قراءة في الانتخابات البلدية..تركيا تهرب من ظل أردوغان

اعتبر خبير أمريكي أن الانتخابات البلدية الأخيرة في تركيا شكلت تحوّلًا محوريًّا بعيدًا من المشهد السياسي الاستقطابي الذي تهيمن عليه المشاعر المؤيّدة والمعارِضة لأردوغان.

وبحسب دراسة لمعهد كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط ففي 31 آذار/مارس، عانى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، من أسوأ أداء له منذ دخوله الساحة السياسية في عام 2002. فقد نال الحزب 35 في المئة فقط من الأصوات في الانتخابات المحلية، فيما حصد حزب الشعب الجمهوري، وهو الحزب المعارض الأساسي، 38 في المئة من الأصوات على صعيد البلاد وحقّق النصر في المدن الرئيسة مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير وبورصة، وهي أفضل نتيجة يسجّلها الحزب منذ عام 1977.

ويري إمري كاليسكان وهو زميل باحث في كلية بلافاتنيك للشؤون الحكومية، جامعة أكسفورد الأمريكية أن نتائج الانتخابات تعكس تغييرًا أوسع نطاقًا في السياسة التركية التي تضيق مساحتها بصورة متزايدة منذ الاستفتاء الدستوري في عام 2017.

وأشار الباحث إلي أن الاستفتاء، الذي أدي لانتقال تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ساهم في تيسير الترسيخ الكامل لسيطرة أردوغان على المرتكزات الأساسية للحوكمة، وهي السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والقضاء والإعلام، وفي تبديل المشهد الديمقراطي في البلاد. وأُرغِم البرلمان، الذي بات دوره يقتصر بصورة أساسية على الموافقة على الموازنة، على التخلّي عن أدواره التقليدية في صنع القرار وصوغ السياسات.

منذ هذا التحوّل نحو حكم الرجل الواحد في تركيا، جرى تأطير الانتخابات إلى حد كبير على أنها معارك بين القوى الموالية والمعارضة لأردوغان. على سبيل المثال، في انتخابات 2018، شكّل حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان وحزب الحركة القومية تحالف الجمهور.

 أما أحزاب المعارضة، التي تتألف غالبيتها من مسؤولين تنفيذيين ينتمون إلى أحزاب يمين الوسط والأحزاب القومية التي اصطفّت سابقًا إلى جانب أردوغان في السياسة، فقد شكّلت معًا التحالف الوطني، وكانت معارضتها لأردوغان القاسم المشترك الوحيد بينها. وقد أدّى هذا الاصطفاف إلى ابتعاد حزب الشعب الجمهوري عن مبادئه التأسيسية القائمة على الديمقراطية الاجتماعية، وربما كلّفه خسارة أصوات في الانتخابات.

الأزمة الاقتصادية

على الرغم من التدنّي الكبير في نسبة الاقتراع وعدم التصويت مباشرةً لأردوغان في صناديق الاقتراع، أدّت انتخابات 31 آذار/مارس إلى تبديل هذا الاتجاه. فقد ابتعد الناخبون عن الخطاب المنقسم بين موالٍ لأردوغان ومعارض له، معربين عن استيائهم من حزب العدالة والتنمية وأسلوبه في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. في آذار/مارس، ارتفع معدل التضخم في تركيا إلى 68.5 في المئة، وقد أرجع ناخبون كثر الأمر إلى السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي اتّبعها الرئيس أردوغان.

وبدّلت مدنٌ كانت تقليديًّا معاقل لحزب العدالة والتنمية، مثل بورصة وبالق أسير وعشاق وأديامان، ولاءها فتحوّلت نحو تأييد حزب الشعب الجمهوري. وكذلك أبدت مناطق محافظة مثل أسكودار في إسطنبول وكيشيورين في أنقرة تفضيلها لحزب الشعب الجمهوري. وهذا يشير إلى أن المسائل الاقتصادية، وليس الدعم الثابت لأردوغان أو معارضته، هي التي أثّرت في قرار الناخبين.

علاوةً على ذلك، فإن الأحزاب المعروفة بخطابها القومي، مثل حزب الحركة القومية، وحزب الجيد، وحزب الظفر المناهض للهجرة، خسرت أيضًا الدعم خلال هذه الانتخابات. يدّل هذا التحوّل على تراجع انجذاب الناخبين إلى السياسات القومية والخطاب القومي التي لطالما روّجت لها حكومة أردوغان.

 وتجدر الإشارة إلى أن حزب الشعب الجمهوري، وهو الحزب المعارض الأساسي، تجنّب عمدًا الخطاب الشعبوي المناهض للهجرة في الفترة التي سبقت الانتخابات المحلية. ونظرًا لأن تركيا تستضيف نحو 4 ملايين لاجئ، يشير ابتعاد الناخبين عن الأحزاب القومية إلى رغبة أوسع في التغيير.

التطبيع التركي مع إسرائيل

نال حزب الرفاه الجديد، وهو حزب إسلامي في تركيا، أكثر من 6 في المئة من الأصوات، مستحوذًا بذلك على جزء من القاعدة المحافظة لحزب العدالة والتنمية. وقد حقّق ذلك من خلال جملة خطوات منها انتقاد السياسات الحكومية تجاه إسرائيل: فعلى الرغم من الانتقادات العلنية التي وجّهها أردوغان للممارسات الإسرائيلية في غزة، أبقت تركيا على حجم كبير من التبادلات التجارية مع إسرائيل، وبلغت قيمة صادرات السلع التركية إليها 319 مليون دولار أميركي.

هذا فضلًا عن أن جزءًا كبيرًا من عمليات التصدير هذه تولّاه أعضاء الجمعية المستقلة للصناعيين ورجال الأعمال، وهي منظمة مؤلّفة من رجال أعمال مسلمين لديهم تحالفٌ وثيق مع أردوغان.

يُتوقَّع أن يستمر تأثير أردوغان في السياسة التركية، نظرًا لسيطرة حزبه الواسعة على وسائل الإعلام. ولكن نتائج الانتخابات الأخيرة تكشف عن مزاج عام من التجدد السياسي يمتدّ أبعد من المستويين المحلي والبلدي.

 وبما أن حكم أردوغان الذي يزداد سلطويّةً تسبّب بخنق المشاركة السياسية، فإن الانتخابات هي مؤشّر واعد على مستقبل الديمقراطية التركية. وفيما يزداد الناخبون تململًا من أردوغان ومن الاستقطاب في السياسة التركية، قد تتقلص سلطة حزب العدالة والتنمية أكثر فأكثر، ما يمهّد الطريق لعودة محتملة إلى النظام البرلماني.

في ظل التوترات الحالية..هل تتغير خريطة النفوذ العسكري بسوريا ؟

مع دخول الأزمة السورية عامها الـ 14 دون بوادر عن حل سياسي ينهي معاناة السوريين، يبدو أن التوترات العسكرية ستكون حاضرة بقوة خلال الأيام المقبلة خاصة في ظل وجود تصعيد على مختلف نقاط التماس داخل الأراضي السورية.

وبحسب خبراء فإن الأزمة السورية لن تشهد جديدا خلال الفترة المقبلة في ظل ارتضاء القوى الفاعلة بمسار الأوضاع الحالي ولكن قد تشهد تغيير حال وجود تغيير في الإدارة الأمريكية وبالتحديد حال عودة دونالد ترامب لرئاسة أمريكا في الانتخابات المقررة قبل نهاية العام الجاري.

على الصعيد الميداني، أعلنت هيئة تحرير الشام التي تسيطر على مقاليد الأمور بإدلب أن عناصرها تصدوا الثلاثاء 19 آذار لمحاولة تسلل نفذتها قوات النظام السوري مدعومة بمجموعة من ميليشيا “حزب الله” اللبناني، على محور كفرعمة بريف حلب الغربي.

كما مناطق متفرقة في ريفي حلب وإدلب تبادل القصف المدفعي والصاروخي بين الفصائل الموالية لتركيا والقوات الحكومية، وسط تسجيل قتلى وجرحى بصفوف القوات المتسللة.

وفي سياق آخر أعلنت قوات “جبهة الأكراد”، صد محاولة تسلل للفصائل الموالية لتركيا، في قرية البويهج غربي منبج بريف حلب، دون الإعلان عن قتلى.

بالتزامن تلك التطورات، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الثلاثاء، هجمات صاروخية استهدفت ضرب المستودعات الاستراتيجية في سوريا، التي تضم كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر في محيط العاصمة دمشق.

جمود رغم التصعيد

 وقال فراس قصاص رئيس حزب الحداثة و الديمقراطية السورية‏ في تصريحات هاتفية لـ “ألشمس نيوز” إن التوترات الميدانية التي تشهدها الساحة السورية من الصعب أن تقود لحدوث أي تغيير مهم في توزع مراكز ومعادلات القوة على الأرض السورية.

ويري قصاص أن ما يحصل من تصعيد في نقاط التماس المختلفة هو في الإطار الطبيعي الذي لا يسمح باشتعال صراع وحسمه لمصلحة اي طرف ، كما إن ما يحدث سواء من ناحية الغارات الإسرائيلية على دمشق وسواها أو من تصعيد متقطع على عموم نقاط التماس بين معادلات القوى العسكرية في سورية الا استمرارا و ثباتا للإيقاع ذاته الذي لم يزل سائدا منذ بداية فترة إدارة بايدن في الولايات المتحدة و زيادة حدة الاستقطاب الدولي بعد الغزو الروسي لاوكرانيا  ثانيا وما يعنيه ذلك من غياب مفاعيل الحسم في الوضع السوري .

ويعتقد رئيس حزب الحداثة و الديمقراطية أن الأزمة السورية ستظل في حالة من شبه الجمود في إطارها العام رغم وجود اختلالات عنفية متقطعة ومستمرة في مساحات التماس المختلفة ولكنها غير كافية  لإحداث إعادة تموضع جديد لخرائط القوة في سورية ولا لدفعها نحو الاستقرار والهدوء الشامل ، وهو أمر مرشح للإستمرار حتى حدوث تغيير  كبير في القوي الفاعلة في الصراع السوري وهو ما يمكن حدوثه حال عودة ترامب للبيت الأبيض بالولايات المتحدة وتداعيات ذلك على الحرب الروسية الأوكرانية و على غيرها من الملفات التي تخص سوريا وتتاثر بها أوضاعها .

وحذر قصاص من  إمكانية استغلال بعض الأطراف المنخرطة في الشأن السوري فترة القيود التقليدية التي تعانيها السياسة الخارجية الامريكية  في الفترة الزمنية التي تسبق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وبالتالي محاولة المضي قدما في توسيع مناطق نفوذها على الارض أو البداية في التحضير لذلك على الأقل.

توترات لم تتوقف

من جانبه، قال شكري شيخاني رئيس التيار السوري الإصلاحي وعضو مجلس الرئاسة في مجلس سوريا الديمقراطية في تصريحات خاصة لـ”الشمس نيوز”إن الاحداث بسوريا لم تتوقف منذ 15 من اذار 2011 حتى الأن، لافتا إلي أن التوترات وإن خفتت قليلا في بعض المحافظات لكنها كانت تتصاعد بمحافظات أخرى.

وأشار إلي أن السويداء تشهد منذ ما يقارب 7 أشهر حراك سياسي وشعبي متوهج، كما بدأت الأوضاع تتصاعد بالقنيطرة ودرعا وهناك مواجهات مع النظام والسلطه الحاكمة في دمشق.

 وبالنسبة للأوضاع في إدلب، يعتقد رئيس التيار السوري الإصلاحي أن ما يجري من قبل المرتزقة مع قوات النظام جزء من عمليات التصعيد التي تخفت بعض الأحيان  وتتوهج في أخري، لافتا إلي أن الوضع الحالي مهيئ لتصعيد أكبر وربما يكون على أكثر من جهة .

وشدد على أن ما تقوم به قسد تجاه محاولات الميليشيات المدعومة من تركيا للهجوم على أطراف منبج هو لحفظ امان واستقرار كافة السكان المتواجدين في المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية، محذرا من أن الأمور قد تأخذ منحى أخر حال لم يتم لجم هذه الفصائل.

حروب في كل مكان..هل نحن على أبواب شرق أوسط جديد ؟

تطورات متسارعة يشهدها الشرق الأوسط في ظل اشتعال عدة نقاط ساخنة بالمنطقة تؤشر على مزيد من التوتر بالإقليم خاصة بعد إعلان وزير خارجية أمريكا أن الحرب في غزة قد تتطور لحرب إقليمية..فماذا ينتظر الشرق الأوسط وهل نحن على أبواب حربا إقليمية تحرق ما تبقي من دول المنطقة ؟

واعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في قمة دافوس الأربعاء 17 كانون الثاني الجاري أن هناك فرصة كبيرة لامتداد الحرب في غزة إلى أنحاء الشرق الأوسط.

وتزامنت تصريحات بلينكن مع اشتباكات عسكرية وعمليات قصف متبادل على الحدود الإيرانية الباكستانية بعد قيام طهران باستهداف معارضين داخل أراضي إسلام أباد وهو ما ردت عليه الأخيرة بالمثل.

كما اشتعلت الأوضاع في اليمن ، حيث أعلن الجيش الأمريكي في بيان، الأربعاء 24 يناير/كانون الثاني 2024، إنه نفَّذ ضربتين أخريين في اليمن، ودمَّر صاروخين مضادين للسفن أطلقهما الحوثيين، كانا موجَّهين نحو البحر الأحمر وكانا يستعدان للانطلاق.

 كما أعلنت بريطانيا في بيان مشترك إن 24 دولة من بينها الولايات المتحدة وألمانيا وأستراليا، نفذت مزيداً من الضربات على ثمانية أهداف في مناطق يسيطر عليها الحوثيين في اليمن.

وفي العراق، تتواصل الهجمات المتبادلة بين ما يعرف بفصائل المقاومة والتحالف حيث أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأربعاء 24 يناير كانون الثاني إن القوات الأميركية نفذت ضربات ضرورية ومتناسبة على ثلاث منشآت تستخدمها كتائب حزب الله وغيرها من الجماعات المرتبطة بإيران في العراق التي استهدفت في وقت سابق قواعد أمريكية داخل العراق.

وفي سوريا تتواصل هجمات الاحتلال التركي على مناطق شمال شرق سوريا دون موقف دولي واضح.

ويأت كل هذا في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي اندلعت أحداثها منذ السابع من أكتوبر الماضي والصراع المسلح في السودان المشتعل منذ 15 أبريل الماضي.

بالتزامن مع حالة من الهياج العسكري التي تجتاح الشرق الأوسط، حرك علماء الذرة، الثلاثاء 23 يناير/كانون الثاني 2024،  عقارب “ساعة يوم القيامة” الرمزية لتصبح عند 90 ثانية فقط قبل منتصف الليل، والذي يعني وصولها إليه نشوب حرب نووية تُفني البشرية.

شرق أوسط جديد

وتري الباحثة السياسية د.صالحة علام أن المنطقة تعيش فترة من أصعب الفترات في تاريخها المعاصر، تشبه إلى حد بعيد ما سبق وأن مرت به في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تلك الفترة التي أسفرت عن تقسيمها واحتلال بلدانها.

وقالت لوكالتنا ” التطابق بين الفترتين يرتكز على نقطة هامة ألا وهي أن تطورات المنطقة تتقاطع بصورة مباشرة مع المصالح الخاصة لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، مما يرجح إمكانية إتساع نطاق الحرب الدائرة حاليا لتتخطى حدودها غزة، واليمن، ولبنان لنشهد دخول دول جديدة في هذه الدائرة الجهنمية”.

وتعتقد الكاتبة المصرية أن” المنطقة أمام وضع جديد في المنطقة يتجاوز في مجمله حدود دائرة القضية الفلسطينية، خاصة وأن هذا من شأنه وقف كافة عمليات تطبيع العلاقات التي تشهدها المنطقة منذ فترة، الذي قد يكون أحد الأهداف لها بل أن الأمر قد يتطور إلى تعليق عملية التطبيع بين إسرائيل والسعودية، بالإضافة لانعكاسات ذلك السلبية على مسار العلاقات التي باتت تربط بين إسرائيل وكل من المغرب والإمارات والبحرين وعمان”.

واعتبرت أن “فشل الجهود الأمريكية وإصرار تل أبيب على المضي قدما في عملياتها العسكرية ضد غزة، رغم الخسائر التي تتكبدها يعني إغلاق الباب ولو مؤقتا في وجه المخطط الغربي الرامي إلى إعادة تشكيل المنطقة، وإلباسها ثوب شرق أوسط جديد، أكثر استجابة وتفاعلا في تعاطيه مع النموذج الغربي اجتماعيا واقتصاديا، وهو نموذج يختلف في تركيبته عن الصورة التي تم ترويجها في أعقاب إندلاع ثورات الربيع العربي”.

تغييرات جيوسياسية

بدوره يري د.إياد المجالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة مؤتة الأردنية أن “المتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة تشكل إطارا لحالات التصعيد التي تحدث بالمنطقة خاصة في ظل تداخل الاصطفافات والتسويات القادمة والواقعية السياسية “.

وأكد لوكالتنا “الولايات المتحدة لا زالت تمسك في خيوط اللعبة وبكافة الاوراق في المنطقة والتوترات القائمة وحرب غزة تؤكد أن القطب الأوحد يُفعل توجهاته وأهدافه لمزيد من الصراع وتوسيع التوتر لخدمة مصالحها”.

وأشار إلي أن ” جل المتغيرات والتطورات بالمنطقة تزيد من السطوة الأمريكية والهيمنة الصهيوامريكية على أنماط الصراع القائم في ظل غياب قوى إقليمية مؤثرة كالصين وروسيا”.

وبحسب المجالي فإن “المتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة هي ما دعمها بلينكن في زيارته للمنطقة وأعلن فيها عن تمسك الولايات المتحدة بأهدافها حتى لو تطلب ذلك إشعال المنطقة”.

اعدامات واعتقالات..كرد إيران أينما تكونوا يدرككم القتل

كما هو الحال في أي عام آخر، كان عام 2023 عامًا صعبًا بالنسبة لأكراد إيران. بلغ الغضب الشعبي على مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني ذروته، وردت السلطات الإيرانية على جريمة القتل بتصميم وعنف كبيرين.
ومقارنة بوضع الأكراد في سوريا والعراق، فإن وضع الأكراد في إيران يبدو قاتما. وعلى نحو مماثل تقريبًا للوضع في شمال شرق سوريا، شوهد الأكراد الإيرانيون وهم يُشنقون في الساحات العامة.
وبحسب تقارير حقوقية، فقد تم إعدام 151 مدنياً كردياً في عام 2023، واعتقال 1025 آخرين، كما قُتل 20 كردياً في السجون، بينهم ثمانية تحت التعذيب.
وبحسب التقرير النهائي لعام 2023 لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية هنغاو، قُتل 41 حمّالاً كردياً أثناء بحثهم عن الطعام لأطفالهم، وأصيب 292 آخرون.
وبحسب التقرير، فقد تم في عام 2023 تقديم 225 مواطناً كردياً للمحاكمة لأسباب مختلفة، حكم على سبعة منهم بالإعدام، وحكم على الباقين بالجلد والسجن.
وبحسب إحصائيات هنغاو، فإن 40% من النشطاء الذين حكم عليهم النظام القضائي الإيراني بالسجن والجلد والحرمان الاجتماعي عام 2023 هم من الأكراد.

ملاحقة الأكراد في الخارج
إيران لا تسيء معاملة الأكراد في الداخل فحسب، بل تضطهد الأكراد في الخارج أيضًا.
ووفقاً للتقارير، فإن العديد من أحزاب المعارضة الكردية الإيرانية المنتمية إلى مناطق كردستان الإيرانية مثل محافظات كردستان وكرمنشاه وإيلام تنشط في إقليم كردستان، وقد نجت من قمع السلطات الإيرانية.
تشمل الأحزاب السياسية الإيرانية الموجودة في كردستان العراق الحزب الديمقراطي الكردستاني (حداك)، والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، ومجموعة الدعوة والإصلاح، وحزب الحرية الكردستاني (PAC)، وحزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK)، وهبارت. حزب. و كومالا.
وفي نهاية أغسطس/آب من العام الماضي، أعلنت إيران أنها توصلت إلى اتفاق مع العراق لنزع سلاح الجماعات الكردية المعارضة لنظام الملالي وسحبها من كردستان.
ووفقا للإتفاق الذي جاء بعد تهديد إيراني بتوسيع عملياتها العسكرية داخل العراق، أعلن حرس الحدود العراقي، عن بناء أكثر من 100 برج مراقبة على حدود إقليم كردستان العراق مع إيران.
ومطلع سبتمبر الماضي، أعلن قائد عسكري رفيع في الحرس الثوري الإيراني، أن أمام العراق عشرة أيام فقط لنزع سلاح الجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة في إقليم كوردستان، ملمحاً إلى أنه في حال لم يتم ذلك فإن طهران ستعود مجدداً لاستهداف هذه الجماعات.
وعلى إثر التهديدات الإيرانية، طالب الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني، في بيان له بتاريخ 9 سبتمبر الماضي المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان بالتدخل بقوة لمنع أي هجوم عسكري قد تشنه ايران على اللاجئين الكرد الإيرانيين على أراضي إقليم كردستان.
وكشف بيان الحزب أن إيران قامت خلال العقود الثلاثة الماضية باغتيال مئات اللاجئين والناشطين السياسيين الكردستانيين الإيرانيين على أرض الإقليم وفجرت القنابل على نشاطات الشباب والأطفال وفي السنوات الأربع الماضية شنت العديد من الهجمات بالصواريخ والمسيرات على المخيمات الخاصة باللاجئين السياسيين الكردستانيين الإيرانيين مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين واللاجئين وإصابة آخرين.

صراع طويل
من جانبه، كشف الناشط والأكاديمي الإيراني ذوي الأصول الكردية سوران خدري عن عدم وجود قيادات كردية داخل إيران نتيجة السياسة القمعية التي ينتهجها نظام الملالي، مشيرا في الوقت نفسه إلي وجود أعضاء كرد في المجلس الإيراني لكنهم لا يمثلون القضية الكردية إنما جزء من منظومة السياسية الإيرانية.
وأكد خدري في تصريحات خاصة لـ الشمس نيوز إن المعارضة الكردية تطالب بحقوق الكرد في سياق القانون الدولي وميثاق حقوق الإنسان، وحتي إذا لم تحصل على ما تناضل من أجله لكنها استطاعت أن تبني فكرة الهوية في الوعي الفردي الكردي.
وأشار إلي أن نضال الشعوب المضطهدة صعب ويحتاج إلى نفس طويل خاصة في زمن مصالح الدول والنظام العالمي متصلة بعضه ببعض.

الظروف الإقليمية والدولية
وحول أسباب ضعف تأثير القضية الكردية فى إيران قياسا بنظراءهم فى سوريا والعراق ، اعتبر الناشط الإيراني أن الأمر يتعلق استراتيجية الدول الأوربية ليست تغيير النظام الإيراني خاصة أن معظم المعارضة الكردية متواجدة في كردستان العراق وحكومة الإقليم لديها علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية وهو ما يضعف موقف المعارضة الكردية الإيرانية حيث لا تستطيع حالياً الوقوف ضد مصالح حكومة الإقليم.
كما يري خدري وهو باحث فى التاريخ والقانون الدولي أن القوي الإقليمية في المنطقة لا تساند أو ليس لديها خطة لمساعدة الكرد في إيران، في حين أن النظام الإيراني يستفيد من كل فوضي ومشاكل سياسية في المنطقة من أجل توسع هيمنته على المنطقة، خاصة دول الخليج.
وبحسب الناشط المقيم بلندن فإن استراتيجية الدول الأوربية ليست تغيير النظام الإيراني إنما ايجاد إصلاحات سياسية واقتصادية تتناسب مع مصالح الدول الغربية وتحافظ على توازن القوي في المنطقة بين العرب والفرس، أو بين السنة والشيعة.

دور الأحزاب الكردية
ولفت خدري إلي أن تعداد كرد إيران يقارب ١٢ مليون نسمة ويمثلون قوة ضغط على النظام ولديهم تاثير سياسي على سياسات النظام الداخلية والخارجية، معتبرا أن النظام لا يستطيع أخذ أي خطوة دون مراعاة تأثيرها على القضية الكردية.
وحول استراتيجية القوي والأحزاب الكردية، أكد الناشط أن أهم ما يجب فعله هو الحفاظ على الهوية الكردية وتعريف الذات سياسياً، معتبرا أن الأحزاب الكردية نجحت في التعبير عن القضية الكردية إلي حد ما خاصة فى ظل ضعف الإمكانيات وصعوبة الأوضاع الإقليمية وحسابات المصالح الدولية لكن رغم كل العوائق استطاعوا أن يحافظوا على القضية الكردية في اذهان الفرد الكردي وهذا فى حد ذاته انجاز كبير.
وبسؤاله، كيف ترون العام المنصرم بالنسبة للقضية الكردية في إيران، أكد خدري أن القضية الكردية في العام الماضي وصلت إلى أذهان كثير من الاشخاص حول عالم وخاصة بعد مقتل جينا آمينى أو مهسا آمينى والتي اكتسبت قضيتها شعبية وتعاطفا كبيرين حتى فى أوساط الشعوب العربية مشيرا إلي أنه رغم مأساة الحادث، ألا أنه كان له مظاهر إيجابية حيث أثبت وحدة الشعب الكردي ومدى إصرار الشعب الإيراني على تغير نظام الملالي.
وأشار إلي أن الشعب الكردي في إيران استطاع بالتعاون والتنسيق مع الشعوب الأخرى سواء البلوش، الأحوازيين العرب، تركمان، أذرىيين وغيرهم من المكونات منع النظام الإيراني من مسح الثقافات غير الفارسية بالبلاد.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

حرب باردة أم مكافحة للإرهاب..ماذا يحدث بالساحل الإفريقي؟

تحدثت تقارير صحفية أمريكية عن نوايا واشنطن إنشاء قواعد للطائرات المسيرة في عدد من مطارات الدول الأفريقية وبالتحديد في غانا وساحل العاج وبنين لملاحقة الجماعات المتشددة بالمنطقة.
وبحسب ما نشرته صحيفة وويل ستريت جورنال عن من وصفتهم بالمسءولين الأمريكيين والأفارقة فإن واشنطن تحاول بهذه الخطوة إيقاف انتشار المسلحين المتشددين في القارة الإفريقية، مشيرة إلى أن هذه المسيرات ستسمح للقوات الأميركية بمتابعة تنقلات المقاتلين وإعطاء توصيات تكتيكية للقوات المحلية أثناء إجراء عمليات قتالية، لكن مراقبون يرون أن التحرك الأمريكي يهدف بالأساس لمناكفة موسكو التي أصبحت تمتلك نفوذا واسعا بالمنطقة.
وشهدت الفترة الأخيرة تنامي النفوذ الروسي بالقارة الإفريقية خاصة بعد الانقلابات العسكرية التي شهدتها دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر والتي أطاحت بأنظمة موالية للغرب وتحديدا باريس التي كانت تمثل المصالح الغربية بإفريقيا.
وعلى خلفية الانقلاب الأخير بالنيجر أواخر يوليو الماضي اتخذت السلطات العسكرية قرارات ضد النفوذ الفرنسي بالبلاد حيث أمرت بطرد سفير باريس فى نيامي وإنهاء الوجود العسكري الفرنسي بالبلاد وهو نفس ما فعلته السلطات في بوركينا فاسو ومالي فى أوقات سابقة.
وعلى مدار عقود كانت منطقة الساحل الأفريقي بعيدة عن التجاذب الروسي الأمريكي وكانت محسوبة على فرنسا بشكل كبير ولكن بعد الانقلابات التي شهدتها المنطقة وتوسع النفوذ الروسي بها دفع الأمريكان لتغيير موقفهم والقبول بالتعامل مع الانقلابيين خاصة بالنيجر نظرا لما تمتلكه من ثروات طبيعية.
ويري مراقبون أن الخطوة الأمريكية تستهدف فى الأساس التصدي لتمدد النفوذ الروسي فى عموم القارة الأفريقية وخاصة بمنطقة الساحل والصحراء على خلفية الانقلابات التي شهدتها عدد من الدول الإفريقية مؤخرا ضد النفوذ الغربي الذي كانت تمثله فرنسا.
خنق روسيا
ويؤكد محمدن حبيب أيب الباحث في شؤون دول الساحل والصحراء والجماعات المسلحة أن “الهدف الرئيسي من التحركات الأمريكية فى دول بنين وساحل العاج وغانا هو التواجد قرب مناطق النفوذ الروسي خاصة مع انتشار فاغنر بدول مالي وبوركينا فاسو والنيجر”.
وقال حبيب لوكالتنا “الأمر لا علاقة له بمكافحة الإرهاب خاصة أن الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة يتجاور عشر سنوات توسعت فيها قدرات الجماعات الإرهابية بشكل كبير”.
ويشير حبيب وهو باحث موريتاني مقيم في العاصمة المالية باماكو إلي أن “رغبة أمريكا فى التواجد بالمنطقة هدفه الرئيسي شد الخناق على الوجود الروسي الذى بات واقعيا بدول مالي وبوركينا فاسو والنيجر خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن توجه روسيا لإقامة 4 قواعد عسكرية وعقد شراكة اقتصادية لبناء أكبر معمل لتنقية الذهب فى مالي، فضلا عن تولي ضباط روس عملية التأمين والحماية الشخصية لإبراهيم تراووي زعيم بوركينا فاسو، كما يجري الحديث عن تولي فاغنر أعمال أمنية فى النيجر أيضا”.
وبحسب الباحث “تستهدف الولايات المتحدة نشر طائرات مسيرة فى دولة بنين المحاذية للنيجر، إضافة لساحل العاج التي تقع على خط التماس مع مالي، فضلا غانا التي لها حدود مع بوركينا فاسو”.
واعتبر حبيب أن “الوجود الأمريكي بمنطقة الساحل الأفريقي هو وجود احتكاك كما يحدث في أوروبا الشرقية ويشبه لحد كبير ساحة صراع حرب باردة عنوانها منطقة الساحل والصحراء”.

تعاون عسكري
واتفق معه فى الرأي يعقوب الباحث الشؤون الأمريكية مؤكدا أن “واشنطن تعمل على التنسيق مع دول غانا وبنين وساحل العاج من أجل قطع الطريق على روسيا التي أصبح لها نفوذ واسع بالمنطقة”.
وقال يعقوب لوكالتنا “الولايات المتحدة تحاول أيضا عبر هذه التحركات أن تجد موطىء قدم لها بمنطقة الساحل وأن تتمكن من تعقب الجماعات المسلحة المنتشرة بالمنطقة وتوفير فضاء أمنيا لها لاستهداف هذه الجماعات”.
وأشار يعقوب إلي أن “الولايات المتحدة غابت كثيرا عن منطقة الساحل وعن الاهتمام بإفريقيا بشكل كبير وهو ما تسبب فى نفوذ روسي وصيني كبير بالمنطقة وأصبح هناك مصالح عسكرية واقتصادية كبيرة لموسكو وبكين مع دول الساحل ودول الغرب الأفريقي خاصة بعد تراجع النفوذ الفرنسي بالمنطقة”.

وأكد أن “أمريكا تخطط لعقد اتفاقيات عسكرية واقتصادية وتقديم دعم مادي وعسكري لهذه الدول من أجل إبعادها عن روسيا العدو اللدود لواشنطن خوفا من تمدد نفوذ موسكو بالمنطقة الأفريقية التي بدأت تخرج تدريجيا من النفوذ الغربي لصالح روسيا وهو ما ترفضه واشنطن بشكل كامل”.
وبحسب يعقوب فإن “هناك حربا باردة جدا بين أمريكا وروسيا بالساحل الأفريقي حيث يسعي الطرفان للبحث عن ولاءات الأنظمة التي وصلت لسدة الحكم عبر انقلابات، وواشنطن من جانبها تريد تحييد هذه الدول عن روسيا لتصبح الوريث الشرعي والحليف الرسمي لهذه الدول خلفا لفرنسا التي أطاحت الانقلابات الأخيرة بمصالحها ونفوذها”.

استهداف فاغنر
بدوره، يري د.عمرو الديب خبير الشؤون الروسية أن “المفاوضات الأمريكية مع دول بنين وغانا وساحل العاج بمثابة خطوة موجهة لوجود فاغنر في هذه المنطقة”.
واستبعد الديب في تصريحات لـ وكالتنا أي احتمالية لحدوث مواجهات بين الولايات المتحدة وروسيا فى تلك المنطقة مؤكدا أن هذه الأمور ما هي إلا نوع من الضغوط المتبادلة بين الطرفين”.
كما “استبعد خبير الشؤون الروسية لجوء موسكو لاتخاذ أى موقف ردا على التحركات الأمريكية معتبر أن أى موقف روسي قد يكلّفها الكثير، خاصة أن روسيا لا تستطيع أن تبسط سيطرتها على دولا فريقية أخرى”.
ويرى الديب أن “الوجود الروسي يقتصر على دول مقسمة و بها حروب أهلية ولا تتواجد موسكو في أي دولة بها حكومة موحدة وجيش موحد”.
ووصف خبير الشؤون الروسية ” التحرك الأمريكي بالساحل الأفريقي بأنه موجة جديدة من الحرب الباردة”.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

لهذا رفضته تركيا ..ماذا تريد أثيوبيا من مذكرة التفاهم مع أرض الصومال ؟

أثارت مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال “غير المعترف به دوليا” لإنشاء ميناء تجاري وقاعدة عسكرية في مدخل البحر الأحمر حالة من الجدل والرفض الدولي.
وفي الأول من يناير الجاري، وقع رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، اتفاقاً مبدئياً مع زعيم أرض الصومال، موسى بيحي عبدي، تحصل بموجبه إثيوبيا على منفذ على البحر الأحمر بطول 20 كلم لمدة 50 عاماً، يضم ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسمياً بأرض الصومال جمهورية مستقلة.
وبموجب هذه المذكرة ستحصل إثيوبيا على أول منفذ بحري في البحر الأحمر، كما ستكون إثيوبيا أول دولة اعترفت بأرض الصومال دولة مستقلة.
وأثار الاتفاق احتجاج الحكومة الصومالية، التي اتهمت نظيرتها الإثيوبية بانتهاك سيادتها ووحدة أراضيها، واستدعت سفيرها في أديس أبابا للتشاور.كما انتقدت
دولة ومنظمة دولية الاتفاق المقترح بين إثيوبيا وأرض الصومال، حيث شددت الولايات المتحدة على ضرورة احترام سيادة الصومال وسلامة أراضيه، واعترف الاتحاد الأوروبي بأن احترام سيادة الصومال هو مفتاح السلام في القرن الأفريقي.
دعا الاتحاد الأفريقي إلى الهدوء والاحترام المتبادل للحد من التوترات المتزايدة بين إثيوبيا والصومال. كما أصدرت مصر وتركيا وكينيا ودول أخرى بيانات تحذر من مخاطر الخطوة الإثيوبية.

الحلم الإثيوبي
تري د.فريدة البنداري أنه لطالما احتل الوصول إلى البحر مكانة مركزية في الوجدان الإثيوبي المرتبط بالمجد الإمبراطوري، ولا سيما بعد استقلال إريتريا عام 1993 الذي حوّل اثيوبيا المستعمرة إلى أكبر الدول الحبيسة في أفريقيا. ووصولها عبر الصومال أو غيرها من دول الجوار الساحلية تتسق مع تركيزها على تفعيل “دبلوماسية الموانئ” لتجاوز كونها دولة حبيسة، ولضمان التقدم الاقتصادي لإثيوبيا.
وقالت لوكالتنا :” عليه نستطيع أن نصف هذا الاتفاق بين اثيوبيا وأرض الصومال، خطوة لإحياء الحلم الاثيوبي المتعلق بالتواجد على ساحل البحر الأحمر، وإعادة هندسة المنطقة من خلال وضع قواعد جديدة للعبة الإقليمية، وأخيرا سيخلق هذا الاتفاق فصلًا جديدًا في سلسلة الأزمات الإقليمية المعقدة التي تشهدها المنطقة على مدار السنوات الماضية.
وبحسب الباحثة فإن امتلاك اثيوبيا منفذ بحري من خلال الصومال الذي يملك واحداً من أطول سواحل القارة الأفريقية، وهو الساحل الذي يُقدَّر بنحو (3025) كم، كما يمتلك العديد من الموانئ المؤثرة، سواء على خليج عدن، من قبيل بوصاصو وبربرة، أو على المحيط الهندي من قبيل (كسمايو، وميركا، وهوبيو) سوف يعيدها لمجدها الامبراطوري القديم، محاولة اثيوبيا من خلال هذا الوجود الساحلي تعزيز مساعيها الرامية لبسط نفوذه وسيطرتها على منافذ القرن الافريقي .
وتابعت : ومن شأن امتلاك إثيوبيا ميناءً بحرياً على ساحل الصومال البحري أن يخفض تكاليف شحن الورادات خاصة بعد ارتفاعه جراء ازمتي كورونا والحرب الأوكرانية الروسية . وربما ستخسر ميناء جيبوتي ما كانت تدفعه أثيوبيا بما يقدر بنحو مليارَيْ دولار سنوياً ، مقابل اعتماد اثيوبيا بشكل رئيسي في حركة تجارتها الدولية.
التأثيرات الإقليمية
أما عن التأثيرات الإقليمية فتؤكد خبيرة الشؤون الإفريقية أن مصر، ‏‎اعتبرت أن تزايد ما سمته بـ”التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية، الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها”، تقوض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها .
وعلي جانب حكومة الصومال وصفت الاتفاق بأنه عمل “عدواني”، وبدأت اتصالات مع الدول المتضررة مثلها، في المقابل صرح رئيس إقليم أرض الصومال موسى بيحي خلال الخطاب الذي ألقاه بماسبة الاتفاق ” أن جمهورية إثيوبيا الفيدرالية ستصبح أول دولة أفريقية تعترف رسميًا بجمهورية أرض الصومال. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم جمهورية أرض الصومال بتأجير 20 كيلومترًا من البحر لإثيوبيا إلى جانب إستخدامها لميناء بربرة.
وتضيف البنداري : على الجانب المصري يستند رفض مصر للاتفاقية إلى أنها تخالف أبسط أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي التي تنص على احترام سيادة الدول، كما ان مصر حريصة منذ تسعينيات القرن الماضي على رفض دعم الكيانات الانفصالية في أفريقيا، حتى لا تفتح الباب أمام الكيانات الأخرى في اليمن ونيجيريا والصومال”. وعليه فإن المشكلة تكمن في الاعتراف بأرض الصومال، والتعامل معها بشكل منفرد بعيدا عن السلطة المركزية الصومالية، مما يعني تهديدا لدولة الصومال، وهي دولة ذات موقع جيوسياسي مهم، بإطلالتها على مضيق باب المندب والمحيط الهندي وخليج عدن.
– في سياق مواز لتأثير المجتمع الدولي المنشغل بحرب الكيان الصهيوني على فلسطين وتبعاتها في المحيط الإقليمي بما في ذلك التوترات المتنامية في إقليم البحر الأحمر خاصة من قبل جماعة الحوثي اليمنية. لهذا يمثل هذا الاتفاق تحديًّا دبلوماسيًّا في القرن الأفريقي، في ضوء المنافسات الدولية على المنطقة من أجل حماية مصالحها الاستراتيجية، فهناك دول تمتلك استثمارات ضخمة في المنطقة مثل الصين وتركيا كمستثمرين رئيسيين في مجال الموانئ البحرية والبنى التحتية، الأمر الذي يسهم في تعقيد المشهد الإقليمي خلال الفترة المقبلة في ضوء تضارب المصالح الإقليمية والدولية إزاء توقيع الاتفاق الإثيوبي مع “أرض الصومال”.

زلزال جيوسياسي

ووصف د.حمدي عبد الرحمن خبير الشؤون الإفريقية الاتفاق بأنه “زلزال جيو سياسي فى منطقة القرن الأفريقي لأنه يعيد تشكيل خريطة القوي الإقليمية بالمنطقة الأفريقية ومنطقة البحر الأحمر”.
وقالت لوكالتنا ” بحسب الاتفاق فإن أثيوبيا ستكون قوة بحرية تستطيع أن تصل لخليج عدن ومنطقة البحر الأحمر وبالتالي يؤثر ذلك على مجلس الدول العربية والإفريقية لدول البحر الأحمر الذي يضم 8 دول بينها السعودية والأردن واليمن والصومال”.
وتابع : “كما يؤثر الاتفاق على العلاقة المتوترة من الأساس بين أثيوبيا وكثير من الدول بالمنطقة خاصة الصومال التي أصدرت قانون يمنع التنازل عن أي جزء من أراضيها وتعتبر الإتفاق لاغي وباطل”.
ويعتقد خبير الشؤون الإفريقية أن “الخطوة الإثيوبية غير المسبوقة مع أرض الصومال ستزيد من حالة الارتباك الإستراتيجي التي تشهدها المنطقة خاصة أن أديس أبابا بموجب الإتفاق ستصبح أول دولة تعترف باستقلال جمهورية أرض الصومال فى الوقت الذي مازال المجتمع الدولي يقبل بفكرة وحدة الصومال وسيادته وحتى الاتحاد الأفريقي نفسه”.
وأشار إلي أن “إثيوبيا تريد من الاتفاق الحصول على قاعدة عسكرية ومرفأ فى أرض الصومال ما يخل بالتوازن مع إريتريا التي تحتفظ بعلاقات متوترة مع أديس أبابا بفعل ما يحدث فى توترات إقليم أمهرة وأوروميا الأثيوبيين”.
كما يري بد الرحمن أن “الاتفاق تسبب فى عمل ارتباك استراتيجي فى المنطقة خاصة فى ظل التوترات بين مصر وأثيوبيا عقب تعليق مفاوضات سد النهضة التي وصلت لطريق مسدود” .

تحديات تواجه الاتفاق
وبحسب خبير الشؤون الإفريقية فإن “هناك تحديات كبيرة تواجه الاتفاق خاصة أن جمهورية أرض الصومال بها خلافات داخلية كبيرة وهناك توترات سياسية يشهدها إقليم صول منذ نهاية عام 2022 حيث تريد القبيلة التي تقطن الإقليم أن تُكون إدارة ذاتية تحت حكم مقديشيو وترفض الانضواء تحت حكم أرض الصومال وما يزيد التوتر بالإقليم”.
وتابع : “من العوائق الداخلية أيضا أن رئيس أرض الصومال موسي بيحي عبده تجاوز فترته الرئاسية وهناك غضب من بقاءه فى السلطة ولهذا ينظر عبده لهذا الاتفاق كأنه قبلة الحياة الذي تزيد من قوته التفاوضية أمام خصومه السياسيين”.
وختم تصريحاته بالتأكيد على أن “الأزمة الكبري فى مذكرة التفاهم الأثيوبية مع أرض الصومال هو اعتراف أديس أبابا باستقلال أرض الصومال وهو ما وضع المنطقة أمام أزمة الجميع في غني عنها لأنها قد تفتح المجال واسعا للحركات الإرهابية ويعرقل جهود القوي الكبري فى محاربة الإرهاب بمنطقة القرن الإفريقي وخليج عدن وهو ما يبرر الموقف الغربي الرافض للاتفاق”.

إلي أين تتجه الأوضاع في غزة بعد قرابة 100 يوم من الحرب..خبراء يجيبون

بينما كانت جهود الوساطة تتوالي لإعلان هدنة جديدة وصفقة تبادل أسري بين إسرائيل وحماس، جاء اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قصف إسرائيل على لبنان ليوقف كل جهود السلام ويعيد الحرب لنقطة الصفر بعد مرور قرابة 100 يوم على اندلاعها.

واغتالت إسرائيل صالح العاروري القيادي بحركة حماس و6 من رفاقه الثلاثاء 2 كانون الثاني، في شقة بالعاصمة اللبنانية بيروت.
وجاء اغتيال العاروري بعد التحذير الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من أن إسرائيل ستعمل ضد قادة حماس أينما كانوا.
واُثارت عملية الاغتيال التي وقعت فى لبنان وتحديدا في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تمثل أحد معاقل حزب الله مخاوف من تطور الصراع لحرب إقليمية خاصة أن العاروري كان يمثل وفق مراقبين حلقة الوصل بين حماس والحزب وإيران.
كما تأت حادثة اغتيال العاروري وستة آخرين، من بينهم اثنان من القادة العسكريين في حماس، في وقت يتصاعد فيه التوتر على جبهات أخرى، بما في ذلك ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر، حيث يهاجم الحوثيون المدعومون من إيران السفن التي يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل.
وبحسب مراقبون فإن الحرب لن تنتهي قريبا خاصة فى ظل عدم وجود رغبة حقيقة من الجانب الإسرائيلي بإنهاءها نظرا للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ 7 أكتوبر.
الحرب مستمرة
وتري ياسمين حلمي العايدي الباحثة فى الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية أن “الحرب في غزة مستمرة ولن تنتهي في الأمد القريب لأن نتنياهو يؤجج الوضع الأمني لبقائه في السلطة بإسرائيل وفتح جبهة الشمال مع لبنان والدليل على ذلك زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي لجبهة الشمال و تعبئة القوات لخوض حرب مع لبنان لتغطية فشلهم في التوغل في غزة و السيطرة على خانيونس “.


وقالت لوكالتنا “مسلسل الاغتيالات لقيادات المقاومة الفلسطينية لن ينتهي في ظل نشاط كبير للموساد الإسرائيلي وتعاونه مع اللوبي الصهيوني في العالم الغربي ومحاولة حكومة نتنياهو استمالة الشارع الإسرائيلي وعموم اليهود بأنهم يحققون أهدافهم بتصفية قيادات حماس”.
وأكدت أن “اغتيال العاروري هو البداية كما أكد رئيس الموساد الإسرائيلي لافتة إلي أن إسرائيل تتفاخر بأنها قامت بإنجاز كبير باغتيال العاروري ووزعت الشرطة الإسرائيلية الحلوى على المستوطنين اليهود احتفالا باستهدافه “.
وأشارت ياسمين إلي أن ” الدخول في حرب إقليمية أمر غير مستبعد بسبب طول أمد الحرب في غزة و حرب التجويع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني و زيادة التوتر في البحر الأحمر”.
وبحسب الباحثة فإن “الحرب قد تنتهي تدريجيا دون الإعلان الرسمي عنها حيث تتحول استراتيجية الحرب من غزة لتعزيز القوات العسكرية في الشمال مع حدود لبنان”.
وتري أن “اغتيال العاروري منح نتنياهو شرعية جديدة ورفع شعبيته وظهر أنه حقق نجاح كبير و لكن في نفس الوقت فإن نتائج الحرب التي أسقطت عدد كبير من جنود الاحتلال من الصعب تجاوزها و هو في كل الأحوال لن يدوم منصبه و سيحاكم قريبا فور تركه للسلطة”.

أزمة حماس وحزب الله
بدوره يري الباحث والمحلل السياسي المصري محمد يسري أن “مقتل العاروري في قلب العاصمة اللبنانية بيروت، ليس دليلا على إمكانية توسيع دائرة الحرب”.


وقال لوكالتنا ” لا يمكن اعتبار عملية مقتل العاروري دليلا على إمكانية توسيع دائرة الحرب في المنطقة، بقدر ما هي إثارة أزمة جديدة لكل من حماس وإيران وحزب الله في وقت واحد، فقد سبق العملية بأقل من ثلاثة أيام عملية أخرى باقتناص أحد أبز القيادات الإيرانية في مزرعة بالقرب من العاصمة السورية دمشق وثبت أن هذا الشخص “راضي موسوي” كان همزة الوصل بين مكتب خامنئي في إيران وبين الفصائل التابعة للجمهورية الإسلامية في كل من العراق وسوريا ولبنان كالحشد الشعبي وفيلق القدس وحزب الله إذ كان مسؤولا عن إيصال الدعم اللوجيستي لتلك الكيانات والمتعاونين معها في تلك المنطقة الحساسة من الشرق الأوسط.”
وبحسب الباحث “تحاول إسرائيل لفت نظر المتعاطفين مع المقاومة الفلسطينية إلى أن هناك شيئا غامضا بين كل من حماس وأذراع إيران في المنطقة وهو الفخ الذي وقع فيه المتحدث الرسمي باسم الحرس الثوري الإيراني بعد عملية استهداف راضي موسوي وزعمه أن عملية طوفان الأقصى كانت جزءا من الثأر لمقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني في قصف بطائرة مسيرة أمريكية لسيارته على طريق مطار بغداد الدولي رغم مرور ثلاث سنوات على الحادث وأن المنفذ لم يكن دولة الاحتلال”.
وتابع ” تأتي عملية اغتيال العاروري الذي يمثل وزير خارجية حماس لدى إيران وكان من المقرر أن يلتقي في اليوم التالي للعملية حسن نصر الله أمين عام حزب الله، وهو ما يثبت أن الكيان يخترق تلك الشبكة التي تربط بين كل من حماس وإيران فمن أخبر الاحتلال بوجود العاروري في المبني الذي استهدفه القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية في بيروت يماثل من أرشد عن مكان موسوي في ريف دمشق”.
ويعتقد الباحث أنه ” بالتالي فإن هناك رابطا بين العمليتين من حيث الهدف ومن حيث التوقيت رغم نفي حماس علاقة ايران بعملية طوفان الأقصى لكن إلحاح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خلال كلمته الأخيرة على تأكيد ما قالته حركة حماس يشير إلى أن هناك علاقة ولو كانت من بعيد بهذه العملية.”
ولفت إلي أنه ” من المتوقع حدوث بعض العمليات النوعية البسيطة بين كل من الاحتلال وأذرع إيران التقليدية في المنطقة ردًأ على هاتين العمليتين وكذا الاعتداءات الحوثية في البحر الأحمر وليس حربًا واسعة النطاق، لعدم وجود مؤشرات قوية على ذلك”.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

هل تندلع حربا إقليمية..مستقبل الحرب في غزة ما بعد اغتيال العاروري

بقلم د.سامي عمار

قضية القضايا هي وبيت المقدس تاجها، أرضها ارتوت بدماء شهداءها في مشاهد بشعة من الدمار في غزة لتهز مشاعر دول العالم برمته حتى تلك البعيدة عن الشرق الأوسط مثل بيليز وبوليفيا اللتان قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية مع إسرائيل رغم امتناع دول عدة بالشرق الأوسط عن ذات الخطوة واكتفت بالتنديد والتصريحات.

مظاهرات حاشدة غاضبة تندد بقتل المدنيين في ميادين العالم ومواقف وقرارات أممية تعطي زخماً دولياً للقضية الفلسطينية وفرصة يمكن استثمارها لنصرتها، وخسارة لصورة إسرائيل التي استثمرت بها مليارات الدولارات لهندستها في وسائل الإعلام ودوائر صناعة القرار الغربي كدولة ضعيفة ومظلومة ومعتدى عليها من جيرانها الحالمين برميها في البحر على حد ادعائهم!

ويعتبر كل هذا الزخم الذي اكتسبته القضية أحد مكاسب تلك الحرب رغم فداحة الخسائر البشرية التي تجاوزت عشرين ألف شهيد ويشكل الأطفال نصفهم تقريباً وهو ما يشكل أضعاف أعداد الشهداء في مجازر الاحتلال سابقاً والتي كانت تتراوح بين 70 و400 شهيد كحد أقصى وإن كانت صبرا وشاتيلا استثنائية! بل ويتجاوز أعداد ضحايا كافة الحروب التي أشعلتها إسرائيل مجتمعه بما في ذلك حرب ١٩٤٨ التي ورطت العرب في مأزق جيوسياسي كارثي ومزمن يلقي بظلاله علي واقعهم حتي اليوم بوجود اختراع في صورة دولة اخترعتها القوى الدولية بينهم!

ووسط تصريحات الساسة الغاضبة، تمت إزاحة الستار عن البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي الذي ظل سرياً ومحل تساؤل وتشكيك فيما كانت تمتلك إسرائيل سلاحاً نووياً أم لا، فمع تصريح عميحاي الياهو وزير التراث لضرب غزة بالنووي واعتبار مقاتلي حماس والمدنيين لا اختلاف بينهم، بات امتلاك إسرائيل للنووي أخيراً أمراً مؤكداً.

ماذا يحدث إذا قامت دولة فلسطينية في سيناء؟

كما تم فضح مخططات إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية بالدفع بالغزيين نحو سيناء وتوطينهم فيها، تارةً عبر تعمد قصف المناطق الشمالية لغزة لدفعهم باتجاه الجنوب ثم مهاجمة الجنوب لدفعهم نحو سيناء، وتارةً أخرى عبر التلميح بوضع خطة لضح مليارات الدولارات لبناء بنية تحتية ووحدات سكنية وخدمية في سيناء لتأهيلها لبناء دولة فلسطينية فيها وهو الأمر الذي رفضته القاهرة حيث شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على خطورة تصفية القضية الفلسطينية ورفض مخطط التهجير، رغم التصريحات الإعلامية لساسة إسرائيليين بضرورة استغلال الوضع الاقتصادي في مصر وتقديم حزم إغرائية للقاهرة لقبول هذه الصفقة وإنهاء صداع غزة الذي أصاب قادتها ولم تتمكن من علاجه إلى اليوم.

هنا أتساءل، هل ستكتفي إسرائيل بتهجير الغزيين لسيناء، وإذا حدث سيناريو “بناء دولة فلسطينية في سيناء” أو تهجير كل الغزيين لها، لا أستبعد أن تتحول سيناء إلى قاعدة مدججة بالسلاح ومقاتلي المقاومة الفلسطينية بين حماس والجهاد الإسلامي وغيرهم للانطلاق منها بهجماتهم على إسرائيل ومن ثم لن تتردد إسرائيل في الرد ومقاتلتهم والتذرع بهم للعدوان على سيناء واحتلالها من جديد، وستتخذ كل السبل الدبلوماسية وآلاتها الإعلامية في شرق وغرب العالم لتبرير عدوانها على سيناء مثل 67، طالما كانت مطمعاً لها، ولعل واقعة تحرش لسائح الأجنبي في دهب وما تلفظ به أن سيناء أرض إسرائيل فاضحة وكاشفة لنوايا الصهاينة وما يضمرونه تجاه سيناء وما قد يروجون له في أروقتهم ومحافلهم.

وسواء كانت مقولة “إسرائيل من النيل إلى الفرات” خرافة أو مخطط حقيقي ستظل تلك الدولة متمسكة بعقلية وعقيدة أمن ثابتة تتلخص في أن بقاء وقوة إسرائيل رهن فناء وضعف الدول المحيطة بها، فهي كالكبد المزروع في جسد يرفضه، وطالما وقفت دول عتيدة على حدودها سيظل وجودها في تهديد، فمنذ اندلاع الثورة السورية التي تلاها حرب أهلية ضارية، لم تكل الطائرات الإسرائيلية ولم تدخر وقتاً ولا جهداً في قصف المطارات السورية خاصة في دمشق وحلب بحجة وجود وكلاء وأذرع إيرانية بها، بل ويمثل توجيهها لضربة ناجحة في الضاحية الجنوبية لبيروت وقتل صالح العاروري تطوراً استخباراتياً بالغ الأهمية واختراقاً محترفاً للموساد في لبنان وربما بالمنطقة برمتها، وسيعيد له جزء من سمعته أمام شعب إسرائيل خاصة بعد فشله في توقع طوفان الأقصى المفاجئ في ٧ أكتوبر، ولا أتوقع جر لبنان لحرب شاملة مع إسرائيل شبيهه بحرب ٢٠٠٦ نظراً للخسائر الفادحة التي تكبدها اقتصاد إسرائيل والضغوط العالمية لعدم اتساع رقعة القتال خارج غزة.

لذا ستظل عملياتها في العمق اللبناني محدودة ودقيقة ضد قيادات حماس هناك على غرار عملية العاروري، التي اعتبرتها ضربة لإيران أيضاً، والجدير بالذكر أن أغلب دوائر صناعة القرار في الغرب تنظر لحرب غزة أنها حرب بالوكالة مع إيران بسبب تصريحات الأخيرة المدعية أن طوفان الأقصى كان انتقام إيراني لاغتيال قاسم سليماني عام ٢٠٢٠ إلا أن حماس نفت ذلك حتي لا يتبدد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وأنا أؤمن بشدة بأن الربط بين إيران والقضية الفلسطينية يضعف الأخيرة ويفرغها من مضمونها وقد يجعلها حرباً إيرانية – غربية بالوكالة مثل تلك الدائرة باليمن وسوريا، وهو ما قد يبرر استماتة واشنطن في دعم إسرائيل خاصة مع دخول الحوثيين المدعومين إيرانياً علي خط المواجهة وضرب السفن ذات الصلة بإسرائيل بالبحر الأحمر علاوة علي هجمات المسيرات والصواريخ علي جنوب إسرائيل والتي سقط بعضها في سيناء دون إصابة إيلات، وهي الواقعة الأولى بالصراع العربي الإسرائيلي حيث ظلت اليمن خارجه دائماً دون مواجهة إسرائيلية مباشرة.

وأرى أن الدور اليمني أو بالأحرى الحوثي بحرب غزة يعكس مدى تطور المشروع والنفوذ الإيراني بالمنطقة الذي زاد ترابطاً وتنسيقاً واندماجاً فيما بين أطرافه وأذرعه وكأنه بات كيان واحد، بل ويرسم صورة مستقبلية للحروب القادمة التي لن تنحسر داخل رقعة جغرافية محددة، فإذا قامت حرب في غزة أو جنوب لبنان، ستتدحرج كرة النار بالمنطقة بدءاً من باب المندب حتي بيروت بلا شك كما هو المشهد الآن.

ولا يجب النظر للقضية الفلسطينية بعدسة ضيقة كصراع فلسطيني إسرائيلي، بل هناك صورة أكبر كلفت واشنطن وحلفائها أموالاً ووقتاً أكبر لضمان استدامة الاختراع “إسرائيل” في منطقة شديدة التعقيد والوعورة سياسياً وطائفياً.

حقاً هي اختراع استراتيجي قوى وعبقري ومجال استثمار مجدي لمليارات الدولارات الأمريكية كما وصفها جو بايدن في أكثر من مناسبة وهو وصف دقيق ردده الرئيس الأمريكي منذ بداية مسيرته السياسية مؤكداً شغفه بهذا الاختراع وتصريحه بأنه صهيوني، حيث قال أن والده قد أخبره بعدم ضرورة أن يكون الصهيوني يهودياً وإن لم تكن إسرائيل موجودة لاخترعتها أمريكا، ذلك الأمر الذي يطرح تساؤل عن تاريخ والده الكاثوليكي وصلته بالصهيونية واحتفائه بها.

ووفق مقال نشرته جريدة تايمز أوف إسرائيل، فإن عائلة بايدن وتاريخه ممتلئين باليهود، مثل أبنائه الثلاثة المتزوجين من فتيات يهوديات وبالتالي جميع أحفاده يهود.

ويقوم هذا الاختراع بالوظيفة التي اختُرع من أجلها بكفاءة وفعالية وأحيانًا يتجاوز التوقعات كما حدث في ١٩٦٧، َولا يقل قيمةً عن اختراع بريطانيا لسياسة ‘فرق تسد’ في مستعمراتها، ذلك التكنيك الذي مكنها من السيطرة علي المستعمرات الشاسعة لعقود إن لم تكن قرون في بعض الأراضي. ففي إحدى تصريحاته، قال بادين إذا غادرت أمريكا منطقة الشرق الأوسط سيسيطر عليها كلاً من روسيا والصين المنافستان لها وبالتالي تراجعاً للهيمنة الأمريكية علي العالم الذي يمثل الشرق الأوسط قلبه الجيوسياسي الاستراتيجي.

 الخلافة الإسلامية

وفي إحدى تجلياته، وقف نتنياهو أمام خريطة للمنطقة العربية يتحدث عن الخلافة الإسلامية وحدودها الجغرافية، وقيمة تموضع وتمركز إسرائيل استراتيجياً بالمنتصف لتحول دون عودتها ومنع اتصال ووحدة وتكامل تلك الكتلة العربية الضخمة التي إذا اتحدت ستشكل متحدياً ونداً للقطب الأمريكي لا يقل قوة عن الاتحاد السوفيتي.

ذلك الأمر الذي يدفعني للتساؤل هل الخوف من عودة الخلافة أو بالأحرى دولة توحد العرب والمسلمين على غرار الخلافة في نسخة محدثة أمراً شائعاً بين ساسة الغرب! ودافعاً يضمرونه وراء سياساتهم الشرق الأوسطية المضعِفة للدول العربية والاسلاموفوبيا، إنه أمر يستحق البحث والتفكير حقاً!

ففي أوروبا، يتحجج اليمين المتطرف دائماً بخطورة أسلمة الدول الأوروبية إذا لم يتم كبح جماح هجرة المسلمين وانتشار الدعاة هناك، تضيق في هولندا وأخر في ألمانيا وثالث في سويسرا، رغم معاناة القارة العجوز من عوز شديد في القوة العاملة مع انخفاض معدل المواليد وتزايد مواطنيها لأمريكا الشمالية وتزايد المتقاعدين.

إسرائيل.. الاختراع العظيم الذي تجاوز حدود الأهداف التي تم ابتكاره من أجلها والذي تحول لقوة تحتل وتغزو وتثير الحروب الطاحنة وتعيد رسم حدود وخريطة المنطقة كما تشاء،

وتؤكد صحف عالمية كثيرة أنه لم يعد الكثير من ساسة وشعوب العالم ينظرون لإسرائيل بتعاطف كدولة تمت هندستها للم شمل اليهود المضطهدين والهاربين من هولوكوست النازي وتوطينهم في أرض تم نسج أساطير وحجج توراتية لملكية اليهود لها، حيث يرونها مجرد دهان خارجي لاختراع حديث الصنع في مصانع القرار الغربي، والتي طالما استثمرت في صورة المضطهَد المظلوم بل وجنت أرباحاً طائلةً من استعطاف ودعم دول العالم لها لعقود طويلة، ولعل أزمة غزة فاضحة وكاشفة!

وكيف تبدو المنطقة العربية غداً، هل هي على أعتاب صلح عربي إيراني واحتمال تقزم إسرائيلي، أم شرقاً أوسطياً جديداً يلوح بالأفق يكون فيه الاختراع “إسرائيل” في مركزه وعرب منقسمين على هامشه، لكني أراها أرضاً مليئة بالفرص للعرب إذا ما استُثمِرت!

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

هل تقود تهديدات الحوثيين للملاحة المنطقة لحرب إقليمية؟

جاء إعلان الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل قوة عسكرية لحماية الملاحة الدولية على خلفية تعدد الهجمات الحوثي على السفن العابرة بالبحر الأحمر ليثير المخاوف من احتمالية اندلاع حرب إقليمية بالمنطقة..فما احتمالية حدوث ذلك وهل تتحمل المنطقة حربا جديدة ؟

وأعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الثلاثاء 19 كانون الأول خططا لتشكيل تحالف متعدد الجنسيات لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر يسمى “عملية حارس الازدهار”.

وقال أوستن في جولة عبر الشرق الأوسط إن العمليات ستنضم لها بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا.

وجاء الإعلان الأمريكي على خلفية الهجمات المتكررة التي شنتها جماعة الحوثي باليمن على السفن العابرة قرب باب المندب وذلك ردا على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة كما تقول الحوثي، وهو ما دفع عدد كبير من شركات الشحن البحرية لتغيير مسار السفن .

وكانت وزارة الدفاع اليمنية التابعة لجماعة الحوثي قد أعلنت فى 19 تشرين الثاني الماضي أنهم سيستهدفون السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي، والسفن المملوكة لشركات إسرائيلية أو تشغّلها شركات إسرائيلية، بغض النظر عما إذا كانت السفن تحمل أهدافا عسكرية أو لا.

في 9 كانون الأول الجاري، أعلن المتحدث بإسم قوات الحوثيين أنهم يوسعون خططهم للهجوم على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر لتشمل “جميع السفن من أي جنسية” المتوجهة إلى إسرائيل، حتى يُسمح بدخول الغذاء والدواء إلى غزة.

وبحسب تقارير شهدت الأيام الماضية استهداف الحوثي عدة سفن تجارية على متنها طواقم من المدنيين في البحر الأحمر، تضمنت الهجمات إطلاق صواريخ أو مسيّرات على أربع سفن، واحتجاز طاقم سفينة خامسة.

وحذر مراقبون من احتمالية انزلاق المنطقة لحرب إقليمية بعد الإعلان الأمريكي عن تشكيل تحالف عسكري وقوة دولية لحماية الملاحة خاصة حال استمرار الهجمات الحوثية على السفن.

حرب إقليمية

ويري الخبير العسكري المصري حاتم صابر أن “القوة الدولية لحماية باب المندب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلي تأمين حركة الملاحة البحرية وحماية السفن الإسرائيلية أثناء عبورها في مناطق نفوذ الحوثيين”.

وقال لوكالتنا ” التحالف العسكري الجديد قد يجر المنطقة إلي حرب إقليمية علي حدود البحر الأحمر وذلك إذا ما وجهت القوات الدولية ضربات مؤثرة وساحقة لجماعة الحوثي بحراً وبراً باستخدام الترسانة العسكرية لدول التحالف المزمع تنفيذها لعملياتها الحربيه وقد يؤدي إلي دخول أطراف أخري  النزاع مثل روسيا والصين للحفاظ علي مصالحها، وهو ما لا نتمنى حدوثه خلال الفترة المقبلة”.

وأكد الخبير العسكري أن “المنطقة لا تتحمل مثل هذه الحروب خاصة مع استمرار حرب غزة وتوسع دائرة الأطراف المتورطة فيها خاصة مع مشاركة حزب الله فى لبنان وبوادر أزمة على الحدود الإسرائيلية مع الأردن”.

ويعتقد صابر أن “أمريكا قد تضغط على إسرائيل خلال الفترة القادمة وتجبرها على انهاء الحرب ببعض المكاسب النفسية ولكن الشارع الاسرائيلي يعلم جيدا أن بلاده خسرت المعركة ولم تحقق شىء”.

مسؤولية واشنطن

من جانبه يري الكاتب والمحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب أن “دعوة الولايات المتحدة الأميركية لتشكيل تحالف دولي أمر غير قانوني ولن يكتب له النجاح ويجب على واشنطن استخراج قرار أممي من الأمم المتحدة لكي تصبح المشاركة شرعية وقانونية بالتحالف الدولي وإلزامية لجميع الدول”.

وقال لوكالتنا “تحركات الحوثي تهدد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر والمجتمع الدولي وعلى رأسه واشنطن مطالب  ضمان حرية الملاحة في مضيق باب المندب خاصة أن هذه الهجمات تؤثر بشكل كبير علي الاستقرار والأمن في المنطقة”.

وبحسب الباحث فإن “الولايات المتحدة الأميركية تتحمل جزء كبير من  المسؤولية تجاه ما تقوم به جماعة الحوثي خاصة بعد أن نزعت صفة الإرهاب عنها رغم ما قامت به من هجمات تجاه المملكة السعودية ما سمح للحوثي بتعزيز قدراته العسكرية”.

وأكد أبو زينب أن “الولايات المتحدة يجب أن تستبدل عسكرة البحر الاحمر من أجل مصالحها ومصلحة الاحتلال الإسرائيلي بوقف الحرب على قطاع غزة وأن تكون أكثر صرامة مع إيران وميليشياتها في المنطقة” .

أما عن قرار عدم مشاركة المملكة العربية السعودية بهذا التحالف الدولي، فيري الباحث أن “القرار السعودي صائب جدا لان السعودية عملت على تصفير المشاكل لترسيخ الاستقرار في المنطقة و دافعت كثيرا عن الملاحة الدولية، وطالبت عدة مرات المجتمع الدولي بحماية الممرات الدولية، لمنع تهريب السلاح والمخدرات والبشر ، لكن المجتمع الدولي لم يتحمل  المسؤولية لحماية الممرات الدولية التي هي مسؤولية دولية وليست عربية فقط “.

تابعوا الشمس نيوز على جوجل نيوز

تحركات دولية وإقليمية..هل اقترب قطار ليبيا من محطة الحل السياسي؟

تحركات إقليمية ودولية متسارعة تشهدها الساحة الليبية بعد فترة من الجمود السياسي خاصة بعد كارثة إعصار دانيال التي راح ضحيتها الأف اللبيين وأظهرت تأثير الانقسام والخلافات السياسية على البلد التي تزرح تحت حكومتين و3 مجالس حاكمة منذ سنوات.
وشهدت الأيام الماضية، حراك دبلوماسي إقليمي تجاه ليبيا حيث استضافت تركيا رئيس البرلمان عقيلة صالح فى محاولة من الأخير لاقناع تركيا بالتخلي عن حكومة الدبيبة ودعم تشكيل حكومة ليبية جديدة تتولي إدارة ملف الانتخابات المرتقبة.
كما استضافت القاهرة يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، كل من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر، بحضور رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل.
يأت هذا فيما دعت اللجنة الأممية بليبيا لحوار خماسي بين الأطراف الليبية من المقرر عقده يناير المقبل للتوافق على قوانين الانتخابات وتفعيلها، وذلك أملاً في إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال العام المقبل.
ووفقا لمراقبون فإن التحركات الأخيرة فى الملف الليبي تمت بتنسيق مصري تركي وبضغوط أممية خاصة فى ظل دور القاهرة وأنقرة فى الأزمة وعلاقة البلدين بأطراف الصراع، ووجود رغبة ليبية وإقليمية فى التوصل لحل سياسي للأزمة الليبية بعد أكثر من عقد من الصراع خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على غزة.

تأثير حرب غزة
ويري الباحث والمحلل السياسي حكيم بوغرارة أن “تطورات الملف الليبي هذه تعكس وعي كبير لأطراف الأزمة من أجل التحرك بصورة عاجلة لأجل إيجاد تسوية سياسية للأزمة”.
وقال لوكالتنا “الليبيون بعد ما حدث ويحدث فى غزة أدركوا أن العلاقات الدولية ليست بريئة وأن الاختراقات الأجنبية كبيرة جدا وأنه إذا لم يكن هناك تنازلات وتوافقات فإن فالجميع سيخسر والتطورات المستقبلية قد تشهد تصعيدا خطيرا جدا”.

زيارة غير مفاجئة
وأشار إلي أن “زيارة عقيلة صالح لتركيا غير مفاجئة بل كان من المفترض أن تتم منذ فترة طويلة نظرا للاختراق الكبير من جانب تركيا للأزمة الليبية خاصة مع حكومة الدبيبة التي تحظي بالشرعية الدولية”.
ويعتقد الباحث أن ” محور الجزائر تونس والقاهرة أنقرة مهم جدا للمساعدة على تجاوز الأزمة الليبية والتي قطعت أشواطا كبيرة جدا يمكن البناء عليها خاصة أن قوانين الانتخابات والتعديلات الدستورية تقريبا استكملت بشكل كبير من أجل تمكين مسار سياسي والتوجه للانتخابات الرئاسية والتشريعية وإرجاع الكلمة للشعب الليبي لمنح الشرعية لمختلف المؤسسات وبالتالي تتجاوز ليبيا فترة عدم الاستقرار خاصة فى ظل التهديدات الإرهابية فى الجنوب الليبي الذى يطل على منطقة الساحل المشتعلة ناهيك عن بروز موجة كبيرة للهجرة غير الشرعية والإتجار فى السلاح والبشر والكثير من الأزمات المترابطة خاصة بعدما حصل فى النيجر ومالي وبوركينا فاسو”.
وبحسب بوغرارة فإن “كل هذه المعطيات فرضت على أطراف الأزمة الليبية البحث عن مخارج جديدة فى ظل انسداد وفشل كل المحاولات للتقريب بين الفرقاء الليبين فى مراحل سابقة، وعليه فإن تحرك الداخل الليبي واستعداد دول طوق ليبيا للمساعدة خاصة بعدما حدث فى غزة وتيقن الفرقاء الليبين أن العلاقات الدولية لم تكن تؤتمن وأن السيناريو يمكن أن يتكرر فى أى دولة إذا لم تسرع فى إيجاد حلول فيما بينها”.

إعادة التموضع
وبحسب د.نبيل كحلوش الباحث في الدراسات الاستراتيجية “تندرج زيارة عقيلة صالح إلى تركيا في إطار محاولات إعادة التموضع الجديد بعد تأجيل الانتخابات التي كانت من المزمع إقامتها قبل مدة”.
وقال لوكالتنا ” أن تأجيل الانتخابات وكذا آثار كارثة الفيضانات قد أخر “الزمن السياسي” لليبيا. بل وقد أخذت خفت حتى بريق الحالة السياسية في الإعلام بعد كل من حرب أوكرانيا وكذا الحرب في فلسطين مما جعلها بدون أي أهمية نظرا لسطحية الملفات العالقة مقارنة بالملفات الدولية الأخرى”.
ويري كحلوش ” أن زيارة صالح لن تؤثر كثير على الوضع في الداخلي الليبي لأن أقصى ما يمكن أن تفعله تركيا حاليا هو الإتفاق مع رئيس مجلس النواب بتوجيه عدد من الشركات التركية وبالأخص في مجال البناء للإسهام في جهود إعادة الإعمار، أما عن حكومة الدبيبة فرغم أدائها السياسي المتذبذب إلا أنها لا زالت توصف بالحكومة الشرعية وهذا استنادا إلى الشرعية الدولية.”

وأشار إلي أن “ما يجب إدراكه من الناحية الاستراتيجية هو إن استقرار ليبيا قد يمكن من إطلاق مشاريع طاقوية نحو أوروبا، تلبية لحاجاتها التي تضررت بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، لافتا إلي أن ذلك سيتصادم مع الطموحات الإسرائيلية التي تريد مد خطوط الغاز من عسقلان الفلسطينية نحو قبرص ثم اليونان ثم إلى قلب الاتحاد الأوروبي، فلذلك فإن الليبيين أمام فرصة تاريخية لإعادة الاستقرار لدولتهم واستغلال الأزمة الحرجة التي يمر بها الكيان الصهيوني.”

وحول الاجتماع الذى استضافته القاهرة بحضور حفتر وعقيلة صالح والمنفي، اعتبر الباحث أن “الاجتماع في القاهرة بحضور هذه الشخصيات يمكن قراءته أنه تنظيم للصف الموالي للقاهرة من أجل صيانة المصالح المصرية في ضوء المتغيرات المقبلة”.
ويعتقد أن “هذا في الواقع لن يتعلق كثيرا بتحريك المياه الراكدة التي لم تتحرك منذ 2011. مما يعني أن الغياب المؤسساتي للدولة الليبية سيحتاج المزيد من الجهود الأممية حتى تتحقق النقلة السياسية”.

Exit mobile version