تحدثت تقارير صحفية أمريكية عن نوايا واشنطن إنشاء قواعد للطائرات المسيرة في عدد من مطارات الدول الأفريقية وبالتحديد في غانا وساحل العاج وبنين لملاحقة الجماعات المتشددة بالمنطقة.
وبحسب ما نشرته صحيفة وويل ستريت جورنال عن من وصفتهم بالمسءولين الأمريكيين والأفارقة فإن واشنطن تحاول بهذه الخطوة إيقاف انتشار المسلحين المتشددين في القارة الإفريقية، مشيرة إلى أن هذه المسيرات ستسمح للقوات الأميركية بمتابعة تنقلات المقاتلين وإعطاء توصيات تكتيكية للقوات المحلية أثناء إجراء عمليات قتالية، لكن مراقبون يرون أن التحرك الأمريكي يهدف بالأساس لمناكفة موسكو التي أصبحت تمتلك نفوذا واسعا بالمنطقة.
وشهدت الفترة الأخيرة تنامي النفوذ الروسي بالقارة الإفريقية خاصة بعد الانقلابات العسكرية التي شهدتها دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر والتي أطاحت بأنظمة موالية للغرب وتحديدا باريس التي كانت تمثل المصالح الغربية بإفريقيا.
وعلى خلفية الانقلاب الأخير بالنيجر أواخر يوليو الماضي اتخذت السلطات العسكرية قرارات ضد النفوذ الفرنسي بالبلاد حيث أمرت بطرد سفير باريس فى نيامي وإنهاء الوجود العسكري الفرنسي بالبلاد وهو نفس ما فعلته السلطات في بوركينا فاسو ومالي فى أوقات سابقة.
وعلى مدار عقود كانت منطقة الساحل الأفريقي بعيدة عن التجاذب الروسي الأمريكي وكانت محسوبة على فرنسا بشكل كبير ولكن بعد الانقلابات التي شهدتها المنطقة وتوسع النفوذ الروسي بها دفع الأمريكان لتغيير موقفهم والقبول بالتعامل مع الانقلابيين خاصة بالنيجر نظرا لما تمتلكه من ثروات طبيعية.
ويري مراقبون أن الخطوة الأمريكية تستهدف فى الأساس التصدي لتمدد النفوذ الروسي فى عموم القارة الأفريقية وخاصة بمنطقة الساحل والصحراء على خلفية الانقلابات التي شهدتها عدد من الدول الإفريقية مؤخرا ضد النفوذ الغربي الذي كانت تمثله فرنسا.
خنق روسيا
ويؤكد محمدن حبيب أيب الباحث في شؤون دول الساحل والصحراء والجماعات المسلحة أن “الهدف الرئيسي من التحركات الأمريكية فى دول بنين وساحل العاج وغانا هو التواجد قرب مناطق النفوذ الروسي خاصة مع انتشار فاغنر بدول مالي وبوركينا فاسو والنيجر”.
وقال حبيب لوكالتنا “الأمر لا علاقة له بمكافحة الإرهاب خاصة أن الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة يتجاور عشر سنوات توسعت فيها قدرات الجماعات الإرهابية بشكل كبير”.
ويشير حبيب وهو باحث موريتاني مقيم في العاصمة المالية باماكو إلي أن “رغبة أمريكا فى التواجد بالمنطقة هدفه الرئيسي شد الخناق على الوجود الروسي الذى بات واقعيا بدول مالي وبوركينا فاسو والنيجر خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن توجه روسيا لإقامة 4 قواعد عسكرية وعقد شراكة اقتصادية لبناء أكبر معمل لتنقية الذهب فى مالي، فضلا عن تولي ضباط روس عملية التأمين والحماية الشخصية لإبراهيم تراووي زعيم بوركينا فاسو، كما يجري الحديث عن تولي فاغنر أعمال أمنية فى النيجر أيضا”.
وبحسب الباحث “تستهدف الولايات المتحدة نشر طائرات مسيرة فى دولة بنين المحاذية للنيجر، إضافة لساحل العاج التي تقع على خط التماس مع مالي، فضلا غانا التي لها حدود مع بوركينا فاسو”.
واعتبر حبيب أن “الوجود الأمريكي بمنطقة الساحل الأفريقي هو وجود احتكاك كما يحدث في أوروبا الشرقية ويشبه لحد كبير ساحة صراع حرب باردة عنوانها منطقة الساحل والصحراء”.تعاون عسكري
واتفق معه فى الرأي يعقوب الباحث الشؤون الأمريكية مؤكدا أن “واشنطن تعمل على التنسيق مع دول غانا وبنين وساحل العاج من أجل قطع الطريق على روسيا التي أصبح لها نفوذ واسع بالمنطقة”.
وقال يعقوب لوكالتنا “الولايات المتحدة تحاول أيضا عبر هذه التحركات أن تجد موطىء قدم لها بمنطقة الساحل وأن تتمكن من تعقب الجماعات المسلحة المنتشرة بالمنطقة وتوفير فضاء أمنيا لها لاستهداف هذه الجماعات”.
وأشار يعقوب إلي أن “الولايات المتحدة غابت كثيرا عن منطقة الساحل وعن الاهتمام بإفريقيا بشكل كبير وهو ما تسبب فى نفوذ روسي وصيني كبير بالمنطقة وأصبح هناك مصالح عسكرية واقتصادية كبيرة لموسكو وبكين مع دول الساحل ودول الغرب الأفريقي خاصة بعد تراجع النفوذ الفرنسي بالمنطقة”.
وأكد أن “أمريكا تخطط لعقد اتفاقيات عسكرية واقتصادية وتقديم دعم مادي وعسكري لهذه الدول من أجل إبعادها عن روسيا العدو اللدود لواشنطن خوفا من تمدد نفوذ موسكو بالمنطقة الأفريقية التي بدأت تخرج تدريجيا من النفوذ الغربي لصالح روسيا وهو ما ترفضه واشنطن بشكل كامل”.
وبحسب يعقوب فإن “هناك حربا باردة جدا بين أمريكا وروسيا بالساحل الأفريقي حيث يسعي الطرفان للبحث عن ولاءات الأنظمة التي وصلت لسدة الحكم عبر انقلابات، وواشنطن من جانبها تريد تحييد هذه الدول عن روسيا لتصبح الوريث الشرعي والحليف الرسمي لهذه الدول خلفا لفرنسا التي أطاحت الانقلابات الأخيرة بمصالحها ونفوذها”.
استهداف فاغنر
بدوره، يري د.عمرو الديب خبير الشؤون الروسية أن “المفاوضات الأمريكية مع دول بنين وغانا وساحل العاج بمثابة خطوة موجهة لوجود فاغنر في هذه المنطقة”.
واستبعد الديب في تصريحات لـ وكالتنا أي احتمالية لحدوث مواجهات بين الولايات المتحدة وروسيا فى تلك المنطقة مؤكدا أن هذه الأمور ما هي إلا نوع من الضغوط المتبادلة بين الطرفين”.
كما “استبعد خبير الشؤون الروسية لجوء موسكو لاتخاذ أى موقف ردا على التحركات الأمريكية معتبر أن أى موقف روسي قد يكلّفها الكثير، خاصة أن روسيا لا تستطيع أن تبسط سيطرتها على دولا فريقية أخرى”.
ويرى الديب أن “الوجود الروسي يقتصر على دول مقسمة و بها حروب أهلية ولا تتواجد موسكو في أي دولة بها حكومة موحدة وجيش موحد”.
ووصف خبير الشؤون الروسية ” التحرك الأمريكي بالساحل الأفريقي بأنه موجة جديدة من الحرب الباردة”.
أثارت مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال “غير المعترف به دوليا” لإنشاء ميناء تجاري وقاعدة عسكرية في مدخل البحر الأحمر حالة من الجدل والرفض الدولي.
وفي الأول من يناير الجاري، وقع رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، اتفاقاً مبدئياً مع زعيم أرض الصومال، موسى بيحي عبدي، تحصل بموجبه إثيوبيا على منفذ على البحر الأحمر بطول 20 كلم لمدة 50 عاماً، يضم ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسمياً بأرض الصومال جمهورية مستقلة.
وبموجب هذه المذكرة ستحصل إثيوبيا على أول منفذ بحري في البحر الأحمر، كما ستكون إثيوبيا أول دولة اعترفت بأرض الصومال دولة مستقلة.
وأثار الاتفاق احتجاج الحكومة الصومالية، التي اتهمت نظيرتها الإثيوبية بانتهاك سيادتها ووحدة أراضيها، واستدعت سفيرها في أديس أبابا للتشاور.كما انتقدت
دولة ومنظمة دولية الاتفاق المقترح بين إثيوبيا وأرض الصومال، حيث شددت الولايات المتحدة على ضرورة احترام سيادة الصومال وسلامة أراضيه، واعترف الاتحاد الأوروبي بأن احترام سيادة الصومال هو مفتاح السلام في القرن الأفريقي.
دعا الاتحاد الأفريقي إلى الهدوء والاحترام المتبادل للحد من التوترات المتزايدة بين إثيوبيا والصومال. كما أصدرت مصر وتركيا وكينيا ودول أخرى بيانات تحذر من مخاطر الخطوة الإثيوبية.الحلم الإثيوبي
تري د.فريدة البنداري أنه لطالما احتل الوصول إلى البحر مكانة مركزية في الوجدان الإثيوبي المرتبط بالمجد الإمبراطوري، ولا سيما بعد استقلال إريتريا عام 1993 الذي حوّل اثيوبيا المستعمرة إلى أكبر الدول الحبيسة في أفريقيا. ووصولها عبر الصومال أو غيرها من دول الجوار الساحلية تتسق مع تركيزها على تفعيل “دبلوماسية الموانئ” لتجاوز كونها دولة حبيسة، ولضمان التقدم الاقتصادي لإثيوبيا.
وقالت لوكالتنا :” عليه نستطيع أن نصف هذا الاتفاق بين اثيوبيا وأرض الصومال، خطوة لإحياء الحلم الاثيوبي المتعلق بالتواجد على ساحل البحر الأحمر، وإعادة هندسة المنطقة من خلال وضع قواعد جديدة للعبة الإقليمية، وأخيرا سيخلق هذا الاتفاق فصلًا جديدًا في سلسلة الأزمات الإقليمية المعقدة التي تشهدها المنطقة على مدار السنوات الماضية.
وبحسب الباحثة فإن امتلاك اثيوبيا منفذ بحري من خلال الصومال الذي يملك واحداً من أطول سواحل القارة الأفريقية، وهو الساحل الذي يُقدَّر بنحو (3025) كم، كما يمتلك العديد من الموانئ المؤثرة، سواء على خليج عدن، من قبيل بوصاصو وبربرة، أو على المحيط الهندي من قبيل (كسمايو، وميركا، وهوبيو) سوف يعيدها لمجدها الامبراطوري القديم، محاولة اثيوبيا من خلال هذا الوجود الساحلي تعزيز مساعيها الرامية لبسط نفوذه وسيطرتها على منافذ القرن الافريقي .
وتابعت : ومن شأن امتلاك إثيوبيا ميناءً بحرياً على ساحل الصومال البحري أن يخفض تكاليف شحن الورادات خاصة بعد ارتفاعه جراء ازمتي كورونا والحرب الأوكرانية الروسية . وربما ستخسر ميناء جيبوتي ما كانت تدفعه أثيوبيا بما يقدر بنحو مليارَيْ دولار سنوياً ، مقابل اعتماد اثيوبيا بشكل رئيسي في حركة تجارتها الدولية.
التأثيرات الإقليمية
أما عن التأثيرات الإقليمية فتؤكد خبيرة الشؤون الإفريقية أن مصر، اعتبرت أن تزايد ما سمته بـ”التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية، الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها”، تقوض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها .
وعلي جانب حكومة الصومال وصفت الاتفاق بأنه عمل “عدواني”، وبدأت اتصالات مع الدول المتضررة مثلها، في المقابل صرح رئيس إقليم أرض الصومال موسى بيحي خلال الخطاب الذي ألقاه بماسبة الاتفاق ” أن جمهورية إثيوبيا الفيدرالية ستصبح أول دولة أفريقية تعترف رسميًا بجمهورية أرض الصومال. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم جمهورية أرض الصومال بتأجير 20 كيلومترًا من البحر لإثيوبيا إلى جانب إستخدامها لميناء بربرة.
وتضيف البنداري : على الجانب المصري يستند رفض مصر للاتفاقية إلى أنها تخالف أبسط أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي التي تنص على احترام سيادة الدول، كما ان مصر حريصة منذ تسعينيات القرن الماضي على رفض دعم الكيانات الانفصالية في أفريقيا، حتى لا تفتح الباب أمام الكيانات الأخرى في اليمن ونيجيريا والصومال”. وعليه فإن المشكلة تكمن في الاعتراف بأرض الصومال، والتعامل معها بشكل منفرد بعيدا عن السلطة المركزية الصومالية، مما يعني تهديدا لدولة الصومال، وهي دولة ذات موقع جيوسياسي مهم، بإطلالتها على مضيق باب المندب والمحيط الهندي وخليج عدن.
– في سياق مواز لتأثير المجتمع الدولي المنشغل بحرب الكيان الصهيوني على فلسطين وتبعاتها في المحيط الإقليمي بما في ذلك التوترات المتنامية في إقليم البحر الأحمر خاصة من قبل جماعة الحوثي اليمنية. لهذا يمثل هذا الاتفاق تحديًّا دبلوماسيًّا في القرن الأفريقي، في ضوء المنافسات الدولية على المنطقة من أجل حماية مصالحها الاستراتيجية، فهناك دول تمتلك استثمارات ضخمة في المنطقة مثل الصين وتركيا كمستثمرين رئيسيين في مجال الموانئ البحرية والبنى التحتية، الأمر الذي يسهم في تعقيد المشهد الإقليمي خلال الفترة المقبلة في ضوء تضارب المصالح الإقليمية والدولية إزاء توقيع الاتفاق الإثيوبي مع “أرض الصومال”.
زلزال جيوسياسي
ووصف د.حمدي عبد الرحمن خبير الشؤون الإفريقية الاتفاق بأنه “زلزال جيو سياسي فى منطقة القرن الأفريقي لأنه يعيد تشكيل خريطة القوي الإقليمية بالمنطقة الأفريقية ومنطقة البحر الأحمر”.
وقالت لوكالتنا ” بحسب الاتفاق فإن أثيوبيا ستكون قوة بحرية تستطيع أن تصل لخليج عدن ومنطقة البحر الأحمر وبالتالي يؤثر ذلك على مجلس الدول العربية والإفريقية لدول البحر الأحمر الذي يضم 8 دول بينها السعودية والأردن واليمن والصومال”.
وتابع : “كما يؤثر الاتفاق على العلاقة المتوترة من الأساس بين أثيوبيا وكثير من الدول بالمنطقة خاصة الصومال التي أصدرت قانون يمنع التنازل عن أي جزء من أراضيها وتعتبر الإتفاق لاغي وباطل”.
ويعتقد خبير الشؤون الإفريقية أن “الخطوة الإثيوبية غير المسبوقة مع أرض الصومال ستزيد من حالة الارتباك الإستراتيجي التي تشهدها المنطقة خاصة أن أديس أبابا بموجب الإتفاق ستصبح أول دولة تعترف باستقلال جمهورية أرض الصومال فى الوقت الذي مازال المجتمع الدولي يقبل بفكرة وحدة الصومال وسيادته وحتى الاتحاد الأفريقي نفسه”.
وأشار إلي أن “إثيوبيا تريد من الاتفاق الحصول على قاعدة عسكرية ومرفأ فى أرض الصومال ما يخل بالتوازن مع إريتريا التي تحتفظ بعلاقات متوترة مع أديس أبابا بفعل ما يحدث فى توترات إقليم أمهرة وأوروميا الأثيوبيين”.
كما يري بد الرحمن أن “الاتفاق تسبب فى عمل ارتباك استراتيجي فى المنطقة خاصة فى ظل التوترات بين مصر وأثيوبيا عقب تعليق مفاوضات سد النهضة التي وصلت لطريق مسدود” .
تحديات تواجه الاتفاق
وبحسب خبير الشؤون الإفريقية فإن “هناك تحديات كبيرة تواجه الاتفاق خاصة أن جمهورية أرض الصومال بها خلافات داخلية كبيرة وهناك توترات سياسية يشهدها إقليم صول منذ نهاية عام 2022 حيث تريد القبيلة التي تقطن الإقليم أن تُكون إدارة ذاتية تحت حكم مقديشيو وترفض الانضواء تحت حكم أرض الصومال وما يزيد التوتر بالإقليم”.
وتابع : “من العوائق الداخلية أيضا أن رئيس أرض الصومال موسي بيحي عبده تجاوز فترته الرئاسية وهناك غضب من بقاءه فى السلطة ولهذا ينظر عبده لهذا الاتفاق كأنه قبلة الحياة الذي تزيد من قوته التفاوضية أمام خصومه السياسيين”.
وختم تصريحاته بالتأكيد على أن “الأزمة الكبري فى مذكرة التفاهم الأثيوبية مع أرض الصومال هو اعتراف أديس أبابا باستقلال أرض الصومال وهو ما وضع المنطقة أمام أزمة الجميع في غني عنها لأنها قد تفتح المجال واسعا للحركات الإرهابية ويعرقل جهود القوي الكبري فى محاربة الإرهاب بمنطقة القرن الإفريقي وخليج عدن وهو ما يبرر الموقف الغربي الرافض للاتفاق”.
بينما كانت جهود الوساطة تتوالي لإعلان هدنة جديدة وصفقة تبادل أسري بين إسرائيل وحماس، جاء اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قصف إسرائيل على لبنان ليوقف كل جهود السلام ويعيد الحرب لنقطة الصفر بعد مرور قرابة 100 يوم على اندلاعها.واغتالت إسرائيل صالح العاروري القيادي بحركة حماس و6 من رفاقه الثلاثاء 2 كانون الثاني، في شقة بالعاصمة اللبنانية بيروت.
وجاء اغتيال العاروري بعد التحذير الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من أن إسرائيل ستعمل ضد قادة حماس أينما كانوا.
واُثارت عملية الاغتيال التي وقعت فى لبنان وتحديدا في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تمثل أحد معاقل حزب الله مخاوف من تطور الصراع لحرب إقليمية خاصة أن العاروري كان يمثل وفق مراقبين حلقة الوصل بين حماس والحزب وإيران.
كما تأت حادثة اغتيال العاروري وستة آخرين، من بينهم اثنان من القادة العسكريين في حماس، في وقت يتصاعد فيه التوتر على جبهات أخرى، بما في ذلك ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر، حيث يهاجم الحوثيون المدعومون من إيران السفن التي يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل.
وبحسب مراقبون فإن الحرب لن تنتهي قريبا خاصة فى ظل عدم وجود رغبة حقيقة من الجانب الإسرائيلي بإنهاءها نظرا للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ 7 أكتوبر.
الحرب مستمرة
وتري ياسمين حلمي العايدي الباحثة فى الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية أن “الحرب في غزة مستمرة ولن تنتهي في الأمد القريب لأن نتنياهو يؤجج الوضع الأمني لبقائه في السلطة بإسرائيل وفتح جبهة الشمال مع لبنان والدليل على ذلك زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي لجبهة الشمال و تعبئة القوات لخوض حرب مع لبنان لتغطية فشلهم في التوغل في غزة و السيطرة على خانيونس “.
وقالت لوكالتنا “مسلسل الاغتيالات لقيادات المقاومة الفلسطينية لن ينتهي في ظل نشاط كبير للموساد الإسرائيلي وتعاونه مع اللوبي الصهيوني في العالم الغربي ومحاولة حكومة نتنياهو استمالة الشارع الإسرائيلي وعموم اليهود بأنهم يحققون أهدافهم بتصفية قيادات حماس”.
وأكدت أن “اغتيال العاروري هو البداية كما أكد رئيس الموساد الإسرائيلي لافتة إلي أن إسرائيل تتفاخر بأنها قامت بإنجاز كبير باغتيال العاروري ووزعت الشرطة الإسرائيلية الحلوى على المستوطنين اليهود احتفالا باستهدافه “.
وأشارت ياسمين إلي أن ” الدخول في حرب إقليمية أمر غير مستبعد بسبب طول أمد الحرب في غزة و حرب التجويع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني و زيادة التوتر في البحر الأحمر”.
وبحسب الباحثة فإن “الحرب قد تنتهي تدريجيا دون الإعلان الرسمي عنها حيث تتحول استراتيجية الحرب من غزة لتعزيز القوات العسكرية في الشمال مع حدود لبنان”.
وتري أن “اغتيال العاروري منح نتنياهو شرعية جديدة ورفع شعبيته وظهر أنه حقق نجاح كبير و لكن في نفس الوقت فإن نتائج الحرب التي أسقطت عدد كبير من جنود الاحتلال من الصعب تجاوزها و هو في كل الأحوال لن يدوم منصبه و سيحاكم قريبا فور تركه للسلطة”.
أزمة حماس وحزب الله
بدوره يري الباحث والمحلل السياسي المصري محمد يسري أن “مقتل العاروري في قلب العاصمة اللبنانية بيروت، ليس دليلا على إمكانية توسيع دائرة الحرب”.
وقال لوكالتنا ” لا يمكن اعتبار عملية مقتل العاروري دليلا على إمكانية توسيع دائرة الحرب في المنطقة، بقدر ما هي إثارة أزمة جديدة لكل من حماس وإيران وحزب الله في وقت واحد، فقد سبق العملية بأقل من ثلاثة أيام عملية أخرى باقتناص أحد أبز القيادات الإيرانية في مزرعة بالقرب من العاصمة السورية دمشق وثبت أن هذا الشخص “راضي موسوي” كان همزة الوصل بين مكتب خامنئي في إيران وبين الفصائل التابعة للجمهورية الإسلامية في كل من العراق وسوريا ولبنان كالحشد الشعبي وفيلق القدس وحزب الله إذ كان مسؤولا عن إيصال الدعم اللوجيستي لتلك الكيانات والمتعاونين معها في تلك المنطقة الحساسة من الشرق الأوسط.”
وبحسب الباحث “تحاول إسرائيل لفت نظر المتعاطفين مع المقاومة الفلسطينية إلى أن هناك شيئا غامضا بين كل من حماس وأذراع إيران في المنطقة وهو الفخ الذي وقع فيه المتحدث الرسمي باسم الحرس الثوري الإيراني بعد عملية استهداف راضي موسوي وزعمه أن عملية طوفان الأقصى كانت جزءا من الثأر لمقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني في قصف بطائرة مسيرة أمريكية لسيارته على طريق مطار بغداد الدولي رغم مرور ثلاث سنوات على الحادث وأن المنفذ لم يكن دولة الاحتلال”.
وتابع ” تأتي عملية اغتيال العاروري الذي يمثل وزير خارجية حماس لدى إيران وكان من المقرر أن يلتقي في اليوم التالي للعملية حسن نصر الله أمين عام حزب الله، وهو ما يثبت أن الكيان يخترق تلك الشبكة التي تربط بين كل من حماس وإيران فمن أخبر الاحتلال بوجود العاروري في المبني الذي استهدفه القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية في بيروت يماثل من أرشد عن مكان موسوي في ريف دمشق”.
ويعتقد الباحث أنه ” بالتالي فإن هناك رابطا بين العمليتين من حيث الهدف ومن حيث التوقيت رغم نفي حماس علاقة ايران بعملية طوفان الأقصى لكن إلحاح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خلال كلمته الأخيرة على تأكيد ما قالته حركة حماس يشير إلى أن هناك علاقة ولو كانت من بعيد بهذه العملية.”
ولفت إلي أنه ” من المتوقع حدوث بعض العمليات النوعية البسيطة بين كل من الاحتلال وأذرع إيران التقليدية في المنطقة ردًأ على هاتين العمليتين وكذا الاعتداءات الحوثية في البحر الأحمر وليس حربًا واسعة النطاق، لعدم وجود مؤشرات قوية على ذلك”.
بقلم د.سامي عمارقضية القضايا هي وبيت المقدس تاجها، أرضها ارتوت بدماء شهداءها في مشاهد بشعة من الدمار في غزة لتهز مشاعر دول العالم برمته حتى تلك البعيدة عن الشرق الأوسط مثل بيليز وبوليفيا اللتان قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية مع إسرائيل رغم امتناع دول عدة بالشرق الأوسط عن ذات الخطوة واكتفت بالتنديد والتصريحات.
مظاهرات حاشدة غاضبة تندد بقتل المدنيين في ميادين العالم ومواقف وقرارات أممية تعطي زخماً دولياً للقضية الفلسطينية وفرصة يمكن استثمارها لنصرتها، وخسارة لصورة إسرائيل التي استثمرت بها مليارات الدولارات لهندستها في وسائل الإعلام ودوائر صناعة القرار الغربي كدولة ضعيفة ومظلومة ومعتدى عليها من جيرانها الحالمين برميها في البحر على حد ادعائهم!
ويعتبر كل هذا الزخم الذي اكتسبته القضية أحد مكاسب تلك الحرب رغم فداحة الخسائر البشرية التي تجاوزت عشرين ألف شهيد ويشكل الأطفال نصفهم تقريباً وهو ما يشكل أضعاف أعداد الشهداء في مجازر الاحتلال سابقاً والتي كانت تتراوح بين 70 و400 شهيد كحد أقصى وإن كانت صبرا وشاتيلا استثنائية! بل ويتجاوز أعداد ضحايا كافة الحروب التي أشعلتها إسرائيل مجتمعه بما في ذلك حرب ١٩٤٨ التي ورطت العرب في مأزق جيوسياسي كارثي ومزمن يلقي بظلاله علي واقعهم حتي اليوم بوجود اختراع في صورة دولة اخترعتها القوى الدولية بينهم!
ووسط تصريحات الساسة الغاضبة، تمت إزاحة الستار عن البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي الذي ظل سرياً ومحل تساؤل وتشكيك فيما كانت تمتلك إسرائيل سلاحاً نووياً أم لا، فمع تصريح عميحاي الياهو وزير التراث لضرب غزة بالنووي واعتبار مقاتلي حماس والمدنيين لا اختلاف بينهم، بات امتلاك إسرائيل للنووي أخيراً أمراً مؤكداً.
ماذا يحدث إذا قامت دولة فلسطينية في سيناء؟
كما تم فضح مخططات إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية بالدفع بالغزيين نحو سيناء وتوطينهم فيها، تارةً عبر تعمد قصف المناطق الشمالية لغزة لدفعهم باتجاه الجنوب ثم مهاجمة الجنوب لدفعهم نحو سيناء، وتارةً أخرى عبر التلميح بوضع خطة لضح مليارات الدولارات لبناء بنية تحتية ووحدات سكنية وخدمية في سيناء لتأهيلها لبناء دولة فلسطينية فيها وهو الأمر الذي رفضته القاهرة حيث شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على خطورة تصفية القضية الفلسطينية ورفض مخطط التهجير، رغم التصريحات الإعلامية لساسة إسرائيليين بضرورة استغلال الوضع الاقتصادي في مصر وتقديم حزم إغرائية للقاهرة لقبول هذه الصفقة وإنهاء صداع غزة الذي أصاب قادتها ولم تتمكن من علاجه إلى اليوم.
هنا أتساءل، هل ستكتفي إسرائيل بتهجير الغزيين لسيناء، وإذا حدث سيناريو “بناء دولة فلسطينية في سيناء” أو تهجير كل الغزيين لها، لا أستبعد أن تتحول سيناء إلى قاعدة مدججة بالسلاح ومقاتلي المقاومة الفلسطينية بين حماس والجهاد الإسلامي وغيرهم للانطلاق منها بهجماتهم على إسرائيل ومن ثم لن تتردد إسرائيل في الرد ومقاتلتهم والتذرع بهم للعدوان على سيناء واحتلالها من جديد، وستتخذ كل السبل الدبلوماسية وآلاتها الإعلامية في شرق وغرب العالم لتبرير عدوانها على سيناء مثل 67، طالما كانت مطمعاً لها، ولعل واقعة تحرش لسائح الأجنبي في دهب وما تلفظ به أن سيناء أرض إسرائيل فاضحة وكاشفة لنوايا الصهاينة وما يضمرونه تجاه سيناء وما قد يروجون له في أروقتهم ومحافلهم.
وسواء كانت مقولة “إسرائيل من النيل إلى الفرات” خرافة أو مخطط حقيقي ستظل تلك الدولة متمسكة بعقلية وعقيدة أمن ثابتة تتلخص في أن بقاء وقوة إسرائيل رهن فناء وضعف الدول المحيطة بها، فهي كالكبد المزروع في جسد يرفضه، وطالما وقفت دول عتيدة على حدودها سيظل وجودها في تهديد، فمنذ اندلاع الثورة السورية التي تلاها حرب أهلية ضارية، لم تكل الطائرات الإسرائيلية ولم تدخر وقتاً ولا جهداً في قصف المطارات السورية خاصة في دمشق وحلب بحجة وجود وكلاء وأذرع إيرانية بها، بل ويمثل توجيهها لضربة ناجحة في الضاحية الجنوبية لبيروت وقتل صالح العاروري تطوراً استخباراتياً بالغ الأهمية واختراقاً محترفاً للموساد في لبنان وربما بالمنطقة برمتها، وسيعيد له جزء من سمعته أمام شعب إسرائيل خاصة بعد فشله في توقع طوفان الأقصى المفاجئ في ٧ أكتوبر، ولا أتوقع جر لبنان لحرب شاملة مع إسرائيل شبيهه بحرب ٢٠٠٦ نظراً للخسائر الفادحة التي تكبدها اقتصاد إسرائيل والضغوط العالمية لعدم اتساع رقعة القتال خارج غزة.
لذا ستظل عملياتها في العمق اللبناني محدودة ودقيقة ضد قيادات حماس هناك على غرار عملية العاروري، التي اعتبرتها ضربة لإيران أيضاً، والجدير بالذكر أن أغلب دوائر صناعة القرار في الغرب تنظر لحرب غزة أنها حرب بالوكالة مع إيران بسبب تصريحات الأخيرة المدعية أن طوفان الأقصى كان انتقام إيراني لاغتيال قاسم سليماني عام ٢٠٢٠ إلا أن حماس نفت ذلك حتي لا يتبدد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وأنا أؤمن بشدة بأن الربط بين إيران والقضية الفلسطينية يضعف الأخيرة ويفرغها من مضمونها وقد يجعلها حرباً إيرانية – غربية بالوكالة مثل تلك الدائرة باليمن وسوريا، وهو ما قد يبرر استماتة واشنطن في دعم إسرائيل خاصة مع دخول الحوثيين المدعومين إيرانياً علي خط المواجهة وضرب السفن ذات الصلة بإسرائيل بالبحر الأحمر علاوة علي هجمات المسيرات والصواريخ علي جنوب إسرائيل والتي سقط بعضها في سيناء دون إصابة إيلات، وهي الواقعة الأولى بالصراع العربي الإسرائيلي حيث ظلت اليمن خارجه دائماً دون مواجهة إسرائيلية مباشرة.
وأرى أن الدور اليمني أو بالأحرى الحوثي بحرب غزة يعكس مدى تطور المشروع والنفوذ الإيراني بالمنطقة الذي زاد ترابطاً وتنسيقاً واندماجاً فيما بين أطرافه وأذرعه وكأنه بات كيان واحد، بل ويرسم صورة مستقبلية للحروب القادمة التي لن تنحسر داخل رقعة جغرافية محددة، فإذا قامت حرب في غزة أو جنوب لبنان، ستتدحرج كرة النار بالمنطقة بدءاً من باب المندب حتي بيروت بلا شك كما هو المشهد الآن.
ولا يجب النظر للقضية الفلسطينية بعدسة ضيقة كصراع فلسطيني إسرائيلي، بل هناك صورة أكبر كلفت واشنطن وحلفائها أموالاً ووقتاً أكبر لضمان استدامة الاختراع “إسرائيل” في منطقة شديدة التعقيد والوعورة سياسياً وطائفياً.
حقاً هي اختراع استراتيجي قوى وعبقري ومجال استثمار مجدي لمليارات الدولارات الأمريكية كما وصفها جو بايدن في أكثر من مناسبة وهو وصف دقيق ردده الرئيس الأمريكي منذ بداية مسيرته السياسية مؤكداً شغفه بهذا الاختراع وتصريحه بأنه صهيوني، حيث قال أن والده قد أخبره بعدم ضرورة أن يكون الصهيوني يهودياً وإن لم تكن إسرائيل موجودة لاخترعتها أمريكا، ذلك الأمر الذي يطرح تساؤل عن تاريخ والده الكاثوليكي وصلته بالصهيونية واحتفائه بها.
ووفق مقال نشرته جريدة تايمز أوف إسرائيل، فإن عائلة بايدن وتاريخه ممتلئين باليهود، مثل أبنائه الثلاثة المتزوجين من فتيات يهوديات وبالتالي جميع أحفاده يهود.
ويقوم هذا الاختراع بالوظيفة التي اختُرع من أجلها بكفاءة وفعالية وأحيانًا يتجاوز التوقعات كما حدث في ١٩٦٧، َولا يقل قيمةً عن اختراع بريطانيا لسياسة ‘فرق تسد’ في مستعمراتها، ذلك التكنيك الذي مكنها من السيطرة علي المستعمرات الشاسعة لعقود إن لم تكن قرون في بعض الأراضي. ففي إحدى تصريحاته، قال بادين إذا غادرت أمريكا منطقة الشرق الأوسط سيسيطر عليها كلاً من روسيا والصين المنافستان لها وبالتالي تراجعاً للهيمنة الأمريكية علي العالم الذي يمثل الشرق الأوسط قلبه الجيوسياسي الاستراتيجي.
الخلافة الإسلامية
وفي إحدى تجلياته، وقف نتنياهو أمام خريطة للمنطقة العربية يتحدث عن الخلافة الإسلامية وحدودها الجغرافية، وقيمة تموضع وتمركز إسرائيل استراتيجياً بالمنتصف لتحول دون عودتها ومنع اتصال ووحدة وتكامل تلك الكتلة العربية الضخمة التي إذا اتحدت ستشكل متحدياً ونداً للقطب الأمريكي لا يقل قوة عن الاتحاد السوفيتي.
ذلك الأمر الذي يدفعني للتساؤل هل الخوف من عودة الخلافة أو بالأحرى دولة توحد العرب والمسلمين على غرار الخلافة في نسخة محدثة أمراً شائعاً بين ساسة الغرب! ودافعاً يضمرونه وراء سياساتهم الشرق الأوسطية المضعِفة للدول العربية والاسلاموفوبيا، إنه أمر يستحق البحث والتفكير حقاً!
ففي أوروبا، يتحجج اليمين المتطرف دائماً بخطورة أسلمة الدول الأوروبية إذا لم يتم كبح جماح هجرة المسلمين وانتشار الدعاة هناك، تضيق في هولندا وأخر في ألمانيا وثالث في سويسرا، رغم معاناة القارة العجوز من عوز شديد في القوة العاملة مع انخفاض معدل المواليد وتزايد مواطنيها لأمريكا الشمالية وتزايد المتقاعدين.
إسرائيل.. الاختراع العظيم الذي تجاوز حدود الأهداف التي تم ابتكاره من أجلها والذي تحول لقوة تحتل وتغزو وتثير الحروب الطاحنة وتعيد رسم حدود وخريطة المنطقة كما تشاء،
وتؤكد صحف عالمية كثيرة أنه لم يعد الكثير من ساسة وشعوب العالم ينظرون لإسرائيل بتعاطف كدولة تمت هندستها للم شمل اليهود المضطهدين والهاربين من هولوكوست النازي وتوطينهم في أرض تم نسج أساطير وحجج توراتية لملكية اليهود لها، حيث يرونها مجرد دهان خارجي لاختراع حديث الصنع في مصانع القرار الغربي، والتي طالما استثمرت في صورة المضطهَد المظلوم بل وجنت أرباحاً طائلةً من استعطاف ودعم دول العالم لها لعقود طويلة، ولعل أزمة غزة فاضحة وكاشفة!
وكيف تبدو المنطقة العربية غداً، هل هي على أعتاب صلح عربي إيراني واحتمال تقزم إسرائيلي، أم شرقاً أوسطياً جديداً يلوح بالأفق يكون فيه الاختراع “إسرائيل” في مركزه وعرب منقسمين على هامشه، لكني أراها أرضاً مليئة بالفرص للعرب إذا ما استُثمِرت!
جاء إعلان الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل قوة عسكرية لحماية الملاحة الدولية على خلفية تعدد الهجمات الحوثي على السفن العابرة بالبحر الأحمر ليثير المخاوف من احتمالية اندلاع حرب إقليمية بالمنطقة..فما احتمالية حدوث ذلك وهل تتحمل المنطقة حربا جديدة ؟وأعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الثلاثاء 19 كانون الأول خططا لتشكيل تحالف متعدد الجنسيات لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر يسمى “عملية حارس الازدهار”.
وقال أوستن في جولة عبر الشرق الأوسط إن العمليات ستنضم لها بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا.
وجاء الإعلان الأمريكي على خلفية الهجمات المتكررة التي شنتها جماعة الحوثي باليمن على السفن العابرة قرب باب المندب وذلك ردا على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة كما تقول الحوثي، وهو ما دفع عدد كبير من شركات الشحن البحرية لتغيير مسار السفن .
وكانت وزارة الدفاع اليمنية التابعة لجماعة الحوثي قد أعلنت فى 19 تشرين الثاني الماضي أنهم سيستهدفون السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي، والسفن المملوكة لشركات إسرائيلية أو تشغّلها شركات إسرائيلية، بغض النظر عما إذا كانت السفن تحمل أهدافا عسكرية أو لا.
في 9 كانون الأول الجاري، أعلن المتحدث بإسم قوات الحوثيين أنهم يوسعون خططهم للهجوم على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر لتشمل “جميع السفن من أي جنسية” المتوجهة إلى إسرائيل، حتى يُسمح بدخول الغذاء والدواء إلى غزة.
وبحسب تقارير شهدت الأيام الماضية استهداف الحوثي عدة سفن تجارية على متنها طواقم من المدنيين في البحر الأحمر، تضمنت الهجمات إطلاق صواريخ أو مسيّرات على أربع سفن، واحتجاز طاقم سفينة خامسة.
وحذر مراقبون من احتمالية انزلاق المنطقة لحرب إقليمية بعد الإعلان الأمريكي عن تشكيل تحالف عسكري وقوة دولية لحماية الملاحة خاصة حال استمرار الهجمات الحوثية على السفن.
حرب إقليمية
ويري الخبير العسكري المصري حاتم صابر أن “القوة الدولية لحماية باب المندب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلي تأمين حركة الملاحة البحرية وحماية السفن الإسرائيلية أثناء عبورها في مناطق نفوذ الحوثيين”.
وقال لوكالتنا ” التحالف العسكري الجديد قد يجر المنطقة إلي حرب إقليمية علي حدود البحر الأحمر وذلك إذا ما وجهت القوات الدولية ضربات مؤثرة وساحقة لجماعة الحوثي بحراً وبراً باستخدام الترسانة العسكرية لدول التحالف المزمع تنفيذها لعملياتها الحربيه وقد يؤدي إلي دخول أطراف أخري النزاع مثل روسيا والصين للحفاظ علي مصالحها، وهو ما لا نتمنى حدوثه خلال الفترة المقبلة”.
وأكد الخبير العسكري أن “المنطقة لا تتحمل مثل هذه الحروب خاصة مع استمرار حرب غزة وتوسع دائرة الأطراف المتورطة فيها خاصة مع مشاركة حزب الله فى لبنان وبوادر أزمة على الحدود الإسرائيلية مع الأردن”.
ويعتقد صابر أن “أمريكا قد تضغط على إسرائيل خلال الفترة القادمة وتجبرها على انهاء الحرب ببعض المكاسب النفسية ولكن الشارع الاسرائيلي يعلم جيدا أن بلاده خسرت المعركة ولم تحقق شىء”.
مسؤولية واشنطن
من جانبه يري الكاتب والمحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب أن “دعوة الولايات المتحدة الأميركية لتشكيل تحالف دولي أمر غير قانوني ولن يكتب له النجاح ويجب على واشنطن استخراج قرار أممي من الأمم المتحدة لكي تصبح المشاركة شرعية وقانونية بالتحالف الدولي وإلزامية لجميع الدول”.
وقال لوكالتنا “تحركات الحوثي تهدد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر والمجتمع الدولي وعلى رأسه واشنطن مطالب ضمان حرية الملاحة في مضيق باب المندب خاصة أن هذه الهجمات تؤثر بشكل كبير علي الاستقرار والأمن في المنطقة”.
وبحسب الباحث فإن “الولايات المتحدة الأميركية تتحمل جزء كبير من المسؤولية تجاه ما تقوم به جماعة الحوثي خاصة بعد أن نزعت صفة الإرهاب عنها رغم ما قامت به من هجمات تجاه المملكة السعودية ما سمح للحوثي بتعزيز قدراته العسكرية”.
وأكد أبو زينب أن “الولايات المتحدة يجب أن تستبدل عسكرة البحر الاحمر من أجل مصالحها ومصلحة الاحتلال الإسرائيلي بوقف الحرب على قطاع غزة وأن تكون أكثر صرامة مع إيران وميليشياتها في المنطقة” .
أما عن قرار عدم مشاركة المملكة العربية السعودية بهذا التحالف الدولي، فيري الباحث أن “القرار السعودي صائب جدا لان السعودية عملت على تصفير المشاكل لترسيخ الاستقرار في المنطقة و دافعت كثيرا عن الملاحة الدولية، وطالبت عدة مرات المجتمع الدولي بحماية الممرات الدولية، لمنع تهريب السلاح والمخدرات والبشر ، لكن المجتمع الدولي لم يتحمل المسؤولية لحماية الممرات الدولية التي هي مسؤولية دولية وليست عربية فقط “.
تحركات إقليمية ودولية متسارعة تشهدها الساحة الليبية بعد فترة من الجمود السياسي خاصة بعد كارثة إعصار دانيال التي راح ضحيتها الأف اللبيين وأظهرت تأثير الانقسام والخلافات السياسية على البلد التي تزرح تحت حكومتين و3 مجالس حاكمة منذ سنوات.
وشهدت الأيام الماضية، حراك دبلوماسي إقليمي تجاه ليبيا حيث استضافت تركيا رئيس البرلمان عقيلة صالح فى محاولة من الأخير لاقناع تركيا بالتخلي عن حكومة الدبيبة ودعم تشكيل حكومة ليبية جديدة تتولي إدارة ملف الانتخابات المرتقبة.
كما استضافت القاهرة يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، كل من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر، بحضور رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل.
يأت هذا فيما دعت اللجنة الأممية بليبيا لحوار خماسي بين الأطراف الليبية من المقرر عقده يناير المقبل للتوافق على قوانين الانتخابات وتفعيلها، وذلك أملاً في إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال العام المقبل.
ووفقا لمراقبون فإن التحركات الأخيرة فى الملف الليبي تمت بتنسيق مصري تركي وبضغوط أممية خاصة فى ظل دور القاهرة وأنقرة فى الأزمة وعلاقة البلدين بأطراف الصراع، ووجود رغبة ليبية وإقليمية فى التوصل لحل سياسي للأزمة الليبية بعد أكثر من عقد من الصراع خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على غزة.تأثير حرب غزة
ويري الباحث والمحلل السياسي حكيم بوغرارة أن “تطورات الملف الليبي هذه تعكس وعي كبير لأطراف الأزمة من أجل التحرك بصورة عاجلة لأجل إيجاد تسوية سياسية للأزمة”.
وقال لوكالتنا “الليبيون بعد ما حدث ويحدث فى غزة أدركوا أن العلاقات الدولية ليست بريئة وأن الاختراقات الأجنبية كبيرة جدا وأنه إذا لم يكن هناك تنازلات وتوافقات فإن فالجميع سيخسر والتطورات المستقبلية قد تشهد تصعيدا خطيرا جدا”.
زيارة غير مفاجئة
وأشار إلي أن “زيارة عقيلة صالح لتركيا غير مفاجئة بل كان من المفترض أن تتم منذ فترة طويلة نظرا للاختراق الكبير من جانب تركيا للأزمة الليبية خاصة مع حكومة الدبيبة التي تحظي بالشرعية الدولية”.
ويعتقد الباحث أن ” محور الجزائر تونس والقاهرة أنقرة مهم جدا للمساعدة على تجاوز الأزمة الليبية والتي قطعت أشواطا كبيرة جدا يمكن البناء عليها خاصة أن قوانين الانتخابات والتعديلات الدستورية تقريبا استكملت بشكل كبير من أجل تمكين مسار سياسي والتوجه للانتخابات الرئاسية والتشريعية وإرجاع الكلمة للشعب الليبي لمنح الشرعية لمختلف المؤسسات وبالتالي تتجاوز ليبيا فترة عدم الاستقرار خاصة فى ظل التهديدات الإرهابية فى الجنوب الليبي الذى يطل على منطقة الساحل المشتعلة ناهيك عن بروز موجة كبيرة للهجرة غير الشرعية والإتجار فى السلاح والبشر والكثير من الأزمات المترابطة خاصة بعدما حصل فى النيجر ومالي وبوركينا فاسو”.
وبحسب بوغرارة فإن “كل هذه المعطيات فرضت على أطراف الأزمة الليبية البحث عن مخارج جديدة فى ظل انسداد وفشل كل المحاولات للتقريب بين الفرقاء الليبين فى مراحل سابقة، وعليه فإن تحرك الداخل الليبي واستعداد دول طوق ليبيا للمساعدة خاصة بعدما حدث فى غزة وتيقن الفرقاء الليبين أن العلاقات الدولية لم تكن تؤتمن وأن السيناريو يمكن أن يتكرر فى أى دولة إذا لم تسرع فى إيجاد حلول فيما بينها”.
إعادة التموضع
وبحسب د.نبيل كحلوش الباحث في الدراسات الاستراتيجية “تندرج زيارة عقيلة صالح إلى تركيا في إطار محاولات إعادة التموضع الجديد بعد تأجيل الانتخابات التي كانت من المزمع إقامتها قبل مدة”.
وقال لوكالتنا ” أن تأجيل الانتخابات وكذا آثار كارثة الفيضانات قد أخر “الزمن السياسي” لليبيا. بل وقد أخذت خفت حتى بريق الحالة السياسية في الإعلام بعد كل من حرب أوكرانيا وكذا الحرب في فلسطين مما جعلها بدون أي أهمية نظرا لسطحية الملفات العالقة مقارنة بالملفات الدولية الأخرى”.
ويري كحلوش ” أن زيارة صالح لن تؤثر كثير على الوضع في الداخلي الليبي لأن أقصى ما يمكن أن تفعله تركيا حاليا هو الإتفاق مع رئيس مجلس النواب بتوجيه عدد من الشركات التركية وبالأخص في مجال البناء للإسهام في جهود إعادة الإعمار، أما عن حكومة الدبيبة فرغم أدائها السياسي المتذبذب إلا أنها لا زالت توصف بالحكومة الشرعية وهذا استنادا إلى الشرعية الدولية.”
وأشار إلي أن “ما يجب إدراكه من الناحية الاستراتيجية هو إن استقرار ليبيا قد يمكن من إطلاق مشاريع طاقوية نحو أوروبا، تلبية لحاجاتها التي تضررت بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، لافتا إلي أن ذلك سيتصادم مع الطموحات الإسرائيلية التي تريد مد خطوط الغاز من عسقلان الفلسطينية نحو قبرص ثم اليونان ثم إلى قلب الاتحاد الأوروبي، فلذلك فإن الليبيين أمام فرصة تاريخية لإعادة الاستقرار لدولتهم واستغلال الأزمة الحرجة التي يمر بها الكيان الصهيوني.”
وحول الاجتماع الذى استضافته القاهرة بحضور حفتر وعقيلة صالح والمنفي، اعتبر الباحث أن “الاجتماع في القاهرة بحضور هذه الشخصيات يمكن قراءته أنه تنظيم للصف الموالي للقاهرة من أجل صيانة المصالح المصرية في ضوء المتغيرات المقبلة”.
ويعتقد أن “هذا في الواقع لن يتعلق كثيرا بتحريك المياه الراكدة التي لم تتحرك منذ 2011. مما يعني أن الغياب المؤسساتي للدولة الليبية سيحتاج المزيد من الجهود الأممية حتى تتحقق النقلة السياسية”.
تدخل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـ 74 وسط تصاعد الدعوات الدولية لوقف الحرب خاصة مع استمرار سقوط المدنيين بشكل كبير ووجود خلافات أمريكية إسرائيلية حول طريقة التعامل مع الأزمة.
وكشفت وسائل إعلام أميركية السبت 16 كانون الأول ديسمبر الجاري أن تل أبيب أبدت استعدادها للتفاوض مع حماس حول اتفاق جديد يتضمن إطلاق سراح باقي المحتجزات لدى الحركة من جراء هجوم 7 أكتوبر، على أن تتضمن الصفقة إطلاق أسرى فلسطينيين ووقف إطلاق النار في غزة عدة أيام.
ووفقا للتقارير فقد التقي رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) مع رئيس وزراء قطر، التي تتوسط بين حماس وتل أبيب.
والسبت الماضي 16 كانون الأول كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مفاوضات جديدة جارية لاستعادة الأسرى الذين تحتجزهم حركة حماس.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي دخلت منطقة الشرق الأوسط في أتون حرب جديدة بعد أن أطلقت حركة حماس الفلسطينية عملية أسمتها طوفان الأقصى أسفرت عن مقتل وخطف عشرات الإسرائيليين في حين ردت تل أبيب بإطلاق حربا شاملة تجاوز ضد قطاع غزة.
وبحسب بيان لوزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد الشهداء نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية بلغ قرابة 20 ألفا حتى الآن.
ولا تقتصر المعاناة جراء الحرب على الفلسطينيين فحسب، فالحكومة الإسرائيلية تواجه ضغوط كبيرة من أهالي المختطفين لدي حماس ولا يتوقف ذوي الأسري عن التظاهر بشوارع تل أبيب.
كما إن رئيس الحكومة نتنياهو ضغوطا خارجية لوقف الحرب فضلا عن دعوات داخلية قوية للإطاحة به لفشله وحكومته فى توقع هجوم السابع من أكتوبر فضلا عن فشله فى تحرير المختطفين رغم مرور أكثر من شهرين على الحرب مع ما يعانيه الاقتصاد الإسرائيلي جراء ذلك.
وبحسب مراقبون فإن الأوضاع فى غزة تتجه للهدوء بمرور الوقت وقد تشهد الفترة المقبلة صفقة تبادل جديدة للأسري تقود لهدنة يتبعها وقف لإطلاق النار.
الحرب أصبحت مكلفة
ويري هشام البقلي مدير مركز القادة للدراسات أن “الأوضاع في غزة تتجه نحو طاولة المفاوضات من جديد , خاصة أن الحرب أصبحت مكلفة لكافة الأطراف على المستوى السياسي والافتصادي والحديث هنا لا يخص طرفي النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فقط بل يمتد إلى الدول الداعمة لأي من الطرفين” .
وقال لوكالتنا “تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة حول الموقف الدولى من واشنطن لموقفها الداعم لإسرائيل وان هذا الأمر يهز الصورة الدولية لأمريكا , ومن هنا يمكن الإشارة إلى رغبة واشنطن وهى الطرف الأهم في هذه القضية في الجلوس على طاولة تفاوض من جديد” .
وأشار إلي أنه “من الممكن أن يكون هذا الأمر تدريجيا حيث قد يتم العمل على هدنة جديدة ووقف مؤقت لإطلاق النار ثم بعد ذلك تمديد لتلك الهدنة , ثم بعد ذلك الوصول إلى إيقاف كامل لإطلاق النار” .
ويعتقد البقلي أن “الجانب الإسرائيلي لديه مخطط فيما يخص غزة والتهجير القصرى ولكنه اخطأ تقدير الموقف والحرب التي ظن الجنرالات الإسرائيليين أنها قد تنتهي في أيام قليلة ولكنها امتدت لأكثر من 70 يوما ، رغم العنف المفرط الذي يستخدمه الجانب الإسرائيلي وعدم التفريق بين النساء والأطفال والشيوخ إلا انهم لم يستطيعوا بعد تحقيق نجاحات حقيقة على أرض الواقع وهذا ما سيجعل إسرائيل مجبرة على الجلوس للتفاوض والقبول بوقف إطلاق النار من جديد .”
ولفت مدير مركز القادة للدراسات إلي أن “ما عمق من مآزق حكومة نتنياهو أن الجانب الفلسطيني استطاع إثبات وجوده على مدار 70 يوما من الحرب المتصلة والقصف الشديد للمنشآت وللمنازل ووضع نفسه أمام المدافع الإسرائيلية رافضا مخطط التهجير الذى حاولت إسرائيل دفع سكان القطاع للقيام به”.صراع سياسي وديني
من جانبها، ياسمين العايدي الباحثة في الشأن الفلسطيني أن “القضية الفلسطينية لها شق ديني وشق سياسي، الجانب الديني في كون فلسطين هي مهد الديانات السماوية و بالأخص بالنسبة للمسلمين و المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين”.
وقالت لوكالتنا “عمدت إسرائيل على ابتزاز مشاعر المسلمين بإقتحامات المسجد الأقصى بشكل ممنهج و تدنيسه طيلة أيام الحرب من قبلها و مناداة المتشددين بوقف عمل الأوقاف الإسلامية في الحرم القدسي و استهداف الرموز الدينية إلى أن وصل الحد لتدنيس أحد مساجد جنين و إعتلاء المنبر من قبل جنود الإحتلال المتطرفين و الغناء و ترديد عبارات تلمودية في تعد صارخ على حرية العبادة للمسلمين و استهداف جميع مساجد غزة عن عمد و الاستخفاف بمقدسات المسلمين”.
وبحسب الباحثة فإنه “بالنظر للشق السياسي فقد حاولت إسرائيل اختزال حقوق الشعب الفلسطيني في حقوق المواطنة و معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية في جميع أنواع الخدمات المقدمة لهم” .
وأشارت ياسمين إلي أنه “فيما يخص حل الدولتين و إقامة دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧ تم بشكل ممنهج نسف المبادرات السياسية للتفاوض بشأن قضايا الوضع النهائي حول القدس و اللاجئين و الاستيطان و الحدود و المياه وذلك رغم أن قرارات الأمم المتحدة منذ قرار التقسيم الصادر عام ١٩٤٧ أقرت بإقامة دولة فلسطينية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على أرضه إلا أن إدارة بايدن تتنصل من كل جهد تفاوضي للإدارات الأمريكية السابقة لإقامة سلام قائم على حل الدولتين ووصل الأمر إلى إعطاء الضوء الأخضر لحكومة نتنياهو لإبادة أهل غزة تحت ذريعة أحداث ٧ من أكتوبر والتي هي نتاج تطرف و تضييق و عنف تجاه كل ما هو فلسطيني في الضفة و قطاع غزة و تهميش الشعب الفلسطيني مع تسويف أي حلول مستقبلية للحفاظ على حقوقه المشروعة”.
سيناريوهات الصراع
وحول سيناريوهات ما بعد الحرب، تري الباحثة أن “هناك عدة سيناريوهات يمكن أن يؤؤل إليها الوضع ما بعد الحرب ، السيناريو الأول أن تنتهج القضية الفلسطينية نفس نهج القضية الجزائرية و هذا يتطلب إقامة تحالفات مع قوى دولية و نشاط دبلوماسي عربي موحد”.
السيناريو الثاني بحسب ياسمين وهو “ما تسعي لتنفيذه الولايات المتحدة و إسرائيل و هو أن يصبح الوضع مثل جنوب أفريقيا بمعني دولة واحدة تضم اليهود و الفلسطينيين لها عواقب وخيمة في تصفية كل القضية الفلسطينية برمتها بشقها السياسي و الديني و سيترتب عليه اختلاس المزيد من الأراضي الفلسطينية”.
وتري أن “السيناريو الثالث هو أن يتحول الوضع كما حدث بالكونغو واجتمعت القوى الدولية على نهب ثرواتها خاصة وأن غزة لديها احتياطي كبير من الغاز الطبيعي والذي هو أحد المطامع الأساسية للاحتلال، وهذا السيناريو قد يحدث إذا ما استمرت إسرائيل في الاستعانة بالغرب تحت مظلة دعم دولي بقوات حفظ السلام الدولية بعد الحرب”.
وتعتقد الباحثة أن “الحديث عن المستقبل القريب يحمل الكثير من الضبابية و لكن السيناريو المرجح هو السيناريو الأول بأن تأخذ القضية الفلسطينية نفس نهج القضية الجزائرية حتى نيل استقلالها و لكن هذا يتطلب جهد عربي مشترك و حرص من كافة الدول الإقليمية و دعم دولي و دبلوماسية عربية نشطة لإقامة دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧”.
تحدثت تقارير صحفية عن الدور الإيراني في دعم غزة وأنه يقتصر فقط على الدبلوماسية الناعمة على العكس من التحركات الإيرانية في دول المنطقة.وبحسب مقال للكاتب اللبناني “عبد العزيز الزغبي” فإن التعاطي الإيراني في المنطقة وتحديدا دول مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان يصل لحد الدعم العسكري لحلفاءها في حين أن فلسطين التي لا تكف طهران عن الحديث عنها ووصف إسرائيل بالسرطان تكتفي بالتصريحات الإعلامية والدبلوماسية فقط.
وأشار المقال إلي أنه “منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1978 وإسقاط الشاه، تأسّس حكمٌ دينيٌّ في الجمهورية الإيرانية، والتي خضعت فيما بعد لسلطة روح الله الخميني، مفجّر الثورة وقائدها.”
وتابع: “عاد قائد الثورة من منفاه الباريسي إلى طهران، وباشر تثبيت حكمه باحتجاز عددٍ من الرهائن الأمريكيين من عمّال السفارة ودبلوماسييها، ليحرق السفن مع واشنطن، قائلاً إنها هي “الشيطان” الأكبر، وإنَّ إسرائيل “غدَّة سرطانية”، معلناً دعمه للقضية الفلسطينية وعداءه للاحتلال.
وبحسب الكاتب فمن “ذاكَ الوقت تبنَّت إيران فلسطين فعلاً، لكنَّ ذلك التَّبني اقتصر على أنواع الدعم الناعم؛ إذ لم تخُض إيران يوماً حرباً عسكريةً مع إسرائيل، وهذا يطرح أسئلةً وجوديةً عن “فيلق القدس” وحركات المقاومة في الإقليم”.
فيلق القدس.. اسمٌ على غير مسمَّى
وتابع : “بالحديث عن فيلق القدس، القوة التي تأسست إبّان الحرب العراقية الإيرانية، وشاركت في دعم الأكراد ضدّ النظام العراقي السابق، وتوغَّلت إلى أفغانستان وغيرها من البلدان التي وصلها نفوذ الحرس الثوري، فإنَّه يبدو أنَّ الفيلق لم يبدأ حرباً على طريق القدس.
وتساءل الكاتب: لماذا يُطلق المسؤولون في إيران هذا الاسم على فيلقٍ يُقاتل من العراق إلى أفغانستان واليمن وسوريا ولبنان وغيرها من الأقطار، تدريباً وتسليحاً ومشاركةً بشريةً ولوجستيةً، ويُشرف على العمليات العسكرية البعيدة عن القدس؟
وأضاف : “السؤال الذي يطرح نفسه دون أن يُجهد القارئ عقلَهُ في اجتراح الأسئلة: ما السرُّ في أن يرحل قائد هذا الفيلق من “العراق” إلى السماء “شهيداً”، لا من “القدس” الشريف”؟
حروب الوكالة وحركات المقاومة
ولفت إلي أنه “للإنصاف، فإنَّ إيران دعمت مجموعات إقليمية سلَّحتها ودرَّبتها لمحاربة “الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية”، وهذا الدعم أسهم في تحرير لبنان عام 2000 على سبيل المثال، والحصر، لكنَّ المشاركة الإيرانية في تسليح حركات “المقاومة” الإقليمية، وفق مراقبين، كان لها أهدافها وأثمانها”.
تحرير لبنان والثمن المقابل
وبحسب الكاتب فقد “دفعت إيران بحلفائها في لبنان إلى الحرب السورية دفعاً، لأسبابٍ لا تتسع الصفحات لذكرها تأييداً أو استنكاراً، مقابل التمويل والتسليح لهؤلاء، مصداقاً للمثَل المصريِّ القائل: “اللي بياكل من صحن السلطان بيضرب بسيفه”.
والجدير بالذكر أنّ العارف بالشأن اللبناني يدرك مدى تدخّل طهران في الملفات اللبنانية، حتى وصل الأمر بأحد المسؤولين الإيرانيين للقول إنّ “إيران” ستردُّ على أي هجوم إسرائيلي من جنوب لبنان.
إيران في رئاسة وزراء العراق؟
كما تطرق الكاتب إلي الوضع في العراق وكيف أسهم الدعم الإيراني للحركات العراقية المسلحة في إشعال فتيل الأزمات الطائفية، التي صارت حروباً أهلية فيما بعد، لتجد إيران عبر حلفائها أرضاً خصبة للتغلغل في النسيج العراقي.
هذا إذا تحدَّثنا عن النفوذ العسكريّ، فكيف بحزب الدعوة الذي يوالي طهران بأن يصل إلى رئاسة الوزراء بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 بالبندقية الأمريكية؟ هذا على صعيد السياسة، وما خفي من النفوذ أعظم.
اليمن السعيد والدهاء الإيراني
وتابع الكاتب: في الساحة اليمنية واصلت إيران تسليح حلفائها أيضاً، تحت شعار “الموت لإسرائيل واللعنة على اليهود”، لكنَّ اللعنة حلَّت على شعب اليمن السعيد، حروباً أهليةً وإقليمية.
وفيما يجاهر المسلّحون اليمنيون الموالون لإيران بهذا الولاء، يشاغل هؤلاء دول الخليج العربي نيابةً عن طهران، وفي هذا من الدهاء الكثير، لأنّ إيران قادرة على التنصل من المساءلة عبر حرب بالوكالة، وهذا تجلَّى واضحاً في المفاوضات السعودية اليمنية بشأن حرب اليمن، وفي حادثة السفينة الإسرائيلية مؤخراً.
الفيلق بين دمشق والقدس
كما تطرق الكتاب إلي الدور الإيراني في سوريا، مشيرا إلي أن إيران لم تشارك في الحرب السورية عام 2011 بالوكالة فقط، مستقطبةً كل القوات الإقليمية الحليفة للقتال فيها، لكنّها بادرت إلى المشاركة العسكرية بالأصالة، وأوفدت قوات مسلحة إيرانية إلى الأراضي السورية، بما في ذلك فيلق “القدس” أعلاه.
وقال : لمّا كانت سوريا على تخوم الأراضي الفلسطينية المحتلة، فالأجدر هو محاربة “النفوذ الإسرائيلي والأمريكي” في فلسطين بدلاً من سوريا، وهذا هو المنطقي في حال كانت طهران جادة في تحرير الأراضي الفلسطينية، كما في الخطابات.
الطوفان الذي أغرق إيران
واستطرد الكاتب: “بعد كلّ ما قدّمته طهران لحلفائها، ومع كلّ الحروب التي خاضتها في الإقليم وأبعد منه، تصل إلى فلسطين دبلوماسيةً وعقلانيةً”.
واستنكر الكاتب أن تكون إيران وهي القوة النووية أولاً، الداعمة للمسلّحين ثانياً، مصنِّعة المسيَّرات ثالثاً، المدرّبة بشرياً، المتموّلة مادياً ونفطياً، حليفة روسيا والصين، المرجع الروحي لمئات الملايين من الموالين، تحارب إسرائيل بالدعم المالي وبالتصريحات السياسية.
وأضاف : إذا سَلَّمنا بأنَّ إيران تدعم الفصائل الفلسطينية سياسياً ومالياً، فأين هي من تسليم المسيّرات (كما أمدّت روسيا في أوكرانيا)، ومن إرسال قوات النخبة للميدان (كما فعلت في سوريا)، وأين زيارات قادتها لغزّة (كما في العراق) وأين الصواريخ الباليستية (كما باليمن) والدقيقة (مثل لبنان)؟
وختم المقال بقوله “لقد أسهمت “طوفان الأقصى” في إظهار حجم التردد الإيراني تجاه القضية الفلسطينية، وأنّ خيار طهران في فلسطين هو المقاومة الناعمة”!.
جاء إعلان الرئاسة التركية عن إلغاء الزيارة التي كانت مقررة أن يقوم بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لأنقرة ليثير الجدل حول وجود أزمة دبلوماسية وخلافات سياسية بين إيران وتركيا.
وصبيحة الثلاثاء 28 تشرين الثاني أعلنت الرئاسة التركية أن الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لن يقوم بزيارته التي كانت مقررة اليوم ” الثلاثاء 28 تشرين” من دون أن تذكر السبب.
الإعلام الإيراني من جانبه ، تناول الخبر بصيغة تأجيل الزيارة وليس إلغاءها دون أن يحدد موعدا جديدا لها، حيث ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء أن زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى تركيا تأجلت، من دون تقديم تفاصيل عن السبب.إعلان واحتفاء تركي
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن عن هذه الزيارة في وقت سابق من الشهر الحالي، مشيرا حينها إلى أنه ونظيره الإيراني سيركّزان على صياغة رد مشترك على الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال أردوغان لصحفيين على متن طائرته لدى عودته من قمة إقليمية عقدت في الرياض في 11 تشرين الثاني/نوفمبر “سيزورنا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 28 من هذا الشهر”.
وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية التركية هذه الزيارة وتطرّقت إليها القنوات التلفزيونية التركية بكثافة حتى مساء يوم الاثنين 27 تشرين الثاني الماضي وهو ما عزز فرضية وجود خلافات طارئة بين البلدين في التعاطي مع الأوضاع في غزة.
أمور تنسيقية
واستبعد الباحث والمحلل السياسي المصري محمد يسري “حدوث أزمة كبيرة بين إيران وتركيا خلال الساعات الأخيرة أدت إلى إلغاء تلك الزيارة”.
وقال لوكالتنا ” سبق الإعلان عن إلغاء الزيارة بساعات قليلة اتصال هاتفي بين كل من الرئيس الإيراني ونظيره التركي وأعلنت تفاصيل الاتصال في وسائل الإعلام والذي كان يتناول مجمل قضايا المنطقة وعلى رأسها بالطبع القضية الفلسطينية.”
وأشار إلي أن “إلغاء الزيارة ربما يرجع لأمور بسيطة أو تنسيقية ليس إلا إذ ليس هناك أي داع للحديث عن مشكلة كبيرة أو الحديث عن قطيعة بين الطرفين بسبب خلافات قائمة حاليا خاصة أن موقف الطرفين مما يجري على الساحة الإقليمية والدولية حاليا ثابت لا جديد فيه سواء من ناحية توافق كل منهما في المصالح أو الخلافات الممتدة بينهما”.
واستبعد الباحث فرضية أن تكون هناك خلافات في وجهات النظر بين البلدين حول ما يجري في غزة كانت سببا في الغاء الزيارة، مؤكدا أن “هذه الفرضية أيضا ليس لها ما يؤيدها من الواقع إذ تنظر كل منهما إلى فلسطين والاحتلال من منظور مختلف فإيران تعتبر شريكا أو جزءا من الصراع وهذا ليس جديدا بل معلن والكل يعلم تفاصيله أما انقرة فلها حساباتها المختلفة فهي تارة ترى أن الحرب الدائرة حاليا تؤثر بصورة أو بأخرى على التقارب بينها وبين تل ابيب وفي الوقت نفسه لها علاقات خاصة بحركة حماس وبالقضية الفلسطينية. وكلاهما يتفقان على ان الحرب الدائرة حاليا يجب ان تنتهي بصورة أو بأخرى”.
علاقات تتجاوز الخلافات
وبحسب يسري فإن “هناك اتفاق في الهدف بين تركيا وإيران ولكن الدوافع مختلفة، وهذا شيء ليس جديدا ولم نر ما يدعو لاتخاذ اي مواقف مفاجئة تستدعي ان تكون هناك قطيعة بين الطرفين أو تستدعي الغاء مثل تلك الزيارة المهمة وربما يعلن عن موعد آخر لتلك الزيارة في وقت قريب”.
ولفت إلي أن “الخلافات بين البلدين مستمرة على المصالح على عدد من الملفات منها مثلا مسألة الأزمة في القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان حيث تميل إيران تميل إلى أرمينيا وتركيا تدعم اذربيجان وكذلك في الأراضي السورية رغم اتفاق الطرفين على الأهداف التوسعية على حساب الأراضي السورية وإتفاقهما على وجوب التخلص من الوجود الروسي والأمريكي من المنطقة ألا إن هناك خلافات أخرى يمكن مشاهدتها دائما على الأرض ومع ذلك لم تحدث هذه الخلافات مشكلة كبيرة تؤدي في النهاية إلى إعلان القطيعة بين البلدين”.
قمة الرياض
هاني الجمل الباحث في العلاقات الدولية يري أن “الغريب في الأمر ليس الإعلان عن إلغاء الزيارة من قبل تركيا بل عدم الإعلان عن تأجيلها أو تحديد موعد جديد لها رغم أن الإعلان عن الزيارة جاء من أردوغان شخصيا وتم الإحتفاء الكبير بها من جانب الإعلام التركي”.
وقال لوكالتنا ” أعتقد أن هناك وجهات نظر متباينة بين تركيا وإيران حول مستقبل قطاع غزة وفلسطين بشكل عام خاصة في مرحلة ما بعد الحرب”.
وأشار إلي أن “قمة الرياض التي عقدت الشهر الماضي كانت نقطة مفصلية في تجمع القوي الإقليمية الأربعة” إيران وتركيا ومصر والسعودية “حول دعم القضية الفلسطينية رغم تباين توجهاتها وأهدافها”.
وبحسب الباحث فإن “الموقف التركي كان له أكثر من وجهة نظر حيال الأحداث في فلسطين بداية من الحياد المطلق عبر إدانة قتل المدنيين من الجانبين ثم حدثت مفاجأة بالإنحياز التركي لتل أبيب عبر إرسال معونات غذائية لإسرائيل في بداية الحرب لافتا إلي أن هذا الموقف كان تجسيدا للعلاقات الوطيدة بين تركيا وتل أبيب”.
ويعتقد الجمل أن “الاختلافات بين القوي الاقليمية الأربعة خلال قمة الرياض ظهرت بشكل واضح بين تركيا وإيران خاصة أن البلدين رغم اتفاقهم حول قضايا أخري مثل القضاء على الشعب الكردي ألا أنه في أزمة فلسطين اختلفت الرؤية تجاه الأزمة خاصة إن كلا الدولتين لها أجندة منفصلة تجاه الأحداث”.
ولفت إلي أنه “من المعروف أن إيران تدعم حماس بشكل مباشر، كما إن تركيا كانت تستقبل على أراضيها وفدا من الحركة قبل 7 أكتوبر وأشارت تقارير إعلامية إلي قيام أردوغان بطردهم بعد انطلاق طوفان الأقصى”.
غزة ما بعد الحرب
ويعتقد أن “فكرة من يحكم غزة بعد انتهاء الحرب ربما أحد نقاط الخلاف بين تركيا وإيران خاصة مع وجود وجهات نظر متباينة الطرفين حول مستقبل قطاع غزة وفلسطين بشكل عام بعد الحرب”.
وأوضح أن “هناك رؤى مختلفة وخلافات غير معلنة بين تركيا وإيران تجاه مستقبل غزة ودور حماس في المرحلة المقبلة وفكرة ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل سواء بإجراء انتخابات دون مشاركة أبو مازن وعودة دحلان كوجه مقبول دوليا ترضي به حماس”.
جاء إعلان جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن عن احتجاز سفينة إسرائيلية أثناء إبحارها في البحر الأحمر إلى ساحل الحديدة، ليزيد التوتر المتصاعد بالشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر الماضي..فكيف يمكن قراءة هذه الخطوة وتداعياتها على المنطقة ؟وكان المتحدث بإسم القوات المسلحة اليمنية المحسوبة على الحوثيين قد أعلن أن استهداف السفن الإسرائيلية والمملوكة لإسرائيليين، سيستمر حتى يتوقف “العدوان الإسرائيلي” على قطاع غزة.
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، كان للحوثيين رد فعل تجاه الجرائم الإسرائيلية، وخلال شهري تشرين الأول والثاني، أطلق الحوثيين هجمات صاروخية وصلت إلى جنوبي إسرائيل، كما أسقطت المدمرة “يو إس إس كارني” الأميركية المُتمركزة في البحر الأحمر أربعة صواريخ كروز وعدة طائرات بدون طيار أُطلقت من اليمن باتجاه إسرائيل.
ويري مراقبون إن تحركات الحوثي قد تكون بتعليمات إيرانية ولخدمة المصالح الإيرانية خاصة أن الحركة معروفة بعلاقاتها الوطيدة مع طهران وتعتبر أحد أذرعها في المنطقة وهو ما يرفضه مقربون من الحركة تحدثت معهم وكالتنا.
مصالح إيران
واعتبر محمد شعت الباحث المصري في العلاقات الدولية “أن جماعة الحوثي غير منفصلة عن إيران التي توظف القضية الفلسطينية لصالحها منذ عقود، مشيرا إلي أنه “رغم التهديدات المستمرة من جانب إيران بمحو إسرائيل إلا أنها لم تدخل معها في حرب مباشرة وتحرك أذرعها كأوراق ضغط على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وفي النهاية يكون التفاوض مع إيران وتحقيق المصالح مع إيران”.
وقال لوكالتنا :”بعد عملية طوفان الأقصى حرص الخطاب الإيراني سواء خطاب خامنئي أو خطاب حسن نصر الله على تأكيد أن إيران ليس لها آية علاقة بالعملية وأنها فلسطينية القرار والتنفيذ، لافتا إلي أن استمرار الجرائم الإسرائيلية دون رد حقيقي من ما يعرف بـ بمحور المقاومة أدي لتراجع مصداقيته في الشارع العربي، ولذلك جاءت عملية الحوثي في إطار الاستعراض وترميم سمعة محور المقاومة واستمرار الضغط لصالح الملفات العالقة بين إيران والغرب”.
وأشار إلي أن “تكرار العملية مرهون برد فعل المجتمع الدولي والتفاهمات التي قد تتم بين الولايات المتحدة وإيران، لافتا في الوقت نفسه إلي أن ” المعطيات حتى الآن تشير إلى الحرص على عدم التصعيد وتوسيع دائرة الحرب وهو ما يرجح السعي إلى الاحتواء عبر التفاهمات”.
رسائل قوية
من جانبه، يري المحلل اليمني المحسوب على الحوثيين عبد الله الحنبصي أن”التأثيرات والتداعيات المتوقعة لدخول القوات اليمنية فى حرب غزة سواء بإطلاق الصواريخ أو احتجاز السفن، كثيرة فإلى جانب أنها تعزز من صمود المقاومة الفلسطينية وتعطيها حافز بأنها ليست بمفردها في هذه المعركة، فهي في ذات الوقت تعري الأنظمة العربية وتجعلها في موقف محرج بسبب عدم قدرتها طيلة العقود الماضية على اتخاذ مواقف جادة وداعمة للقضية الفلسطينية تتعدى التنديد والاستنكار”.
وقال لوكالتنا :” بالنسبة للتداعيات فهي ستتسبب في إلحاق حكومة الاحتلال الإسرائيلي خسائر اقتصادية كبيرة وتضاعف من فاتورة حربه على غزة بدليل ارتفاع حجم التأمين على السفن الإسرائيلي وقيام سفن بتغيير مسارات حركتها وبالتالي تضاعف تكاليف النقل بما يكبد الشركات الإسرائيلية خسائر كبيرة”.
ويعتقد المحلل اليمني أن “الإجراءات والرسائل من وراءها قد وصلت ومنها أن القوات اليمنية التابعة لصنعاء قادرة على التأثير في المنطقة وأن قدراتها العسكرية في تنامي مستمر”.
وبالنسبة لردة الفعل تجاه ما حدث، يتوقع الحنبصي أن تكون دبلوماسية بصورة بحتة وهو ما بدى واضحا من خلال التحركات التي يجريها المبعوث الأممي والتقاءه بمسؤول في الاتحاد الأوروبي لتحريك مسألة الهدنة في اليمن بغية إشغال اليمنيين بمسالة إنهاء العدوان وتقديم تعهدات وتنازلات كبيرة لصنعاء مقابل تخليها عن التصعيد مع غزة”.
وحول رؤية البعض أن التحركات اليمنية أو الحوثية تأتي بتعليمات إيرانية وتخدم مصالح إيران، أكد المحلل اليمني أن” إيران كانت ولا زالت هي الشماعة التي يحاول البعض من خلالها التقليل من قدرات اليمنيين وتحكمهم بالقرار السيادي، لافتا إلي أنه “إذا كانت حماس اليوم من وجهة نظر المناهضين لمحور المقاومة تابعة لإيران فهذا يدل على أن شماعة إيران حاضرة في أي معركة يحاول البعض التهرب من التزاماتهم وواجبهم تجاهها”.