشنطن من خلال هذا الموقف للمحافظة على مصالحها الاقتصادية في النيجر وعلى رأسها اليورانيوم والذهب وغيرها من المواد الخام المهمة جدا، فضلا عن ما تمثله النيجر من موقع استرتيجي يمثل لأمريكا رمانة الميزان في الساحل الأفريقي، حيث يحفظ لها وجودا عسكريا لمكافحة الإرهاب عن قرب، ويدرّ عليها مصالح اقتصادية، عبر الانتفاع من مناجم اليورانيوم.

خلافات واشنطن وباريس
الموقف الأمريكي من النيجر زاد من الخلاف بين باريس وواشنطن وهو ما عبر عنه تصريح منسوب لأحد الدبلوماسيين الفرنسيين بقوله “إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية حليفة لك فلا تحتاج إلى عدو” وهو تعبير يكشف حجم الاستياء الفرنسي من واشنطن.
خلافات واشنطن وباريس حول النيجر ليست سوي حلقة من تاريخ كبير من الخلاف بين الحليفين، وباستحضار التاريخ ربما نجد أن الخلاف هو الأكثر حضورا بين البلدين، ففي أيلول سبتمبر 2021 استدعت فرنسا سفيريها بأمريكا وأستراليا على خلفية إلغاء الأخيرة صفقة غواصات كانت قد وقعتها مع شركة نافال الفرنسية واستبدالها بغواصات أمريكية، وذلك بالتزامن مع توقيع استراليا على الاتفاق المسمى بتحالف (AUKUS) الذي يضمها مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
وبحسب تقارير فرنسية فإن واشنطن لم تكتفي في ذلك الوقت بالتأثير على إستراليا لإلغاء صفقة الغواصات مع باريس بل إنها تجاهلت دعوة فرنسا للإنضمام للتحالف الجديد وهو ما اعتبرته الخارجية الفرنسية طعنة فى الظهر وفق بيان رسمي صدر عنها في 17أيلول 2021.
كما استغلت أمريكا الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة التي تعرضت لها أوروبا وباعت الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي بأربعة أضعاف ثمنه ما أثار استياء القادة الأوربيين وفي مقدمتهم فرنسا .
خيبة الأمل الفرنسية من المواقف الأمريكية دفعت وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لودريان إلى وصفها بطعنة في الظهر، ولكن هذه الطعنة ربما يوجد لها مبرر في السياسة الأمريكية التي لا تنسي مواقف حلفاءها، ففي عام 2003 عارضت فرنسا بقوة الغزو الأمريكي – البريطاني للعراق ، وقادت الجهود الأوروبية لرفض منح الولايات المتحدة الأمريكية شرعية قانونية لشن هذه الحرب، ورغم أن ألمانيا وروسيا كانتا أيضاً من المعارضين للغزو، إلا أن كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن صرحت بأن الولايات المتحدة الأمريكية “ستسامح روسيا، وتتجاهل ألمانيا، وتعاقب فرنسا !
ويعكس تصريح رايس نظرة وطريقة تعامل واشنطن مع فرنسا تحديدا دون بقية الدول، فرغم وجود دول كثيرة رفضت السياسة الأمريكية، ولكن فرنسا وحدها هي من تواجه العقاب.
أمريكا وانقلابات أفريقيا
وإنطلاقا من فكرة العقاب، كشفت تقارير صحفية أن ما لا يقل عن 10 انقلابات في غرب أفريقيا منذ عام 2008، نفذها ضباط دربتهم الولايات المتحدة، مما أثار تساؤلا: حول دور واشنطن في دعم هذه الانقلابات حتى لو أدانتها في وسائل الإعلام.
وبحسب صحيفة “ذا إنترسبت” الأمريكية فإن ضباطًا دربتهم الولايات المتحدة كانوا قد شاركوا في 6 انقلابات على الأقل في بوركينا فاسو ومالي المجاورتين للنيجر منذ عام 2012.
وأشارت إلى أن هؤلاء الذين تلقوا تدريبات عسكرية أمريكية، نفذوا ما لا يقل عن 10 انقلابات في غرب أفريقيا منذ عام 2008، في بوركينا فاسو في أعوام2014، 2015، 2022، وفي غامبيا 2014 وغينيا 2021 وفي مالي في أعوام 2012، 2020، 2021، وانقلاب موريتانيا 2008.
كما كشف التقرير أن موسى سالو برمو قائد قوات العمليات الخاصة في النيجر وأحد قادة انقلاب النيجر، تلقى تدريبًا على يد الجيش الأمريكي، واجتمع قبل شهر واحد من الانقلاب مع رئيس قيادة العمليات الخاصة بالجيش الأمريكي، في القاعدة الجوية 201، وهي قاعدة للطائرات بدون طيار في مدينة أغاديز النيجرية التي تمثل العمود الفقري للقوات الأمريكية في غرب أفريقيا.
ويبقي السؤال..هل ما شهدته مناطق النفوذ الفرنسي في إفريقيا من إنقلابات عسكرية وطرد للقوات الفرنسية وإلغاء إتفاقيات عسكرية ومدنية مع باريس هو جزء من سياسة العقاب الأمريكي لفرنسا كما وصفتها كونداليزا رايس، أم طعنة في الظهر كما وصفها جان لودريان، أم إن الأمر تمدد روسي في الدول الأفريقية أم هناك سبب أخر ؟

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

من مالي وغينيا لـ النيجر والجابون ..لماذا تتكرر الانقلابات العسكرية بأفريقيا ؟

في ذروة انشغال العالم بأزمة إنقلاب النيجر، والتهديد بالتدخل العسكري من أجل استعادة النظام الدستوي في البلاد، استيقظ الأفارقة صبيحة الأربعاء 30 أغسطس الماضي على إنقلاب جديد بغرب أفريقيا في حلقة جديدة من حلقات الانقلابات العسكرية التي انتشرت مؤخرا بالقارة.

وعقب انتخابات مثيرة للجدل، تم فيها إعادة انتخاب علي بونجو كرئيسا للجابون للمرة الثالثة، أعلنت قيادات بالجيش السيطرة على السلطة وحل كل مؤسسات الدولة، وإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية.

وبذلك تنضم الجابون إلي دول غرب أفريقيا مالي وغينيا وبوركينا فاسو والنيجر التي شهدت انقلابات عسكرية في الفترة الأخيرة وهو ما يفتح الباب للتساؤل حول أسباب كثافة وقوع الانقلابات في دول إفريقيا مؤخراً، وعلاقتها بالسياسات الغربية في القارة.

حزام الانقلابات

وجاء انقلاب الجابون أحد المستعمرات الفرنسية السابقة بغرب إفريقيا بعد قرابة شهر واحد فقط من انقلاب النيجر الذى أطاح فيه الجيش بالرئيس محمد بازوم المحسوب على فرنسا، كما سبقه 4 انقلابات أخري بدول محسوبة على النفوذ الفرنسي وهو ما اعتبره مراقبون رسالة غضب إفريقية ضد السياسات الفرنسية بالقارة.

وخلال العشر سنوات الأخيرة، شهدت القارة الإفريقية عشرات الانقلابات فضلا عن محاولات الانقلاب، وتحتل منطقة غرب القارة الصدارة التاريخية في هذه الأحداث، بنسبة 44.4% من إجمالي انقلابات العسكرية، وهو ما دفع إلى تسميتها بـ”حزام الانقلابات حيث شهدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما يقدر بـ7 انقلابات على الأقلّ.

وقبل انقلاب النيجر في 28 يوليو/تموز الماضي، شهدت مالي انقلابين عسكريين، الأول في أغسطس/آب 2020 والثاني في مايو/أيار 2021. وفي بوركينا فاسو حدث انقلابان أيضاً عام 2022، وفي غينيا حدث انقلاب عسكري في سبتمبر/أيلول 2021. وفي العام نفسه قُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي على يد متمردين.

وبحسب مراقبون فإن الأمر لن يتوقف عن حدود الجابون وربما تشهد القارة انقلابات جديدة خاصة أن الظروف والسياسات تتشابه في معظم الدول، كما يربط محللون هذه الظاهرة بسياسات النهب الاستعمارية التي تنهجها الدول الغربية في القارة.

نشأة معيبة

ويري محمود مناع خبير الشون الأفريقية أن “القارة الأفريقية لها سمات ومظاهر تختلف عن اى قارة في العالم، ودولها لها تمايز وصفات مختلفة عن بعض الدول القائمة بالفعل في المحيط الاقليمي والدولي”.

وقال لوكالتنا :”خبراء الدراسات الافريقية دائما ما يرددون أن نشأة الدول الأفريقية نشأة معيبة، لافتا إلي أن الدول الأفريقية قائمة منذ القدم على الممالك القديمة وكان لها نظام قبلي واضح وكانت الممالك تعتمد على رب القبيلة أو زعيمها مع وجود تنظيم يشبه التنظيم السياسي الحديث”.

وتابع :”مع وصول المستعمر الغربي لأفريقيا عمل على إحداث بعض التوازنات من خلال القبائل والإثنيات المنتشرة في القارة دون حدود جغرافية، مشيرا إلي أن نشأة الدول الأفريقية بتقسيمها الحالي نشأة استعمارية بالأساس، وحدودها وضعها المستعمر دون مراعاة للتداخل الإثني بين الدول بدليل وجود الكثير من الاثنيات والقبائل الأفريقية منتشرة ومتشابكة في أكثر من دولة كما نجد في نيجريا والنيجر أو ورواندا وبورندي وغيرها من الدول الأفريقية”.

وأشار إلي أنه “عندما رحل المستعمر بجيوشه وعتاده التقليدية بقيت ولاءات النخب الأفريقية التي صنعها المحتل للأصل الاستعماري، لافتا إلي أن الدول الخمس التي شهدت انقلابات مؤخرا وهي مالي وبوركينا فاسو وغينيا والنيجر والجابون تشترك في أن الآصل الاستعماري لها واحد وهو فرنسا” .

ولفت إلي أنه “بغض النظرعن أن الانقلابات تخالف النظام الديمقراطي والدستوري والأعراف الدولية ألا إن الوعود بالتنمية منذ استقلال هذه الدول كانت كبيرة، ورغم ذلك لم تشهد هذه الدول منذ عام 1960 أى تنمية”.

الاستعمار الجديد

وبحسب الخبير بالشؤون الأفريقية فإن “كتاب الزعيم الأفريقي كوامي نكروما رئيس غانا الأسبق الذي يحمل عنوان ” الاستعمار الجديد” وصدر منذ أكثر من 50 عاما يضع خارطة طريق لنهضة أفريقيا يربطها برحيل الاستعمار، كما أعطي الكتاب وصفة للتحرر الحقيقي من الاستعماري ، لافتا إلي أن هذه الوصفة هى ما ينادي به قادة الانقلابات في الدول الافريقية”.

وبحسب الباحث فإن “هذه الانقلابات صرخة في وجه الاستعمار الفرنسي والاصل الاستعماري، هذه الوصفة التي نادي بها نكروما منذ اكثر من 50 سنة ينادي بها قادة الانقلابات الأن من أجل الوصول لحلول أفريقية للازمات الاقتصادية والبحث عن التنمية الحقيقة ورفض التبعية، والعودة للمقولة التي نادت بها الجامعة الافريقية في القرن العشرين والفلاسفة الأفارقة في القرن التاسع عشر أن أفريقيا يجب أن تكون للأفارقة”.

تحديات وسيناريوهات

وأشار إلي أن “الخوف هو سقوط هذه الدول في مستنقع الفوضي وعدم الاستقرار، وأن يستغل سماسرة الحروب وتجار الدماء في اشارة للإرهابين والجماعات المتطرفة للوضع في تعزيز وجودها بهذه الدول”.

وحول السيناريوهات المستقبلية للأوضاع بأفريقيا،يري الخبير بالشأن الأفريقي أنه “إذا استطاعت تلك القيادات والزعامات الافريقية الجديدة في الدول التي شهدت انقلابات الفرار من الأصل الاستعماري، وكان لديها مقومات حقيقة داخلية لتحقيق التنمية الاقتصادية وهو أمر ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض فمن الممكن أن تتحرك هذه الدول نحو التنمية حتي لو كانت هذه التحركات ببطء، لافتا إلي وجود بعض القوي الاقليمية والدولية مثل الصين وروسيا لديها الرغبة والاستعداد لملء مكان فرنسا في هذه الدول وفق مبدأ المصالح المتبادلة وهو أمر قد ترحب به أفريقيا”.

وحول إمكانية حدوث انقلاب جديد، يري الباحث ان “افريقيا قارة لديها قدر كبير من المحاكاة ولا يمكن الجزم بعدم تكرار الانقلابات ولكن المؤكد أن الوضع قابل للتكرار بأفريقيا عموما”، لافتا إلي أن “الرئيس الكاميروني الذى يحكم منذ 40 عاما أصدر منذ أيام قرارت رئاسية بتغيير كل القيادات العسكرية في بلاده خوفا من الانقلاب عليه”.

مرحلة جديدة

من جانبه، يري الباحث السوداني عباس صالح إن “تزايد وتيرة الانقلابات العسكرية والسيطرة العسكرية المتصاعدة على الحكم في العديد من دول القارة الأفريقية، تؤسس لمرحلة جديدة من النظم السياسية بعد انقضاء حقبة نظم ما بعد الاستعمار ونظام الدولة الوطنية التي قادتها النخب الوطنية وانطواء الموجة الأولى من الانقلابات التقليدية التي وقعت خلال العقود الماضية.”

وقال لوكالتنا “بكل تأكيد هناك أياد خارجية وراء موجة الانقلابات الأخيرة، تم فيها توظيف العوامل المحلية لتحقيق تغيرات سياسية تعيد رسم الحقائق الجيوسياسية في أقاليم القارة السمراء، في خضم حرب باردة جديدة تمر بها القارة الأفريقية”.

وأشار إلي إن “حتمية وقوع الانقلابات او السيطرة العسكرية في عموم القارة، قد تؤجج من التنافس بين الدول الكبرى، التي تتنافس على النفوذ والمصالح، لتشجيع وقوع انقلابات إما لاستباق وقوعها من قبل أطراف داخلية موالية لدول منافسة لها، فضلاً عن احتمالات انتشار “عدوى الانقلابات” وبالتالي دفع العسكريين المغامرين للقيام بتحركات للاستيلاء على السلطة في ظل الدعم الشعبي الواضح لهذه التحركات”.

وبحسب الباحث فإنه “مع اتساع نطاق حزام الانقلابات الذي يتمدد حالياً من الساحل الكبير إلى وسط أفريقيا بعد الانقلاب الأخير في الغابون، يبدو أن “دومينو” الانقلابات سوف يشمل العديد من الدول التي تتوفر على عوامل داخلية مشابهة لتلك التي الدول التي وقعت فيها انقلابات عسكرية”.

سوريا والسودان والنيجر..لماذا تشتعل نيران الحروب بالشرق الأوسط ولا تنطفىء؟

إذا سقطت عينيك على خارطة الشرق الأوسط فلن تجد سوي نيران تندلع وأخري تخبو ولا تنطفأ، أزمات وثورات وانقلابات، فتن واغتيالات، حروب وصراعات..لماذا الشرق الأوسط دون غيره ساحة لتصفية الحسابات الدولية وهل تلعب القوي الكبري دورا في استمرار الصراعات والأزمات بالمنطقة؟

ربما لا يوجد منطقة في العالم تشهد أزمات وصراعات وحروب كما يحدث في الشرق الأوسط، فلا تكاد تخبو نيران الحرب في منطقة حتى تشتعل في أخري، ولا تنتهي أزمة حتى يندلع صراع، ولا يحدث تغيير دون سقوط ضحايا.
الغريب في أزمات الشرق الأوسط أنها تندلع دون أسباب منطقية لاندلاعها ولا تنتهي رغم وجود تدخل دولي وجهود أممية تزعم العمل على حلها، ولا أدل على ذلك من الأوضاع بسوريا وليبيا أو السودان التي يجتمع مجلس الأمن من أجلهما بشكل شبه دوري، وتتواجد بهما بعثات أممية ومبعوثين للقوي الكبري دون أن تتحرك الأزمة قيد أنملة نحو طريق الحل ولو حدث سرعان ما تعود للمربع الأول مرة أخري.
ويعتقد مراقبون أن كل الأزمات التي تشهدها المنطقة بشكل عام جزء من صراع دولي واقليمي لتحويل المنطقة لبؤرة من الأزمات التي لا تنتهي بما يسهل استنزاف مواردها ونهب ثرواتها.
لعنة الجغرافيا
ويري د.إياد المجالي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية أن حالة الصراع القائم في المنطقة هي لعنة الجغرافيا التي تدرك أهميتها محاور إقليمية مهمة، والتي لا يمكن النظر لها بتجرد او بمعزل عن حالة التنافس الإقليمي والدولي في بؤر متعددة من الشرق الأوسط.
وقال لوكالتنا ” ما تشهد المنطقة ارتداد منطقي لاستراتيجية القوي الكبري وفي مقدمتها الولايات المتحدة بابقاء المنطقة في صراع وتوتر لتتمكن من أحكام سيطرتها وتحقيق أهداف محددات السياسة الخارجية، وتمكين نفوذها على الممرات المائية وطرق الملاحة الدولية وعلى ثروات المنطقة”.
ويعتقد الباحث أن ما تشهده المنطقة من أنماط الصراع القائم متعدد الأشكال تصب جميعا في مصالح القوى الكبرى عبر حرب الانابة”.
احتلال جديد
ويري الباحث المصري في العلاقات والأزمات الدولية هاني الجمال أنه “منذ اللحظة الاولي التي شعرت فيها القوي الكبرى في ذلك الوقت إنجلترا وفرنسا بكراهية العرب لهم وان مدة بقائهم في المنطقة بالشكل التقليدي سوف يزيد من حالة الاحتقان ضدهما خاصة بعد نجاح الثورة العربية ومحاولة تشكيل كيان عربي يساهم في مجابهة الكبار بدأت القوي الكبري تغيير استراتيجيتها في التعاطي مع منطقة الشرق الأوسط “.
وقال لوكالتنا ” بدأ البحث عن طريقة جديدة تجعل المنطقة العربية في حالة صراع مستمر، وتعددت صور هذا الصراع بداية من الصراع العربي الإسرائيلي والانحياز الكامل للجانب الإسرائيلي سواء تمييزه نسبيا بالأسلحة المتطورة او من عدم تنفيذ القرارات الدولية ضده من خلال الفيتو، وتارة أخرى الصراع العقائدي بين السنة والشيعة والذي مزق العديد من البلاد العربية، وتارة ثالثة صراع على الزعامة العربية وهو ما أوجد جفاء بل نزاعات عربية عربية”.
وتابع” كما تم اشعال الصراعات الاثنية بين العرب والكرد أو الإيزيدين أو البدون أو الأمازيغ أو العلويبن أو الدروذ وغيرها من الصراعات التي تعمل على تأجيج الوضع في المنطقة العربية وهو ما ينسحب الأن على الوضع في لبنان وحالة الفراغ الرئاسي وتمدد حزب الله وتغلوه على السلطة مستندا على القوة الايرانية في مواجهة القوي الداخلية المدعومة من فرنسا او السعودية و بالتالي صارت لبنان جرح لايتوقف نزيفه”.
وأشار إلي أن “نفس الوضع صار في سوريا ومحاولة تقليم اظافرها سواء من خلال إعادة انتشار جيشها في لبنان ودخولها في خصومة طويلة مع القوي السياسية الداخلية، وتحول المجتمع السوري بعد الثورة الشعبية إلى بؤرة صراع إقليمي بين إيران وتركيا وصراع دولي بين أمريكا وروسيا في ظل حالة الفراغ الأمني التي خلفتها أمريكا جراء انسحابها من منطقة شرق الفرات هذا بجانب قمع حرية الكرد في تأسيس وطني قومي لهم او الدخول في نظام سياسي جديد يعتمد على الكونفدرالية والاستفادة من ثرواته الطبيعية في مواجهة الاستيلاء عليها فضلا عن الازمة الكبرى وهي توطين الجماعات الإرهابية ذات الاجندات الدولية”.
وبحسب الباحث فإن “نفس الأمر تكرر في السودان الذي سيطرت عليها جماعة الإخوان المسلمين إبان حكم البشير والمساهمة في تقسيمه جنوبا وشمالا ثم تصاعد الازمة في دارفور ومحاولات الانفصال المتكررة، وإجهاض مكتسبات الثورة الشعبية ضد البشير و محاولة تأسيس دولة مدنية في المنطقة العربية وصولا للصراع الراهن بين الجيش السوداني وقوات الدعم وهما أيضا ينفذان اجندات دولية واقليمية”.
كما تطرق الباحث إلي الأوضاع بليبيا وأفريقيا قائلا ” الازمة في ليبيا دخلت نفق مظلم بعد الثورة على القذافي وأصبحت مسرح للصراع الإقليمي بين تركيا ومصر وصراع دولي بين روسيا ضد أمريكا و أوروبا، لافتا إلي أن نفس الأوضاع تشهدها منطقة القرن الأفريقي التي يستعر فيها الصراع بين روسيا والصين من جانب وأمريكا والدول الغربية من جانب أخر حيث يسعي الجميع لنهب ثروات المنطقة واستزاف مواردها الطبيعية ومحاولة تسكين العملاء الخاضعين لهم في سدة الحكم”.
ويعتقد الباحث أن “العامل المشترك في كل هذه الأزمات هو المنظمات الدولية المسيسة والتي تغض الطرف عما يحدث في المنطقة العربية في حين انها اشتطات غضبا عما يحدث في أوكرانيا فكل الازمات في المنطقة العربية خلف ستائرها مخطط دولي واقليمي لانهاكها باستمرار”.

خدمت الدعم السريع..كيف ساهمت حرب اليمن في إطالة الصراع بالسودان ؟

بقلم الإعلامية السودانية/ هادئة الهواري

البعض يتساءل من وجهة نظر عسكرية بحته بعيدا عن قضايا المتحاربين ـ برغم الفجوة الواسعة بين إمكانات الدعم السريع المحدودة مقارنة ً بالجيش من حيث التسليح والقدرات وخطوط الإمداد والدعم اللوجستي ـ
يتسائل عن سبب تفوق الدعم السريع في أغلب المعارك إن لم تكن جميعها ، وتنوع أساليب القتال لديه ،وسلاسة تنفيذ عمليات الكر والفر، وإحكام الكمائن ، والعقيدة القتالية ، والثبات وابتكار أساليب جديدة للقتال لم تدرس حتى في الكلية الحربية السودانية.
وتكمن الإجابة على هذا التساؤل بالعودة إلى قرار نظام البشير التكسب السياسي على حساب إرسال قوات من الغرب (الهامش) ـ غير مؤثرة مجتمعياً ولا تشكل ثقل على كاهل الدولة ولا ضرر حتى من فنائها ـ إرسالهم لدعم عاصفة الحزم ومواجهة اليمنيين ( الحوثيين) ، وذلك اعتقادا أن هذا سينقذ الاقتصاد السوداني حينها من الإنهيار بدعم السعودية السخي وزيادة التبادل التجاري وحجم الاستثمار والمساعدة في تخفيف وطأة الضغوط الأمريكية ….الخ .
إلا أن نتائج هذا السفاح تسببت في أكبر كارثة سيعرفها السودان الحديث والتي من الأرجح أن تغير خارطة السيادة ودائرة صنع القرار فيه للأبد ، فقد اكتسبت هذه القوات خبرات قتالية جديدة تتمثل في أساليب الكر والفر وفهم عدم الجدوى من المواجهات المفتوحة (المعروفة في صدام المجموعات المسلحة في وسط وغرف أفريقيا) وتنفيذ الكمائن بشكل احترافي وهذا أصبح جلياً حيث تختفي القوات وتظهر فجأة عند وصول العدو للنقطة صفر مثل معارك بحري الكدرو واستقبالهم للقوات المستنفرة” وهذا أسلوب قتال الحوثيين مع هجمات قوات تحالف عاصفة الحزم لتحاشي تفوق اسناد الطيران” .
وأيضا عقيدة مقاتلي الدعم السريع ومعنوياتهم العالية وتجاوز فكرة (شبح الموت عند المواجهات) ، متمثلة في عبارة (زايلي ونعيمكي زايل) وهذا شعار يؤثر على معنويات المحارب ويظهر بسالة وثبات منقطع النظير وعدم الحرص على الحياة وتخيل شرف الموت في المعركة وهي مبادئ تعلمها جنود الدعم السريع من ثبات اعدائهم الحوثيين في اليمن، واستفادت قيادتهم من هذه الروح والجاهزية وأصبحت تداعبهم بكلمة (أشاوس) وهي كلمة كثيرة الترداد عند قيادات الحرب اليمنية بكل أطرافها.
ومن الملاحظ بشكل كبير استعانة قواة الدعم السريع بالزوامل اليمنية ( اناشيد حماسية تربط المقاتل بمعاني الجهاد والشرف والثبات ، كل هذه الخبرات التراكمية التي استفادتها هذه القوات خلال السنوات السبع الماضية بالإضافة إلى استعانة الجيش السوداني بهذه القوات لحسم الحركات المسلحة والصراعات القبلية في وسط وغرب السودان اكسبتهم تفوق مطلق في هذه المرحلة ولن تتمكن القوات المسلحة من معادلة الكفة حتى يتمكنوا من فهم أساليب الدعم السريع المكتسبة من خارج الحدود ورفع معنويات الجيش بخطاب روح الوطنية والفداء كما فعلوا ايام حرب الجنوب.
والمتوقع إذا لم تحسم الأمور واستمر الصراع أن يصل الجيش لنقطة التكافئ التنظيمي والخبرات القتالية مع العدوان في بداية ٢٠٢٥ وسيكون الحسم حينها بيد القوى الإقليمية والدولية فقط.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

بعد إلغاء زيارة السيسي..هل تعطل قطار التطبيع المصري التركي ؟

تحدثت تقارير صحفية عن إلغاء زيارة رسمية كان يفترض أن يقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلي تركيا نهاية تموز الماضي وهو ما اعتبره البعض دليل على وجود ملفات عالقة تعرقل عودة التطبيع الكامل للعلاقات بين القاهرة وأنقرة…فهل فعلا تعطل قطار التطبيع المصري التركي أم أن الأمر مجرد فقاعات إعلامية ؟
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية الثلاثاء 4 تموز الماضي رفع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا إلى مستوى السفراء، وبعدها بأقل من 24 ساعة نقلت وسائل إعلام مصرية عن تقارير صحفية تركية تحديد موعد زيارة رسمية للسيسي إلي أنقرة.
وكانت صحيفة “إندبندنت التركية” قد أكدت في تقرير لها 5 تموز الماضي إن السيسي سيزور تركيا في 27 يوليو الجاري وسيلتقي نظيره التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة وسيبحثا معا العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية.
احتفاء مصري
ورغم عدم إعلان الرئاسة المصرية أو وزارة الخارجية عن موعد الزيارة ألا إن تناول وسائل الإعلام المصرية للخبر وتداوله بشكل كبير على مستوي الصحف والقنوات الرسمية بشكل كامل أوحي للجميع أن الإعلان التركي جاء بالتنسيق مع الجانب المصري.
كما نقلت وسائل إعلام روسية في 16 تموز الماضي تصريحات حصرية للسفير التركي الجديد بالقاهرة صالح موطلو كشف فيها عن تحديد موعد زيارة السيسي لأنقرة وأن اللقاء تم الاتفاق علي موعده بين حكومتي البلدين دون ان يعلن صراحة الموعد المحدد للزيارة .

زيارة أردوغان للقاهرة
تصريحات السفير التركي بالقاهرة، أكدها مصدر دبلوماسي مصري في تصريحات صحفية نشرتها وسائل إعلام مصرية”، كاشفا عن ترتيب زيارة رسمية للرئيس المصري إلى أنقرة تلبية لدعوة نظيره التركي، مضيفاً أن الموعد المحدد للقمة هو في 27 يوليو/تموز الحالي في العاصمة التركية أنقرة.
وأوضح الدبلوماسي المصري، وفق الصحيفة، أنه من المقرر أن يستتبع تلك القمة، زيارة سيقوم بها أردوغان للقاهرة، في الشهر التالي، ستستمر 3 أيام ستتخللها مجموعة من اللقاءات مع مسؤولين عرب.
إلغاء أم تأجيل
ومع مرور اليوم المحدد للزيارة 28 تموز دون سفر الرئيس المصري الذى تواجد في نفس التوقيت بمدينة ستراسبورج الروسية للمشاركة في القمة الروسية الأفريقية بدأ الحديث عن خلافات في وجهات النظر بين القاهرة وأنقرة حول عدد من الملفات ربما كانت السبب في تأجيل أو إلغاء الزيارة المرتقبة.
وبحسب مراقبون فإنه لا يمكن الحديث عن إلغاء زيارة السيسي لتركيا خاصة أنه لم يصدر بيان رسمي من الرئاسة المصرية بتحديد موعدها قبل ذلك، مشيرين في الوقت نفسه إلي وجود بعض الملفات العالقة التي لم يتم حسمها بين البلدين حتي الأن.
خلافات قائمة
ويري هاني الجمال الباحث في العلاقات الدولية أنه على الرغم من تسارع وتيرة التقارب المصري التركي وخاصة بعد إعادة انتخابات الرئاسة التركية واهتمام أردوغان بعودة العلاقات مع مصر بعد عشرة أعوام من الجفاء الدبلوماسي بينهما ومع تنامي هذه العلاقة والتحضير إلى قمة ثنائية وشيكة بين الطرفين إلا أن هناك أمور سياسية وعالمية قد ألقت بظلالها على موعد هذه القمة”.
وقال لوكالتنا ” إن من أهم الأمور التي عطلت زيارة الرئيس المصري لتركيا القمة الروسية الأفريقية والتي شارك فيها السيسي بقوة خاصة لما حملته هذه القمة من صياغة جديدة للتحالفات الدولية هذا بجانب اجتماع الفصائل الفلسطينية والتي اجتمعت في مدينة العلمين الجديدة وسبقتها زيارة خاطفة للرئيس الفلسطيني محمود عباس ابومازن مع إسماعيل هنية إلى تركيا لوضع نقاط محددة من أجل المصالحة الفلسطينية”.
وبحسب الباحث فإن “الملف الليبي هو أحد أهم الملفات الشائكة في العلاقة بين القاهرة وأنقرة، خاصة بشأن خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا ومن بينها الميليشيات الموالية لتركيا وجماعة الاخوان المسلمين في ليبيا وهو ما ترفضه أنقرة دون الحصول على عقود تنمية اقتصادية وضمان وضع جيد لحلفاءها ضمن مستقبل ليبيا”.
وأشار الباحث إلي أن ملف الغاز وانضمام تركيا لمنتدي غاز شرق المتوسط ضمن الملفات التي لم يتم التوافق حولها حتى الأن، خاصة أن المصالحة بين قبرص واليونان وتركيا لم تتم بالشكل الامثل وهو ما يعرقل التواجد التركي في المنتدى، فضلا عن أزمة الغاز الإسرائيلي وعبوره عبر الموانئ التركية على الرغم من الاتفاقيات المسبقة بين مصر وإسرائيل من أجل تسييل الغاز عبر موانئ دمياط.”
ويري الجمال أنه “على الرغم من هذه الأسباب التي قد تؤجل موعد الزيارة إلا أنها مسألة وقت لعقد القمة بين السيسي وأردوغان من أجل إيجاد رؤية مشتركة في حلحلة الأمور في هذه الملفات فضلا عن تفعيل التبادل التجاري عبر موانئ البحر المتوسط وتعزيز التعاون الصناعي والعسكري وخاصة في مجال صناعة المسيرات لما تمتله تركيا من هذه التكنولوجية وما تمتلكه مصر من مصانع حربية لها الخبرة الطويلة في صناعة الأسلحة”.
مباحثات لحل الخلافات
من جانبه، أكد د.أسامة السعيد الباحث في الشؤون التركية أنه “لم يكن هناك موعد رسمي معلن لزيارة السيسي لأنقرة، وبالتالي يصعب القول أن الزيارة تأجلت أو ألغيت لأنه لم يكن لها إطار زمني أو موعد معلن بشكل رسمي من مؤسسات الدولة المصرية”.
وقال لوكالتنا ” إن الحديث عن وجود تباينات أو خلافات حول بعض مسائل أمر طبيعي في أى علاقة دولية، لافتا إلي أن لدى مصر وتركيا الأطر الدبلوماسية لحسم هذه الخلافات أو على الأقل احترام المصالح المتبادلة لكل طرف من الطرفين”.
وأشار إلي أنه “إذا لم تكن الدولتين لديهم رغبة في استئناف العلاقات بشكل كامل لم يكونا لتقطعا هذه الخطوات التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية، خاصة بعد الوصول لرفع مستوي العلاقات الدبلوماسية لتبادل السفراء”
أزمة الميليشيات
ويري الباحث أن ” الميليشيات التركية في ليبيا أحد أهم نقاط الخلاف بين البلدين ، ومصر لديها موقف واضح من هذه المسألة قبل المصالحة وبعدها وسبق وأعلن وزير الخارجية المصري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي خلال زيارة الأخير للقاهرة أن مصر ترفض وجود هذه الميليشات على أرض ليبيا”، في حين أن تركيا تروج أن هذه القوات موجودة بطلب من الحكومة الليبية، لافتا إلي أن هذا الملف من أكثر الملفات التي تحظي بالنقاش بين البلدين ولكنها لم توقف المباحثات”.
وحول انزعاج مصر من الدور الذى تسعي تركيا للعبه في الملف الفلسطيني، ومدى إمكانية تأثير هذا على العلاقات بين مصر وتركيا، أكد الباحث أن “تركيا لديها رغبة قوية للقيام بدور في الملف الفلسطيني واستئناف عملية السلام بين الفلسطينين والإسرائلين رغم علمها بالأولوية التي تمثلها هذه القضية للسياسة الخارجية المصرية والأمن القومي المصري”.
وكشف الباحث أن لديه معلومات أن “أردوغان كان يسعي لترتيب لقاء بين الرئيس الفلسطيني أبو مازن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتيناهو الذى كان يفترض أن يزور أنقرة في نفس توقيت زيارة عباس ولكن منعته ظروفه الصحية، لافتا إلي أن أبو مازن اخبر تركيا أن مصر هي المرجعية الرئيسية للملف الفلسطيني”.
وأشار إلي أن “مصر نفسها منفتحة على أى جهود تقوم بها أى دولة في الملف الفلسطيني ولم تزعم يوما ما أنها تحتكر الملف الفلسطيني وسبق أن رحبت بجهود الجزائر والسعودية وعواصم أخري في هذا الملف”.
وأكد إن “ما يزعج القاهرة هو محاولة استقطاب بعض الفصائل للقيام بأدوار تضر بالقضية الفلسطينية لانه يفسد جهودا كبيرة تقوم بها”.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

فاغنر تعتبره لحظة انتصار..هل تقف روسيا وراء انقلاب النيجر

شهدت النيجر صباح الأربعاء 26 يوليو/تموز، انقلابا جديد على السلطة بعد أن احتجزت عناصر تابعة للحرس الوطني في القصر الرئاسي الرئيس محمد بازوم، ووزير داخليته حمادو أدامو سولي، قبل أن تعلن في مساء اليوم ذاته “عزله من السلطة”.

وأعلن عسكريون  يطلقون على أنفسهم اسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”، قد أعلنوا الأربعاء 26 يوليو/تموز 2023، الإطاحة بنظام رئيس النيجر بازوم وتعليق العمل بالدستور “بسبب تدهور الأوضاع في البلاد”، وفقاً لبيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الرسمي بالعاصمة نيامي.

كما أعلن الجيش النيجري، الخميس، 27 يوليو/تموز، دعمه لعملية الانقلاب التي أطاحت بالرئيس محمد بازوم؛ وذلك “تفادياً للاقتتال داخل صفوف القوات المسلحة”، بحسب بيان وقّعه رئيس الأركان.

ويعتبر  الرئيس “المعزول” محمد بازوم، أول رئيس عربي ومنتخب، يصل السلطة بشكل ديمقراطي في النيجر حيث تم انتخابه في أبريل/نيسان عام 2021، خلفاً للرئيس محمدو إيسوفو، في أول انتقال للسلطة من رئيس إلى آخر من خلال صناديق الانتخابات.

ردود الأفعال الدولية

ومنذ اللحظات الأولي للانقلاب توالت ردود الأفعال الدولية المناهضة له، فيما صدر رد فعل غريب من قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين، وصفه بـ ” النبأ السار” في دلالة قد تؤشر على دور روسي في الإنقلاب.

وبحسب وسائل إعلام، وصف بريغوجين في رسالة صوتية بثّتها قواته على تليغرام، مساء الخميس، 27 يوليو/تموز 2023. الانقلاب بأنه لحظة تحرير طال انتظارها من المستعمرين الغربيين، معتبرا أن “ما حدث في النيجر لم يكن سوى كفاح شعب النيجر مع مستعمريه، مع المستعمرين الذين يحاولون فرض قواعد حياتهم عليه وعلى ظروفه وإبقائه في الحالة التي كانت عليها إفريقيا منذ مئات السنين”.

وأثار التسجيل الصوتي المنسوب لزعيم فاغنر الشكوك حول دور تلعبه موسكو في الانقلاب على الرئيس المنتخب في النيجر خاصة مع ظهور أعلام روسيا في المظاهرات الداعمة للانقلابيين بشوارع العاصمة نيامي.

الولايات المتحدة من جانبها، أعربت عن ادانتها للانقلاب، ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، السبت 29 يوليو/تموز إلى الإفراج الفوري عن رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم، واستعادة النظام الديمقراطي في البلاد.

ونقلت وسائل إعلام، عن وزارة الخارجية الأمريكية، قولها إن بلينكن أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المخلوع بازوم، وأكد دعم واشنطن استمراره في الحكم”.

وأدان مجلس الأمن الدولي الانقلاب على الرئيس، ودعا إلى الإفراج عنه، واعتبر انقلاب الجيش سبباً في  تقويض جهود تعزيز مؤسسات الحكم بالبلاد.

الاتحاد الأوروبي من جانبه، أعلن السبت، 29 يوليو/تموز  وقف جميع أشكال التعاون الأمني مع النيجر “بصورة فورية” ، وأكدت دول الاتحاد أنها لن تعترف بالقادة العسكريين الذين نصبوا أنفسهم في النيجر.

كما ندد مجلس السلم والأمن الإفريقي، بـ”الانقلاب في النيجر”، مطالباً القادة العسكريين بالعودة إلى ثكناتهم خلال مدة 15 يوماً.

الموقف الفرنسي 

بحسب وسائل إعلام فرنسية فإن باريس تعتبر أكبر الخاسرين من انقلاب النيجر خاصة أنها من أهم حلفاء رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، وبعزله تكون فرنسا قد فقدت آخر حلفائها المقربين في منطقة الساحل الإفريقية، بعد أن فقدت أصدقاءها في مالي، التي هزها انقلابان في عامي 2020 و2021، ثم في بوركينا فاسو، التي شهدت انقلابين في 2022.

ووفقا لصحيفة لموند الفرنسية فإن باريس توقعت هذا السيناريو وحذرت حليفها بازوم منه خاصة في ظل تصاعد حدة المواجهات في البلد مع بعض الجماعات المتطرفة، وهو ما من شأنه أن “يضر بمصالح الغرب ويزعزع استقرار منطقة الساحل”.

 وبحسب مراقبون، يمثل الانقلاب ضربة للنفوذ الفرنسي في أفريقيا، حيث كانت النيجر تعتبر آخر معاقل فرنسا بغرب إفريقيا. إذ يعد الرئيس المعزول بازوم، البالغ من العمر 63 عاماً، واحداً من القادة الموالين للغرب في منطقة الساحل، حيث أدت انقلابات متتالية ضد رؤساء منتخبين في مالي وبوركينا فاسو في السنوات الأخيرة إلى تقلص النفوذ الفرنسي بشكل لافت، بينما تمدد النفوذ الروسي عبر مجموعات فاغنر الأمنية الخاصة.

مشهد متكرر

ويري رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية أن ما يحدث في النيجر مشهد متكرر وأصبح شبه معتاد في القارة الأفريقية، مشيرا إلي أن النيجر نفسها منذ استقلالها  عن فرنسا عام 1960 شهدت 4 انقلابات اضافة لعشرات المحاولات لتي لا يمكن حصرها، فضلا أن النيجر تقع بجوار مالي وبوركينا فاسو وهم من أكثر الدول الأفريقية التي شهدت انقلابات عسكرية لدرجة أن بوركينا فاسو شهدت مؤخرا إنقلاب على الإنقلاب في سابقة لم تحدث من قبل .

وقال لوكالتنا “بلاد كثير في إفريقيا لا يوجد بها دعائم للديمقراطية أو استيعاب للرأي الأخر ولا مجال للعمل العام وبالتالي عند حدوث أى خلاف أو صراع على السلطة يكون العمل المسلح والانقلاب على النظام هو الطريق الأسهل في معظم الدول الأفريقية،لافتا إلي أن فكرة التخلص من الحاكم على أنه مصدر للأزمة هى المسيطرة، ويعتقد البعض أنه لا مجال للتخلص من الرئيس سوي بالانقلاب عليه أو قتله”.

وأوضح أن “رئيس النيجر محمد بازوم انتخب بطريقة ديمقراطية عام 2021 ألا أنه منذ انتخابه يُصنف على أنه الأوثق علاقة بفرنسا وهو ما استخدمه المعارضون له رغم أن النيجر دولة فرنسية الهوي، فالاستثمارات بها فرنسية، والتأسيس فرنسي والاحتلال كان فرنسيا”.

وأشار إلي أن “أخر انقلاب شهدته النيجر كان في فبراير 2010 وتمت الاطاحة بالرتيس مامادو تينجا وبالتالي هي دولة معتادة على الانقلابات”.

الأزمة الداخلية

ويعتقد الباحث أن “الأزمة الحالية جزء منها داخلي نتيجة الأوضاع الاقتصادية، لافتا إلي أنه كانت هناك محاولات لوقف التصعيد في ظل وجود رفض لبعض قرارات رئيس الدولة ووجود شكاوي متعددة في ظل تردي الأوضاع الانسانية بالبلاد ولكن المعارضة كانت تري أن التخلص من الرئيس هو الملجأ الوحيد”.

واعتبر زهدي “أنه من السطحية النظر لمشكلات وأزمات النيجر على أنها مرتبطة بوجود الرئيس أو رحيله فهي أعمق من ذلك بكثير”، مؤكدا أن”النيجر أحد أفقر دول العالم رغم وجود ثروات كبيرة”.

ويعتقد الخبير بالشؤون الأفريقية “أنه من الوارد جدا، وجود تورط روسي في الانقلاب بالنيجر، معتبرا أن إشادة رئيس فاغنر بما حدث يؤكد تلك الشبهات ويجعل موسكو في موقف حرج”.

وقال إن اصدار بيان من قبل رئيس فاغنر أمر غير موفق بالمرة ، فالمفترض أن فاغنر شركة أمنية وليست جهة سياسية، وليس من المقبول تعليقها على ما حدث بالنيجر أو بأى دولة”.

وأشار إلي أن “عرض رئيس فاغنر المشاركة في تسيير الأمور وحفظ الأمن قد يؤشر على تورطها في الانقلاب”.

ضربة للنفوذ الفرنسي

وتري فريدة البنداري نائب رئيس المركز العراقي للدراسات الأفريقية أن هذا الانقلاب يعد ضربة قاسية اخري لفرنسا في مستعمراتها الافريقية، لافتة إلي أن احد السيناريوهات المتوقعة ان هناك تدخل خارجي خاصة أن لروسيا بعض الاصابع الداخلية ، فضلا أن هناك اعلام لروسيا كانت مرفوعة بالتظاهرات.

 وقالت لوكالتنا ” اذ تتبعنا دور الكرملين، على مدى السنوات الثلاث الماضية، نجده وبدافع من الرغبة يسعي الى زعزعة الاستقرار في فرنسا والأطراف الغربية الفاعلة الأخرى في دول القارة الافريقية، وهو ما ظهر في سياق تعاطفه الضمني مع العسكريين الذين استولوا على السلطة في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، الذين ينظر إليهم قادة الدول المجاورة بوصفهم تهديدا للاستقرار الإقليمي”.

وتوقعت الباحثة أن يكون “هناك رد فعل فرنسي على الانقلاب مؤكدة أن فرنسا ترتكز في استراتيجيتها الجديدة تجاه أفريقيا على النيجر في تنفيذ أهدافها الجيوسياسية، كما تعتمد عليها أيضًا في الحصول على 35% من احتياجات فرنسا  من اليورانيوم لمساعدة محطاتها النووية في توليد 70% من الكهرباء”.

طعنة في الظهر..هل تؤثر خلافات روسيا وتركيا على الأوضاع بسوريا ؟

تحدثت الكثير من التقارير الصحفية عن بوادر خلافات قوية تلوح في الأفق بين موسكو وأنقرة علي خلفية المواقف التركية الأخيرة التي تراها روسيا أقرب لمواقف الغرب العدائية تجاه روسيا.
وبحسب وسائل إعلام فقد اعتبر مسؤول كبير بمجلس الدوما الروسي أن تركيا تتحول إلي دولة غير صديقة لروسيا.
ووصف فيكتور بونداريف- رئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس الاتحادي الروسي (مجلس الشيوخ) ممارسات وسياست تركيا الأخيرة تجاه روسيا بأنها طعنة في الظهر، معتبرا أن تركيا مستمرة بشكل تدريجي وثابت في التحول من دولة محايدة الى دولة غير صديقة لروسيا”.
تصريحات بونداريف حول الخلافات الروسية مع تركيا، أكدها المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، كاشفا عن وجود خلافات في وجهات النظر بين بلاده وتركيا دون ذكر أسباب هذه الخلافات، مؤكدا في الوقت نفسه “إن موسكو عازمة على تطوير الحوار مع تركيا”.
توتر مكتوم
وتشهد العلاقات بين أنقرة وموسكو توترا مكتوما على خلفية أكثر من قرار تركي أثار قلق وغضب روسيا، خاصة بعد موافقة تركيا على تسليم قادة فوج أزوف الأوكران إلى الرئيس زيلينسكي خلال زيارته لأنقرة، رغم وجود إتفاقية بين روسيا وتركيا وأوكرانيا بأن يبقى هؤلاء القوميين في إسطنبول ولا يعودوا إلى أوكرانيا حتي نهاية الحرب.
وكذلك موافقة تركيا على انضمام السويد الى حلف الناتو، فضلا عن إعلان أردوغان خلال استقباله زيلينسكي تأييده انضمام أوكرانيا مستقبلا إلى حلف الناتو.
ورغم الغضب والقلق الروسي من التحركات التركية تجاه الغرب، فإن الخطاب الروسي الرسمي كان حذرا في التعامل مع تركيا، وسعي لتحذير تركيا من الغرب حيث أعلن المتحدث باسم الكرملين أنه يتعين على أنقرة عدم وضع نظارات وردية، فلا أحد في أوروبا يريد انضمامها للاتحاد الأوروبي”.
وتابع بيسكوف: “يمكن لتركيا أن تتجه نحو الغرب، فنحن نعلم بأنه في تاريخها كانت هناك فترات من التوجه المكثف نحو الغرب وكانت هناك فترات أقل كثافة، ولكننا نعلم أيضًا أن الأوروبيين لا يريدون رؤية تركيا في أوروبا”.
وبحسب خبراء فإن المواقف التركية العدائية تجاه روسيا ليست جديدة بل أن أنقرة طالما أخذت الموقف المناهض للسياسة الروسية في معظم الملفات الدولية، مؤكدين في الوقت نفسه أنه من غير المرجح أن يحدث انفكاك في العلاقات الروسية التركية لأنها استراتيجية وعميقة وتصب في مصلحة البلدين.
ويري الخبراء أن علاقات البلدين في سوريا أكبر من أن تتأثر بهذه الخلافات خاصة أن موسكو وأنقرة ينخرطان في الأزمة السورية منذ سنوات ويستطيعان تجاوز أى خلافات خارجها”.
رأي غير رسمي
واعتبر د.عمرو الديب الأستاذ في معهد العلاقات الدولية بجامعة لوباتشيفسكي الروسية أن تصريحات رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما ضد تركيا لا يمكن التعويل عليها أو التعامل معها بجدية مؤكدا أنها لا تمثل وجهة النظر الرسمية في سوريا خاصة أن من أطلقها ليس شخصية تنفيذية ولا يشارك في عمليات صنع القرار الروسي.
وقال لوكالتنا ” يمكن اعتبار هذا التصريح أنه نوع من الرأي الشخصي حول العلاقات الروسية التركية لا أكثر ولا أقل”.
وأكد الديب وهو مدير النسخة العربية بمركز خبراء مركز رياليست الروسي إن “تركيا دولة مهمة في السياسة الخارجية الروسية ولا يمكن اعتبارها دولة غير صديقة لروسيا لأن هناك العديد والعديد من الملفات الساخنة والمهمة جدا التي تشترك فيها البلدين”.
ويعتقد الخبير في الشؤون الروسية أن “ما حدث في الفترة الأخيرة من أمور يمكن اعتبارها سلبية في العلاقة بين أنقرة وموسكو مثل الإفراج عن قادة كتيبة أزوف الأوكرانية الذين كانوا محتجزين في تركيا أو دعم أنقرة الغير محدود لكييف أو الموافقة التركية على انضمام السويد لحلف الناتو مشيرا إلي أنه يمكن في نهاية التوصل لحل وسط وتقريب وجهات النظر حول هذه القضايا لان روسيا وتركيا يعتمدان بشكل كبير على بعضهما البعض”.
وحول تأثير تلك الخلافات على التنسيق بين البلدين في سوريا، أكد الخبير في الشؤون الروسية أنه “على مدار سنوات الأزمة السورية أثبتت كلا من أنقرة وموسكو قدرتهما على تنسيق المواقف وتجاوز أى خلاف خارج حدود سوريا وذلك لرغبة الطرفين في الحفاظ على مصالحهما المشتركة وقدرتهما على التعاطي مع أى خلافات”.
خلافات ولكن
بدوره، يعتقد د.نور ندا الخبير المصري في الشؤون الروسية أن “تصريحات رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الدوما تؤكد أن مؤسسات الدولة الروسية لم تنسى دور تركيا ورئيسها أردوغان فى دعم الأضطرابات الشعبية فى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، ودعمها العسكري لجمهورية أذريبجان فى صراعها مع أرمينيا، فضلا عن دعم أنقرة لجماعات متطرفة مرتبطة بنظام كييف بشبه جزيرة القرم بالسلاح والتدريب، بجانب دور تركيا فى إمداد أوكرانيا بالطائرات بدون طيار في حربها ضد روسيا”.
وقال ندا لوكالتنا إن “المواقف التركية الأخيرة متناقضة ومعادية للمصالح الروسية مما يعتبر بمثابة استفزاز مباشر للإدارة والشعب الروسى، لافتا في الوقت نفسه إلي ما تفرضه ظروف الصراع الدولي من مواقف وعلاقات على جميع الأطراف تبدو للوهلة الآولى غير مفهومة”.
ويعتقد خبير الشؤون الروسية أن “دور تركيا معادى للمصالح الروسية، ولكن فى ظل عالم غير مستقر تسوده الصراعات والحروب معظم مناطقه الجغرافية يمكن تجاوز الخلافات ولو مؤقتا من أجل الحفاظ على المصالح المشتركة والمكاسب الاستراتيجية هو ما ينطبق على الأوضاع بسوريا حيث ترتبط روسيا وتركيا بالكثير من الملفات والاتفاقات”.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

معارك وحشية ومستقبل غامض..ماذا ينتظر السودان بعد 100 يوم من الحرب ؟

ربما لم يكن أكثر المتشائمين بالسودان يتوقع أن تشهد بلادهم حربا بين قوات الجيش وحليفتها قوات الدعم السريع، وحتي من توقع الحرب لم يكن يتخيل أن تستمر المواجهات العسكرية قرابة 100 يوم.
أيام معدودة تفصل الصراع في السودان عن بلوغ الـ100 يوم لم تتوقف فيها المواجهات سوي ساعات قليلة خلال هدن بوساطات دولية سرعان ما انتهكها أطراف الصراع.
حرب وحشية
وكان وزير الصحة السوداني محمد إبراهيم، قال الشهر الماضي، إن الصراع أسفر عن مقتل ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، محذراً من أن الحصيلة الحقيقية يرجح لها أن تكون أعلى من ذلك بكثير، علاوة على ذلك، نزح أكثر من مليون وتسع مئة ألف شخص من منازلهم.
ووصف مسؤولون دوليون الوضع بالسودان بأنه مأساوي بدرجة كبيرة، واعتبر مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن السودان يخوض حرباً أهلية من أكثر الحروب ضراوة ووحشية نظرا لكونها غير قاصرة على مكان واحد، إنها تنتشر، مثل الفيروس وتهدد الدولة نفسها بحسب وصفه”.
كما وصف المسؤول الأممي السودان بأنه أصعب مكان في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني من حيث الوصول، محذراً من أن الأزمة ستتفاقم مع اتساع رقعة القتال ليشمل مناطق جديدة.
ويشهد السودان منذ منتصف إبريل الماضي عمليات عسكرية وصراع مسلح بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه ونائبه السابق في مجلس السياد محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد قوات الدعم السريع.
ومنذ إندلاع الصراع، تم الإتفاق على ما لا يقل عن عشرة اتفاقات لوقف إطلاق نار مؤقت برعاية السعودية والولاات المتحدة، لكنها جميعاً باءت بالفشل واتهمت الرياض وواشنطن الجانبين بعدم احترام الاتفاقات.
وبحسب مراقبون فإن الصراع في السودان دخل مرحلة المعركة الصفرية حيث لا مجال لتوقف الحرب دون انتصار طرف على طرف مهما كانت الخسائر وحجم الضحايا وهو ما يتضح من تصريحات الجانبين.
مستقبل ضبابي
ويري الباحث السياسي السوداني سليمان السباعي أنه “في ظل إقتراب الحرب من 100 يوم أصبح الوضع في البلاد ضبابي خاصة مع استمرار الصراع في العاصمة الخرطوم وولاية جنوب كردفان مدينة الأبيض بالتحديد، كما تتواصل المعارك في منطقة دارفور حيث تشهد مدينة الفاشر عمليات عسكرية واسعة بين الكر والفر بين طرفي الصراع، لافتا إلي أن كل هذه الأحداث تعطي مؤشرات إلى طول أمد الحرب وهو ما يجعل مستقبل السودان أكثر ضبابية”.
وقال الباحث لوكالتنا “إن أحد أسباب طول الصراع يتمثل في رؤية الجيش السوداني أن الحل الوحيد للأزمة هو مواصلة العمليات العسكرية حتى القضاء على آخر متمرد في البلاد، وهذا ما يؤيده معظم السودانيين نتيجة ما قامت به مليشيات الدعم السريع من سلب ونهب وتهجير وانتهاك لحرمات المنازل”.
ويشير الباحث إلي أن “ميليشيات الدعم السريع تقول أنها تريد جلب الديمقراطية للشعب السوداني وأن تخلص السودان من فلول النظام السابق”.
دور المجتمع الدولي
ويعتقد السباعي أن أزمة السودان تمثل فشل جديد للمجتمع الدولي الذى لم ينجح حتي الأن في إقناع طرفي الصراع بوقف الحرب وتحكيم صوت المنطق بديل لصوت السلاح، لافتا إلي أن المجتمع الدولي ربما لا يملك الرغبة والجدية الكافية لحل الأزمة وربما تكون الدول الكبري مستفيدة من استمرار الصراع”.
ويشير إلي أن “المجتمع الدولي ربما يدير الأزمات بالمنطقة ولا يسعي لحلها كما نري في سوريا وليبيا واليمن، معتبرا أن الفشل الدولي في وقف الصراع المسلح يؤكد أن نهاية الحرب في السودان لن تكون بغير نهاية أحد طرفي الصراع”
وحول دعوة البرهان الشعب لحمل السلاح، يري السباعي أن “دعوة البرهان للشباب للإلتحاق بالجيش من أجل تدريبهم على كيفية استخدام السلاح من أجل الدفاع عن النفس وحماية الممتلكات”.
سيناريوهات الصراع
من جانبه، يري هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية أن الحرب في السودان أظهرت عدة عوامل سلبية في البنية المجتمعية أهمها اتساع دائرة الحرب وعدم حسم اي طرف من طرفي الصراع لهذه الحرب وهو ما كشف أن القوة العسكرية الرسمية المتمثلة في الجيش السوداني بقيادة برهان وقوات الدعم بقيادة حميدتي في حالة توازي لحد بعيد وذلك طبقا للبيانات الصادرة من كل طرف فضلا عن هذه الحرب هي الاولي التي تدور داخل العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث مما يؤدي الي تطور الصراع ليأخذ الشكل القبلي.
وقال لوكالتنا “باتت هذه الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات وبخاصة في ظل ما يكتنف الموقف العسكري على الأرض من غموض، لافتا إلي أنه “وبغض النظر عن الأسباب المباشرة للحرب إلا أن هذه الحرب لا يمكن فهمها بمعزل عن جملة الإشكاليات الكبرى التي عانى منها السودان في مرحلة ما بعد الاستقلال ومنها تعثر عملية بناء الدولة الوطنية الحديثة حيث أخفقت نخب ما بعد الاستقلال في بناء دولة وطنية تستند إلى أسس ومبادئ المواطنة وتكون قادرة على استيعاب التعددية المجتمعية والعرقية والقبلية وتحويلها إلى مصدر قوة وهو ما قد يؤدي لإطالة أمد الحرب لعدة سنوات وذلك لأن الحروب الداخلية عادة ما تستدعي التدخلات الخارجية سواء من قبل دول أو فاعلين مسلحين وهو ما قد يخلق حلفاء لكل طرف ضد الآخر”.
وتمني الباحث أن تنجح الجهود المصرية في تحقيق أى تقدم نحو إنهاء الصراع خاصة أن ” حملت علي عاتقها استقبال اللاجئين السودانين ومحاولة تهدئة الأمور من خلال التدخل لدي كل طرف أو من خلال المبادرة المصرية القطرية كطوق نجاة لهذه الازمة التي تحولت الي كرة الثلج”.
ويعتقد الجمل أن “هناك عدة سيناريوهات لمستقبل الحرب في السودان وهي حسم الحرب لصالح أحد الطرفين أو قبول الطرفين بوقف دائم لإطلاق النار والانخراط في مفاوضات مباشرة عبر الوسطاء أو استمرار الحرب بشكل متقطع حسب التدخلات الاقليمية والدولية أو للآسف الانزلاق إلى حرب أهلية تساهم في تقسيم السودان وبالتالي تكون مصدر خطر علي العمق الاستراتيجي لدول الجوار”.

بعد جولة رئيسي..ماذا تريد إيران من إفريقيا ؟

انهى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي جولته الإفريقية التي استغرقت ثلاثة أيام، حيث زار خلالها كل من كينيا وأوغندا وزيمبابوي، وهذه هي أول زيارة لرئيس إيراني إلى القارة الأفريقية منذ عام 2013.

ووفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية، تم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية خلال الجولة الأفريقية. وصرحت وزارة الخارجية الإيرانية أن حجم التجارة مع أفريقيا سيرتفع إلى أكثر من ملياري دولار هذا العام، دون ذكر الرقم المقدم للعام 2022 للمقارنة.

تأتي جولة رئيس إيراني في القارة الأفريقية، وهي الأولى منذ عام 2013، بعد قيامه بزيارة في يونيو (حزيران) التي شملت ثلاث دول في أميركا اللاتينية تعاني أيضًا من العقوبات الأميركية.

مخاوف أمريكية

وتأتي زيارة الرئيس وسط مخاوف أمريكية من انتشار إيران في أفريقيا. حذرت صحيفة “ناشونال انترست” الأمريكية من التوسع الإيراني في القارة السمراء، مشددة على أن إدارة الرئيس جو بايدن تركز حاليًا على الدبلوماسية النووية المتجددة مع إيران. هذا يشكل خطرًا على فقدان الإشارات الواضحة بشأن نشاط النظام الإيراني في إفريقيا، وهذا المسرح الاستراتيجي المهم.

حذرت الصحيفة في مقال بعنوان “تحذير من توسعات إيران في إفريقيا” من أن النظام الإيراني يهدف إلى تأسيس وجود إقليمي مستدام في إفريقيا من خلال إنشاء مراكز ثقافية وتطبيع علاقات غير رسمية في جميع أنحاء القارة السمراء، مما يشكل تهديداً للولايات المتحدة.

حسب خبراء، تسعى إيران للاستفادة من ثروات أفريقيا واستغلالها للتخفيف من تأثير العقوبات الدولية. وتسعى أيضًا لتكرار نجاح الصين في التوسع في القارة الأفريقية.

النموذج الصيني

يرى مصطفى النعيمي، الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، بأن النظام الإيراني يسعى لاعتماد سياسة النموذج الصيني في التنمية والاقتصاد. وبالتالي، يؤدي ذلك إلى وجود سياسات ومصالح مشتركة بشكل مشابه للعلاقات الصينية مع الدول المستفيدة التي تبني علاقات اقتصادية معها. وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات في الأسس، إلا أن إيران تحاول دائما استثمار المتغيرات الداخلية للدول الأخرى.

قال النعيمي في مقابلته مع وكالتنا “إن الإيرانيين يحاولون الوصول إلى الأفريقيين عبر بناء علاقات مع القارة الأفريقية، من خلال استثمار مجموعة من الاستراتيجيات، ومن أهم هذه الاستراتيجيات وجود الأقليات الشيعية المتواجدة في تلك المناطق ونفوذها السياسي والاقتصادي”.

ووفقًا للباحث، تسعى إيران من خلال علاقاتها بالدول الأفريقية إلى إقامة ما يعرف بالمليشيات والخلايا والتنظيمات والشبكات المسلحة في العديد من هذه الدول. وأشار إلى أن إيران قوَّيَت وجودها في الدول الأفريقية، حيث قامت بتضاعف عدد سفاراتها من 8 إلى 16 سفارة في القارة السمراء خلال الفترة الأخيرة.

تمدد مذهبي

يشير النعيمي إلى أن إيران تتطلع منذ وقت طويل إلى تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية واستغلال حاجة تلك الدول المحتاجة وفقيرة إلى التنمية. ويركز على أن طهران نجحت في التوغل في الدول الأفريقية من خلال المنظمات الخيرية، ونجحت في إقناع ما يزيد عن 40 إلى 45 مليون شخص بأن يكونوا أساسًا لمشروعها الخارجي، الذي ستستخدمه كمصد ذو طابع ديني لحماية مصالحها وتحقيق أهدافها.

يعتقد الباحث أن إيران تسعى لإعادة بناء إمبراطوريتها خارج ترابها الجغرافي، وتعمل جاهدة على توسيع نفوذها في القارة الأفريقية، نظرًا للثروات الاقتصادية المتواجدة في تلك المنطقة والتي ستساهم في تعزيز الاقتصاد الإيراني عن طريق استغلالها كآليات تمتص دماء شعوب أفريقيا.

ويقول النعيمي: “ربما يُمثّل اقتصاد أفريقي مستدام مشروع إيران بمعنى الاعتماد الطويل الأجل ، ولكنه يعني له الكثير فيما يتعلق بحجم الهيمنة والوصول والقدرة على اختراق المجتمعات والعمل على تحويل المعتقدات الدينية. وهو يشير بقوة إلى تأثير وتداعيات هذه الهيئات الجديدة في أفريقيا على مسار إيران وقدرتها على استغلالها لإرباك خصومها حول العالم”.

اختتم الباحث في شؤون إيران تصريحاته بتأكيده على أن إيران لديها عدد كبير من الأوراق الخارجية ولديها القدرة على تحقيق مصالحها والحصول على أكبر قدر من الفوائد الخارجية بإستخدام أدواتها دون أن تتأثر جغرافية إيران الحالية بأي تغيرات في العقوبات.

Exit mobile version